يمثّل 25 أبريل - يوم الملاريا العالمي - مناسبة للاعتراف بالجهود التي تُبذل على الصعيد العالمي من أجل مكافحتها بفعالية . وهو مناسبة أمام البلدان في الأقاليم المتضرّرة لاستخلاص الدروس من تجارب البلدان الأخرى ودعم بعضها البعض في ما تبذله من جهود ؛ وأيضاً أمام الجهات المانحة الجديدة للانضمام إلى شراكة عالمية لمكافحة الملاريا ؛ ومناسبة أمام مؤسسات البحث والمؤسسات الأكاديمية لتبيان إنجازاتها العلمية للخبراء وعامة الناس على حد سواء ؛ وكذلك أمام الهيئات الشريكة الدولية والشركات والمؤسسات لإبراز جهودها وبلورة أساليب تعزيز النُهج التي أثبتت فعاليتها. تأتي هذه المناسبة وعدن تعاني - مع أخواتها محافظات الجنوب - من أسوأ الأوضاع الصحية ، لاسيما انتشار الأمراض التي ينقلها البعوض الذي يتكاثر في عدن والمدن المجاورة بسبب فيضانات مياه المجاري إلى شوارع وأزقة المدن نتيجة عدم قيام السلطات الرسمية بمهامها . والبعوض لا ينقل الملاريا فقط ، بل ينقل أيضاً الكثير من الأمراض الخطيرة المنتشرة في هذه المنطقة .
فازدهار البعوض وتفشي الأمراض المعدية ، ليس إلا جزءاً من الإهمال الشامل لهذه المنطقة التي أصبحت معزولة عن البرامج الصحية التي تقدمها منظمة الصحة الدولية لكافة شعوب العالم . وتأتي هذه المناسبة والملاريا وغيره من الأمراض التي ينقلها البعوض قد حصدت العديد من أرواح سكان عدن وعلى الأخص الأطفال والشيوخ والحوامل ؛ ولا يزال يهدد معظم سكان المحافظات المجاورة وعلى الأخص الفقراء منهم .
ومرض الملاريا هو أحد الأسباب الرئيسية للموت في العالم ، وهو عبارة عن عدوى ناجمة عن طفيلي يوجد في لعاب أنثى البعوض من نوع الأنوفيليس المصابة عن طريق لسعها لجسم الإنسان فيتغلغل الطفيلي في مجرى الدم ، ثم ينتقل معه ليصل الى الكبد ، وهناك يمر بالعديد من الانقسامات داخل خلايا الكبد ، وفي نهاية الأمر تستمر هذه الانقسامات في الحدوث في كريات الدم الحمراء فيؤدي إلى تدميرها وإطلاق مواد سامة إلى مجرى الدم ، وهذه المواد تسبب حدوث رد فعل مناعي ، وبالتالي تؤدي لظهور أعراض الملاريا .
وبالرغم من وجود أنواع معينة من طفيليات الملاريا التي بإمكانها أن تبقى في الكبد في حالة سبات ، دون أن تسبب ظهور أعراض مرضية لأشهر وحتى لسنوات من لحظة التعرض للسعة البعوض ، فإن الأكثر انتشاراً في بلدنا الجنوب وبلدان أفريقيا هو النوع الذي يوصف بالخبيث ويسبب ظهور أعراض فورية بعد مرور أسبوع إلى أسبوعين .
أعراض ومضاعفات الملاريا وخطر غياب برنامج المكافحة :
قد تظهر أعراض الملاريا خلال الأسبوعين من لحظة التعرض للطفيلي فيذهب المريض لزيارة أكثر من عيادة تخصصية نتيجة تشابه أعراض المرض مع الأعراض المصاحبة للأنفلونزا أو أمراض المفاصل أو الجهاز الهضمي أو الدوري أو العصبي أو غير ذلك ، لكن شكلها الغالب هو الحمى والرجفة التي ترافقهما القشعريرة ، وانخفاض مفاجئ بدرجة الحرارة يمكن أن يترافق مع تعرق شديد . أو صداع وتعب غير مبررين ، وأيضا آلام في العضلات والبطن وصعوبة في الهضم وغثيان وتقيؤ ، والشعور بالإغماء عند الجلوس أو الوقوف السريع .
وتزيد الخطورة إذا لم يتم تشخيص المرض في الوقت المناسب ، ولم يتم إعطاء الدواء في الوقت المناسب ، فقد تتفاقم حالة المريض وربما تقود مضاعفات المرض إلى تأخر معرفة سببها ، مثل : تلف الأنسجة الرخوة في الدماغ ، مما يؤدي إلى الإفراط في النوم ، فقدان مؤقت في الوعي ، وقد يصل الأمر إلى الغيبوبة ، واحتقان السوائل في الرئتين وفشل كلوي وفقر دم خطير فيصبح لون بشرة وجه المريض ومناطق أخرى في الجسم صفراء ، مع انخفاض نسبة السكر في الدم . وقد يعود خطر حدوث هذه المضاعفات وغيرها – بما فيها الموت – إلى تأخر التشخيص والعلاج بسبب غياب برنامج مكافحة الملاريا .
تشخيص الملاريا :
يتم التشخيص عن طريق التاريخ الطبي للمريض (خاصة إذا تواجد بالمناطق المعروفة بكثرة الإصابات بالملاريا) ، والأعراض التي يشعر بها المريض . ويمكن بالفحص الجسدي الكشف عن تضخم الطحال (هذه الظاهرة معروفة بأنها احد علامات الملاريا) . يمكننا فحص الدم البسيط من الكشف عن وجود الطفيلي في الدم . وبالإضافة إلى ذلك ، يجب فحص القدرة على تخثر الدم ، مستوى الصفائح الدموية وكريات الدم الحمراء ، ووظائف الكبد والكلى .
فإذا كان لدى المريض أعراض شبيهة بأعراض الأنفلونزا وكان قد تواجد في المناطق المعروفة بكثرة الإصابات بالملاريا وتعرض للسع البعوض لكن الفحوصات لا تدل على وجود طفيلي الملاريا بدم المريض ، عندها يجب إجراء الفحوصات 3-4 مرات إضافية من اجل التأكد من أن المريض غير مصاب بالملاريا .
علاج الملاريا :
ليست كل الأدوية فعالة بنفس الدرجة ، ولكن قسما من الأدوية ناجعة في الوقاية من مرض الملاريا وعلاجه ، كما انه توجد بعض الأدوية التي لا يوصى باستعمالها اليوم . يتعلق نوع الدواء الذي يجب أن يتلقاه المريض بنوع الملاريا ، وبوجود المضاعفات من عدمها . ومعظم الأدوية المعتمدة من منظمة الصحة الدولية تمكن من السيطرة على أعراض الملاريا . لكن ماذا عن الأدوية المصنعة في اليمن ؟!.
الوقاية من الملاريا :
استطاعت بعض دول العالم تطبيق مفهوم "الوقاية خير من العلاج" بشكل نموذجي ، فتخلصت نهائياً من المرض بإتباع الطرق والوسائل العلمية لمحاصرة المرض في كل مراحله لدى المصابين والبعوض الناقل له . إن مكافحة البعوض هي الأسلوب الرئيسي للحدّ من الملاريا على صعيد المجتمع ، حيث تكفل بخفض سريان المرض من مستويات عالية للغاية إلى مستويات قريبة من الصفر . أمّا بالنسبة للأفراد ، فإنّ الحماية الشخصية من لدغات البعوض تمثّل خطّ الدفاع الأوّل للوقاية من المرض . وفي بعض الحالات يؤخذ دواء وقائي عند السفر إلى مناطق موبوءة . وتتدخل السلطات - بمساعدة البرنامج العالمي لمكافحة الملاريا – من خلال تدخلان رئيسيان يضمنان مكافحة البعوض مهما تنوعت الظروف ، هما :
(1) توزيع الناموسيات المعالجة بمبيدات الحشرات المديدة المفعول في إطار برامج الصحة العمومية ذات الصلة ؛
(2) الرشّ بمبيدات الحشرات في الأماكن الداخلية بما لا يقلّ عن 80% من المنازل في المناطق المستهدفة . ويضمن هذا الرشّ فعالية لفترة تتراوح بين 3 و6 أشهر ، حسب المبيد المستخدم ونوع المسطحات التي يتم رشّ المبيد عليها .