قال الرئيس الأمريكي دونالد ترمب امس الجمعة أثر إعلانه عن الاتفاق الثلاثي الهاتفي الذي جمعه مع رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وعاهل مملكة البحرين حمد بن عيسى ان الشرق الأوسط يشهد في الفترة الأخيرة احداثاَ هي أغرب إلى الخيال وهو يشير بذلك إلى هرولة حكام الانظمة العربية للتطبيع مع العدو الإسرائيلي وتبادل العلاقات الحميمة معه دونما اي اعتبار للمبادئ والقيم والأهداف التي قام عليها النظام العربي القديم ولا حتى من حيث الشكل لما يجمعهم مع الشعب الفلسطيني من وشائج القربى والدم والنسب ومن نسيج اللحمة العربية الواحدة والمصير المشترك الذي ظلوا يتغنون به طوال ما يقارب الثمانين عاماََ من تاريخنا الحديث والمعاصر وليس كل ذلك فحسب بل ويضاف اليه عدم اعطائهم اي اعتبار ولا بأي مظهر كان لقرارات القمة العربية التي اقروها ومنها المبادرة العربية للسلام التي اقرت في قمة بيروت عام 2002م وظل التأكيد مستمراَ في كل القمم اللاحقة بل وشكلت لجنة خاصة فيها للمتابعة. الرئيس ترامب ذاته عراب صفقة القرن الخاصة بتصفية القضية الفلسطينية والتي صممها ويشرف على تنفيذها صهره العزيز ومستشاره اليهودي الأمريكي جاريد كشنر وهو يعبر عن ما يحدث بكونه أغرب من الخيال إنما يعبر بصدق عن فداحة السقوط للنظام العربي وعن الثمن البخس بل المعدوم الذي يتلقاه الحكام العرب مقابل خطوات التصفية المتتالية لاعدل قضية في التاريخ البشري كما يتوهمون. كنا نقول بالأمس ان العرب لا يمتلكون مشروعاَ قومياَ يدخلون به حلبة التنافس الإقليمي مع المشاريع الأخرى المتنافسة وهي تحديداَ المشروع الصهيوني والمشروع التركي والمشروع الإيراني اما اليوم فإن العرب يفقدون الهوية والانتماء والروابط والمصير المشترك جملة واحدة لصالح المشروع الصهيوني وحده ومما يبعث على الحزن والأسى ان دول التطبيع التي هي نفسها ما يسمى بدول محور الاعتدال العربي تهنأ بعضها البعض بخطوات التطبيع بحجة ان تلك الخطوات تصون حقوق الشعب الفلسطيني وتحيي عملية السلام وهذا من جهة اما من الجانب الآخر فتدعي ان القيادة الفلسطينية هي اول المطبعين والبائعين لقضيتهم ناسين ان دولهم وحكامهم على وجه التحديد هي من دفعت القيادة الفلسطينية إلى طريق التخلي عن المقاومة المسلحة ثم تخلت عنها وتركت الزعيم التاريخي لفلسطين ورمز ثورتها وقضيتها ياسر عرفات يلاقي مصيره المحتوم على يد اعدائه في واحدة من اسود الصفحات التي سجلها أشقاء في حق شقيقهم في ظل أجواء من العجز والتخلي عن الواجبات وكان ذلك هو البداية والخطوة الأولى لتصفية الانظمة الوطنية العربية وحكامها الرافضين الاعتراف بإسرائيل والتطبيع مع العدو الصهيوني والتخلي عن القضية المركزية فكان غزو العراق واحتلاله عسكرياََ وأعدام الرئيس صدام حسين صبيحة عيد الأضحى المبارك وبمجرد ان هدأت المقاومة العسكرية للاحتلال الأمريكي نسبياَ حتى شرعت الصهيونية العالمية في استكمال مخططاتها بتدمير النظام العربي من خلال امتطاء واختراق ما سمي بثورات الربيع العربي التي عصفت بحكام كل من تونس ومصر وليبيا وزجت بسوريا في اتون حرب إرهاب كونية واليمن وكل هذا قد مهد لملامح الوضع والمرحلة الحالية التي بلغ فيها الانقسام حدود لم يبلغها من قبل انهارت فيها السقوف والجدران التي كان أبناء الأمة العربية يعتقدون انه بيت كبير ونظام إقليمي يأويهم. وفيما يندفع قطار التطبيع مع اسرائيل من ضفاف الخليج العربي فقد تعسرت خطة الصهيونية العالمية في تصفية القضية الفلسطينية على حدود كل من لبنان وسوريا وغزة هاشم التي تقاوم وترفض الانخراط في صفقة العصر وتتبنى نهج المقاومة المسلحة والشعبية الملتحمة بالجيش والنظام مما يرشح هذه المنطقة لأن تكون ساحة صدام عسكري دولي مهول لا تستطيع الدويلة اللقيطة في فلسطينالمحتلة ان تصمد في خضماتها العاتية. الشعب العربي الفلسطيني المقاوم هو العامل الرئيس المقاوم والمقرر وتكمن قوته الجبارة في عدالة قضيته وكونه قابض على جمرات الحق وهو في هذا الميدان أقوى من كل أنظمة ودول وحكام التفريط والهرولة والانبطاح الذين يتعللون بالسلام وارساء مداميك السلام كتمهيد لعصر من البناء والتنمية الرفاه في المنطقة فيما هم في حقيقة الأمر وبكل جرأة للوقاحة يعدون لعصر اكثر هولاََ من الحروب ضد الأشقاء من دول الجوار العربي وفداء لك يا اسرائيل الممتدة من المحيط إلى الخليج . هذا والله من وراء القصد وهو نعم المولى ونعم النصير وله عاقبة الأمور كلها.