في مثل هذه الايام اسعد يا ولدي بسعادتك عندما ارى فرحة العيد في عينيك وانت ممسك بأضحيتك بكلتا يديك تداعبها وتداعبك وتطعمها مما طعمت وتسقيها مما شربت وتقلد صوتها وحركتها وتمتطي ظهرها وتسابقها فتسبقك وهكذا تقضي نهارك سعيدا فاسعد بسعادتك وفي الليل اسامرك ، واقص عليك حُلم ابراهيم وولده اسماعيل عليهما السلام ، واتمنى ان اكون من امة ابراهيم ، وانت ببر والديك كإسماعيل ، وكيف فداه الله بذبح عظيم ، واظل اروي لك قصة الحَجَر والحِجْر والمقام حتى تغفو عيناك وتنام ، اما يا ولدي في هذه الايام ، انا اتوارى عنك خجلا والما ، حتى لا تسألني اين يا بابا اللبس الجديد ؟ اين يا ابي خروف العيد ؟ اليس هذا عيد الاضحى السعيد ؟ كيف اعتذر لك ؟ وماذا اعيد ؟ ونظرات العتاب في عينيك تذيب القلب الحديد . يا ولدي لصوص وطني سرقوا منك فرحتك ، كما سرقوا مني رجولتي وحريتي وحلمي ، يا ولدي لصوص وطني سرقوا ما في جيبي ، سلبوا مني ثمن كبشي ، كدروا عليك وعليّ عيشي ، يا ولدي لا تلح علي بالسؤال فيفر الدمع من عيني ، ودمع ابيك عزيز ، لم يذرف دمعة على اخيك الشهيد ، لكن سيبكيه القهر وعيش العبيد ، وبالنظر حولي يهدأ روعي وروع ابني ، ان الكل مثلي ، فاسترق السمع وانا امشي في الحارات ، فلم اسمع عند الجار ذي القربى والجار الجُنب والصاحب بالجنب صوت رغاء ولا خوار ولا مأمأة ولا ثغاء ولا ركز انعام ، فالكل كحالي اما يتيم او مسكين او صار في وطنه ابن سبيل ، فقلت في نفسي عسى الله يهدي خطيب عيدي ، فيغير المعادلة من الدعاء الى المباهلة ، فيدعوا ابناءنا وابناءهم ، ونساءنا ونساءهم ، وانفسنا وانفسهم ، ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين الظالمين ، الذين وعدونا بأيام قادمات سعيدات ، واذا بهم يذيقونا اياما نحسات ، تترع بالنكسات والحسرات ، فنركض في الارض مهاجرين ومهاجرات ، فسرقوا فرحة أطفال اليمن ، كما سرقوا مني سابق عزي وجاهي.