حفلت الصحف البريطانية بتغطيات واسعة للقضايا الشرق الأوسطية ولعل من أبرز ما تناولته احتمال تسليح واشنطن للمقاتلين السوريين بالأسلحة الفتاكة وتحليلا بشأن الأزمة السورية وزيارة الدولة التي قام بها رئيس الإمارات، الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، إلى بريطانيا. نستهل هذه الجولة بصحيفة الإندبندنت التي نشرت مقالا تحت عنوان "الإيمان بجيش المتمردين يجعل أوباما يقترب من تسليح المعارضين".
تقول الصحيفة إن إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما تدرس خيار إمداد المقاتلين السوريين بالأسلحة الفتاكة بعدما أحجمت عن ذلك مخافة وقوع تلك الأسلحة في يد المجموعات الإسلامية المتشددة.
لكن الاتصالات مع المعارضة السورية في الآونة الأخيرة جعلت البيت الأبيض أكثر ثقة في بعض المجموعات المسلحة، كما أن الأدلة الأولية بشأن احتمال أن يكون النظام السوري استخدم الأسلحة الكيماوية جعلت واشنطن تفكر في تغيير سياساتها السابقة.
وتضيف الإندبندنت نقلا عن صحيفة الواشنطن بوست الأمريكية أن بالرغم من عدم وضوح نوع الأسلحة التي يمكن أن تزود بها واشنطن المسلحين، فمن المرجح أن يتخذ أوباما قرارا بتسليح المعارضة السورية قبل لقائه المقرر في يونيو/حزيران المقبل مع الرئيس الروسي فلاديمر بوتين، وهو حليف رئيسي لنظام الأسد.
وتقول الصحيفة إن العنف المتزايد في سوريا يضغط على الإدارة الأمريكية حتى تغير سياستها حيال سوريا وبالتالي الاضطلاع بدور أكبر في النزاع السوري الذي يتيح لها الاقتراب من حليفتيها السعودية وقطر.
لكن إدارة أوباما، تقول الصحيفة، تظل حذرة في التعامل مع الأزمة السورية، ومن ثم تواصل المضي في ارتياد السبل الدبلوماسية إذ من المتوقع أن يزور وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، موسكو في أوائل الأسبوع المقبل.
البقاء في السلطة أثبتت الحالة السورية أن جميع السيناريوهات المتشائمة تحققت على أرض الواقع
ونبقى مع الشأن السوري إذ تحت عنوان "قدرة الأسد اللافتة على البقاء في السلطة"، تقول الغارديان في تحليل لها إن الأسد أثبت أنه أكثر مرونة مما تصور العديدون.
وتضيف الصحيفة أن المحللين والمعلقين أنفقوا السنتين الماضيتين في محاولة فهم المشهد السوري الذي يتسم بالدعاية والأوهام وقدر كبير من التفكير الرغائبي أي رسم سيناريوهات لم تتحقق في نهاية المطاف.
واتضح أن الرئيس السوري له حلفاء أوفياء وأقوياء كما قال زعيم حزب الله، حسن نصر الله، الثلاثاء، وهم مستعدون للوقوف إلى جانب "محور المقاومة" ولن يسمحوا بسقوط الأسد.
ويمضي التحليل قائلا إن الحالة السورية أثبتت أن جميع السيناريوهات المتشائمة تحققت على أرض الواقع من قبيل المجازر وتزايد أعداد اللاجئين في الأردن وتصاعد التوترات في لبنان والعراق واستخدام الأسلحة الكيماوية وخطر اندلاع نزاع مع إسرائيل.
وتتابع الصحيفة قائلة إن الدبلوماسية في الحالة السورية مغيبة إذ لا أحد يعتقد في إمكانية إيجاد حل متفاوض عليه للأزمة. ومن ثم، فإن سوريا تتعرض للتدمير.
ومن الخطأ وصف المزاج العام في دمشق بأنه يبعث على التفاؤل لأن التوتر والخوف أصبحا سيد الموقف لكن مع ذلك ترى الدوائر الحكومية السورية أن الحجج التي طالما روجتها منذ بداية الثورة في البلد أخذت تؤتي أكلها.
لقد أصر الأسد منذ البداية أنه لا يواجه ثورة شعبية مطالبة بالديموقراطية وإنما "عصابات إرهابية مسلحة" تمولها السعودية وقطر ويفترض أنها متحالفة مع الولاياتالمتحدة وتركيا وإسرائيل.
وتقول الصحيفة إن جوانب من هذا الكلام صحيحة بعض الشيء شأنها شأن الخطاب الدعائي الناجح في حين تعتبر جوانب أخرى خاطئة بشكل صارخ.
وتواصل قائلة إن السوريين يشيرون إلى أن عائلة الأسد استعدت للتعامل مع هذه الأزمة منذ عقود إذ إن الرئيس والمقربين منه يتحدثون عن أنهم يقاتلون من أجل إنقاذ البلد وعن الانتخابات الرئاسية المقررة في مايو/أيار 2014 لكن، تقول الصحيفة، هذه المعطيات تثير الخوف من أن الأسوأ لم يأت بعد.
سياسة المسار المزدوج تقول الفاينانشال تايمز إن اتخاذ موقف حاسم فيما يخص حقوق الإنسان يمكن أن تكون له عواقب وخيمة على الصادرات البريطانية
نشرت صحيفة الفاينانشال تايمز مقالا تحت عنوان "سياسة المسار المزدوج لكاميرون والموازنة بين اعتبارات حقوق الإنسان ومتطلبات التجارة".
تقول الصحيفة إن اتخاذ موقف حاسم فيما يخص مجال حقوق الإنسان يمكن أن تكون له عواقب وخيمة على الصادرات البريطانية.
ويضيف الكاتب أن رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، وضع سياسة خارجية خلال السنوات الثلاث الماضية من عمر ولايته الانتخابية تقوم على دعم الصادرات البريطانية في هذه الأوقات الاقتصادية العصيبة.
لكن رئيس الوزراء، كما تقول الصحيفة، كان حريصا على إبراز مجال آخر لا ينسجم أحيانا مع متطلبات التجارة: ألا وهو الرغبة في الحديث بصراحة عن انتهاكات حقوق الإنسان في الدول الأخرى، ولاسيما في منطقة الشرق الأوسط.
وتمضي الصحيفة قائلة إن صعوبة التوفيق بين هذه السياسات المتعارضة أمر واضح كل الوضوح في ظل زيارة الدولة التي يقوم بها رئيس الإمارات العربية المتحدة إلى بريطانيا في بحر الأسبوع الحالي.
وفي هذا الإطار، أشاد كاميرون بالمزايا التجارية التي يتيحها بناء علاقة قوية مع الإمارات، ومن ضمنها فوز شركة شل البريطانية-الهولندية للنفط بصفقة قيمتها مليارات الجنيهات الإسترلينية بهدف تطوير حقل نفطي مع شركة النفط الوطنية في أبوظبي.
لكن كاميرون عندما اجتمع مع الشيخ خليفة ألح على ضرورة إجراء الإمارات "تحقيقا كاملا ومستقلا" في المزاعم القائلة بأن ثلاثة بريطانيين تعرضوا للتعذيب من قبل شرطة دبي.
وتواصل الصحيفة أن كاميرون اضطر لتشديد خطابه في مجال حقوق الإنسان بعدما تعرض لانتقادات حادة في عام 2011 بسبب قيادته مهمة تجارية إلى منطقة الخليج في أوائل الثورات العربية شملت شركات بريطانية متخصصة في شؤون الدفاع.
وتضيف الصحيفة أن كاميرون أصبح منذ ذلك الوقت أحرص على إثارة قضايا حقوق الإنسان مع الحكومات الأجنبية حتى لو انعكس ذلك سلبا على الفرص التجارية لبريطانيا. وأبرز مثال لافت على ذلك هو توتر العلاقات مع الصين بعد لقائه الزعيم الروحي للتبت الدلاي لاما.
وتتساءل الصحيفة إن كانت سياسة المسار المزدوج التي ينتهجها كاميرون أي اقتناص الفرص التجارية وإثارة القضايا الشائكة في مجال حقوق الإنسان منسجمة وتؤتي أكلها؟
وتنقل الصحيفة عن أحد الخبراء قوله إن الثورات العربية تسببت في صعوبات حادة بالنسبة إلى كاميرون.