ما أجمل أن تكون كرة القدم منصفة وعادلة..والأجمل بأن يكون مسك الختام الظفر بالبطولة في نهاية المطاف .. ماذا سأكتب ..وعن ماذا سأتحدث فما قدمه العملاق البافاري بايرن ميونيخ في هذا الموسم شيء مذهل ولا يصدق إذا ما قارناه ببدايته المتعثرة...لقد تعطل وتفرمل العالم أجمع بسبب فيروس كورونا إلا الماكينات البافارية لم يصبها ما أصاب العالم حيث واصل البايرن صحوته القوية ليقدم أفضل وأروع موسم له على الإطلاق... ما حققه البافاري شيء خارق وخرافي ..إنجاز برسم الإعجاز..وهذه عادة الألمان على مر الزمان..لم يكن أحد يتوقع هذه الإنتفاضة الكروية للبايرن فمع مرور عشر جولات من الدوري الألماني كان البايرن يقبع بالمركز الرابع.. وكان لاعبوه مجرد أشباح تلعب بعشوائية على أرضية الملعب..فريق لا يمتلك الروح وليس لديه طموح ..!! حتى أتى المحظور فتلقى الفريق هزيمة قاسية ومذلة من فريق فرنكفورت قوامها خمسة أهداف مقابل هدف وحيد مع الرأفة..!! تلك الهزيمة النكراء دقت ناقوس الخطر وبقوة فوصل صداها في كل أرجاء مقاطعة بافاريا معقل العملاق بايرن ميونيخ.. لقد كانت إقالة المدرب كوفاتش أول القرارات المهمة وتعيين مساعده هاينز فليك خلفاً له وبشكل طارئ حتى البحث عن مدرب أخر هي الشرارة التي أعادت للبايرن شيأً من الكبرياء المهزوز ... فليك الذي أستلم تركة ثقيلة وفريق يعاني جعل الجميع يراهن على فشله..ولإن فليك يؤمن بنفسه وبقدرته على إنتشال الفريق من الفوضى التي خلفها كوفاتش وكذلك يعلم علم اليقين بأن الفريق يمتلك عناصر شابه وممتازة ولكنها لم تجد المدرب المناسب الذي يستطيع توظيفها بالشكل الصحيح والسليم..!! لذلك لم يلتفت للخزعبلات التي توقعت فشله الذريع وشرع على الفور بترميم ما خربه كوفاتش ..وحيث إن فليك مدرب ذكي والذكاء فقط غير كافي للنجاح وحده ولكن بحكم قربه من الفريق فهو بلاشك على دراية ومعرفة كاملة عن أسباب تراجع المستوى الفني للفريق ويعرف مكامن الضعف فعمل على تقويتها وتعزيزها بشكل أفضل..!! مع خوض المباريات بدأت تظهر بصمات فليك وبدء الفريق البافاري بالتعافي تدريجياً وتمكن من تحقيق نتائج رائعة خلال فترة بسيطة من تولي فليك قيادة الفريق حيث لم يكتفي بالفوز العادي فقط ولكن فوز مع المتعة والإقناع.. ما قام به المدرب فليك وما أحدثه من تطور وظهور البايرن بتلك القوة والهيبة محلياً وقارياً وفي فترة زمنية وجيزة يعتبر وبحق شيء مذهل وأسطوري فلقد أستطاع غرس الثقة وإعادة الروح للفريق مجدداً وتمكن من إستخراج الطاقة الكامنة في جسد كل لأعب وتسخيرها لخدمة الفريق وهذا ماشاهدناه من خلال تألق جميع اللأعبين دون إستثناء فظهر البايرن بتلك الصورة الجميلة والمثالية.. قد لا أكون أبالغ إذا قلت بأن فليك هو أفضل مدرب بالعالم حالياً فمن مدرب طوارئ لفريق متذبذ بالمستوى أتى من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه ليتحول بعد ذلك إلى مدرب يدخل مع فريقه تأريخ دوري أبطال أوروبا من أوسع أبوابه وذلك من خلال تحقق ثلاثية تأريخية وللمرة الثانية هذا الإنجاز لم يسبقه في ذلك سوى برشلونة.. يتجلى روعة هذا الإنجاز وتكراره للمرة الثانية بأن سيد دوري الأبطال ريال مدريد لم يستطع تحقيق ذلك..فالثلاثية كانت ومازالت عصية على النادي الملكي حتى الآن..!! المثير بالأمر بأن اللاعبين الذين لم يستطيعوا تحقيق سوى خمسة إنتصارات من أول عشر مباريات في بداية الدوري هم أنفسهم لم يستطيع أي فريق إيقافهم فيما بعد..!! منذ أن أنطلق القطار البافاري بقيادة المحنك فليك لم يتجرأ أحد على إيقافة أو عرقلة مسارة وبالرغم من سرعته المذهلة لم يخرج عن سكة الإنتصار بل دهس في طريقة كل فريق ساقته الأقدار لمقابتله ولم توقفه أي محطة مر بها فواصل المسير وعذب كل من يقف أمامه من دون رحمة وبنفس الإندفاع والعنفوان حتى الوصول إلى خط النهاية ليسطر هذه الملحمة وهذا الإنجاز بأسطر من ذهب في سجل دوري الأبطال كأول فريق يحرز اللقب بالفوز في 11 مباراة متتالية ولم يكتفي النادي البافاري بذلك فمهاجمه الكبير والخطير ليفاندوفيسكي أصبح كذلك أول لأعب بتأريخ دوري أبطال اوروبا يحقق لقب الهداف في الثلاثية..فهو هداف الدوري والكأس بالمانيا وهداف دوري الأبطال بنسخته الأخيرة..!! لقد تعرض ليفاندوفيسكي للظلم الواضح والمتعمد من الفيفا بحجب جائزة أفضل لأعب بالعالم هذا السنة بحجة جائحة كورونا وهذا عذر أقبح من ذنب لسبب بسيط وهو إن المنافسات الكروية تم إستئنافها مجدداً..إذن فما هو السبب الحقيقي لحجبها هذا العام..؟! هل ياترى بسبب هبوط وتراجع مستوى ميسي والدون..!! هذه الواقعة تتكرر وللمرة الثانية للأعبين بايرن ميونيخ فالكل يتذكر جيداً عندما حقق البايرن الثلاثية موسم 2013م كيف تم حرمان اللأعب ريبيري من جائزة أفضل لأعب في العالم..هذه الجائزة التي تخضع بالدرجة الرئيسية للمحاباه والبزنس لذلك فوجوه لاعبين البايرن لا تصلح للإعلانات الخاصة للببيسي والشامبوهات وكريمات ترطيب البشرة (نيڤيا)ولهذا سيظل لاعبو بايرن ميونيخ بعيدين عنها حتى يتغير اللوبي الفاسد في الفيفا الذي يصدر صكوك من هو اللاعب الأفضل بالعالم حسب مزاجهم وليس حسب المجهود الذي يقدمه اللاعب طوال الموسم..!! لقد قدم لنا فريق بايرن ميونيخ نموذج مبهر يستحق بأن يدرس حول كيفية دوران عجلة التغيير ورفد الفريق بالعناصر الشابه بكل هدوء ودون ضجيج وكيفية تجنب حدوث أي إختلال في منظومة الفريق ككل.. الهزة التي رافقت الفريق بداية الموسم كانت بسبب سوء أختيار المدرب ليس إلا والدليل على صحة كلامي هو ما فعله المدرب هاينز ديتر فليك الذي قدم لنا فريق محترم ومنضبط يلعب بفكر عالي ومنظومة رائعة.. فريق يبدع.. يمتع .. يبهر.. في نسخة إستثنائية ونادرة جعلت من بايرن ميونيخ يتربع على عرش الكرة الأوروبية كملك متوج بلإ منازع لعام 2020م..