أشتاق وأودُ أن أعود ،أي الى قبل سنوات، عندما كنتُ كالكلاب كالحيوانات وكالقطط لا أفكر بشيء، لا أعجنُ رأسي بالأُمنيات، بِبناء مُستقبل لِ أولادي، أولادي الذين لم يأتوا بعد، أطفالي الذين يتجولون الأن في جَسدي،من يشعلوني ضجيجا ويصرخون بِصوت عالِ ويرددون لا، لن نأتي الى حياتك إلا عندما تَبني مُستقبل جميل ومأوى لنا،نحنُ لا نريد أن ننام في الشوارع والكهوف،ولا نريد أن نترك هذه البلاد ونرحل الى البعيد لِطلب الرزق كما فعلت أنت يا أبانا، يعاتبوني لأنهم يعلمون أنني تجولت جميع شوارع وأزقة هذه البلاد التافهة، كنتُ أحملهم على ظَهري كشابٍ بارٍ يحملُ أمه على ظهره ويطوف بها حول بيت الله الَعتيق،تحديداً في موسم الحسنات والحَج. ولأني أنا حاليا لستُ أنا قديما،هاهو قلبي يقذفُ بي إلى تلك السنوات الخضراء كوجة أُمي،كأشجار مشاقر صَبر،وكأشجار فاكهة رُمان صعدة، كزهرة البُن في مَنطقة حَراز، وكرائحة الفُل ومزارع الفتاة المَنسية الحُديدة، كعنقود الرُطب في مأرب وفي حَضرموت وكَروعة الموز والزيتون في وادي عَنة، أودُ أن أعود الى حيث النقاء كنقاء جَبل ربي وجِبال بعدان وشَلال المشنة ووادي بَناء وسائلة نَخلة . سأركلُ جميعُ أيامي اليائسة التي أعيشها الأن بِكل لحظة، أريد أريد العودة لِتلك الأيام، قبل ما أخذتُ قراري وشديت الرحال نحو مَقهى المدينة،طَلبتُ من النادل أُنثى جميلة تُدعى شيشة، وضعتُها تَقبِلُ فَمي وقَبَلتُها أنا بِكل حُب، ثم نَفخت بالدخان الى الهواء، هُناك أطلقت العِنان لِخيالي وبنيتُ بُرجٍ وقصر ٍفي ظرف دقيقة ثم تزوجتُ أربع فاتنات الأولى فاتنة ممزوجة برائحة البخور ، و الثانية تحملُ الجنسية الأمريكية، والثالثة نَقية وبريئة بارعة بِحراثة الأرض ونثر الحُبوب بين التُراب، والرابعة تُسمى اللغُة وهي هي هذه التي أضاجعها الأن هكذا دون خوف وبدون رَحمة، أفظُ بكارتها بإصبعي و أدوِنُ هذه الذكرى بين الورق . كنتُ على ثقة بأن التي تحملُ الجنسية الأمريكية ستجعلني أذهب معها الى تلك البلاد، سنتجول سويا في ولايات تِكساس وواشنطن ونيويورك،سنطوفُ الشوراع وسألفُ يدي حول خصرها الضيق، لكنها تركت صدري ممتليء بالضيق، تركتني وحيدا كما أتيت وكما ولدت، كنتُ أؤمن بأن الثانية ستجعلني أعيشُ أميرا وملكا، ستبني لي على ضفاف البَحر قَصرا و بُرجا، سنعيشُ سويا ونستمتع بأمواج البَحر من الشرفة وفي لحظة سنترك مكاننا ونذهب للسباحة وسط الماء، لكنها هجرتني وباعتني وذهبت نحو البعيد، ثم كنتُ أثقُ بأن الأخُرى ستحرث أرض قلبي كما تحرث أرض الريف، وستنثر الحُب في روحي وجميع أيامي كما تنثر الحَب بين التُراب، وكنتُ كنتُ أثقُ بأنها ستجعل حياتي جميلة كصوت الحَمام وخرير الماء في سائلات بَلدي و بلادي، وكنتُ أرى وأراني في المنام أسكنُ في حدقات عينيها وأنام أنام في غُرفة من غُرف قلبها، لكنها شتتني والى سلة الوحدة قذفتني، ولأنهن فاتنات من الخيال جميعهن تَرَكَني، آه كم طلعن ساذجات ومن الحُب خاليات، هاهُنَ سببنَ لِنهاري الشرود ولِ ليلي الأرق، فجعلوني أودُ العودة الى قبل سنوات،إلى قبلُ دخولهن عالمي عَبر الخيال، جميعهن غادرن إلا حبيبتي الرابعة ما زالت وفية،تعتكفُ في جواري وبالمناديل تمسح دموعي، وبالحروف والسطور من الضيق والشتات والأرق تداويني،وهأنذا أنتهيت من مضاجعتها فأنجبت من رَحمها هذا الطفل، ولأني بدون مأوى أنام وحيدا في الكهوف وأقتات من الحروف ولأنني لم أبني مُستقبل جميل لأطفالي، سأرجمُ به هُنا لعل يراه فاعل خير كي يتكفل به ويرعاه ويحتضنه ويخاف عليه.