( المسيطر إقتصاديا مسيطر سياسيا ) .. هكذا يجب ان نفهم جوهر الحدث الماثل أمامنا،وهكذا يجب ان نقرأ المعادلة السياسية التي يقوم عليها المشهد الجنوبي عامة وينبثق منها الموقف الباهت للأطراف المعنية اليوم تجاه تدهور الاوضاع وتعطيل سير الحياة بشكلها الطبيعي داخل مناطق ومحافظات يفترض انها محررة منذ خمسة أعوام . يجب ان تدرك جيدا ان الطرف الذي لايمتلك استقلالية اقتصادية تمكنه من قدرة اتخاذ قرارات ذاتية تتعلق بتطبيع الجوانب المعيشية لشعبه تلقائيا هو طرف عاجز عن ممارسة اي دور سياسي مؤثر وبالتالي من الصعب الحديث عن إمتلاكه القدرة في إحداث اي تغيير إيجابي على مستوى إقتصاد البلد ومعيشة الناس عن ان يتمكن لك ويتجرأ يوما في الحديث عن قدرة فرض مشروعه السياسي ولو مستقبلا طالما وانه لازال يتنفس أكسجين الراعي الاقليمي . نعم دعنا نتحدث هكذا بصراحة وشفافية فهذا أمر يعلمه الجميع ولاحاجة للمحاباة اكثر في القضايا التي تمس حياة المواطن بشكل مباشر . أضع هذه الخلفية امامك تعقيبا على حالة الجدل العريض والمتشعب الذي تناول مؤخرا قضية ( من المسؤول عن تردي الخدمات وتدهور الاوضاع المعيشية بالجنوب المحرر؟ ). وهنا سنفهم ان كل ما تمتلكه الاطراف المحلية مجرد حضور صوري فقط ؛ أي انها ليست صاحبة قرار في الشأن؛ أضف إلى ذلك انها أطراف تفتقد لقدرة ترجمة رغباتها السياسية عمليا على أرض الواقع . صحيح انها تحمل صفة مكون سياسي عدا انها معاقة وظيفيا، لهذا لاتتوقع اي تغير ملموس في أحوال الناس قد يأتي لك من بوابة تلك المكونات . لكن هذا لاينفي حقيقة انه تقع على عاتقها مسؤولية أخلاقية على الاقل من ناحية ضرورة إبدائها موقفا مسؤولا تجاه شعبها وقبل ذلك التخفيف من حدة الخلافات السياسية بينها إتساقا مع ابداء ذلك الموقف ، نستطيع القول ان هذه أولوية قصوى ووحيدة بإمكان اطراف الداخل فعلها في هذا الجانب . وللتوضيح فقط ! .. قانونيا ستبدو مسؤولية تسيير أمور البلد المحترب ملقاة على عاتق حكومة الشرعية كحكومة تصريف اعمال غير ان الإيحاء والتماهي الواضح لداعمها الاقليمي تجاه ممارسات الفساد الممنهج لاعضائها وغياب المحاسبة في ذلك جعلها تبدو بمظهر الحكومة العاجزة والمعطلة معا . فالكل يعلم دور اللجنة السعودية الخاصة هنا في الاشراف والمتابعة بل وتحديد طبيعة عمل وصلاحيات أعضاء تلك الحكومات، او بمعنى أدق وجود الهيمنة الكاملة لدى تلك اللجنة وسيطرتها كليا على الأداء الوظيفي لأي حكومة يمنية، وهو ما يعني ان الصمت السعودي تجاه فساد وفشل حكومات الشرعية طيلة الفترات الماضية وحتى اليوم كان ضمن استرتيجية مدروسة ولم يكن ناجما عن عجز سعودي في التدخل وإيقاف ذلك العبث . الإنتقالي بدوره أضاع فرصته الوحيدة بخصوص الاستقلال الاقتصادي والخدمي عن منظومة الشرعية والتحالف حينما أستسلم لقرار إلغاء الادارة الذاتية والغريب ايضا ان حتى هذا القرار جاء بطلب سعودي. المسيطر الاقتصادي والمتحكم الفعلي بموارد بلد الازمة وفقا لسلطة البند السابع وقرار التفويض هي اللجنة الرباعية المفوضة بحل الازمة والصراع باليمن. لذا فإن المسؤولية الفعلية هنا تقع على عاتق قيادة التحالف العربي في المقام الاول والاخير . ولن نبالغ اذا ما قلنا ان ما يحدث اليوم من تعطيل مفتعل امام اي إنفراجة يتنظرها الشارع لازال مرهونا بقرار سياسي تتخذه القيادة السعودية وحلفائها الدوليين .