دائما ماتُكرر الاحاديث السمجة على ألسنة مجموعة من المتكسبين والمتفيدين السياسيين القابعين على رأس السلطة منذ العام 1990م، في هذا البلد المكلوم عن الثورة والوحدة اليمنية وصيانتها وضرورة بقائها واستمراريتها في ظل فشل ذريع لذلك الحدث منذ استهلاله في ال 22 من مايو من ذلك العام. لم تمر أربع سنوات على ذلك الحدث حتى شُنّت حرب شعواء أتت على الأخضر واليابس قبل أن تقضي على الشريك الجنوبي، وانتهت بإزالته ومسحه من على الخارطة السياسية للبلد، واستبداله بمجموعة من المنتفعين المتنطعين على حساب الغالبية الجنوبية، التي لم تذق غير المر والعلقم منذ /الوحلة/ المشئومة.. الأسوأ في الأمر ان تلك الحرب قضت على الأمل من الاصلاح في المستقبل لدى غالبية ابناء الجنوب، وزرعت بدلا عنه الاحباط واليأس، وهو ماعجّل بتفجر ثورة جنوبية عارمة وشرسة ترفض وتحاول اقتلاع كل ماهو شمالي حتى لو كان خيرا . كان حدث الوحدة جللا في مستهله؛ تحول الى كارثة محدقة بعامة الشعب على مستوى الشعبين شمالا وجنوبا، فلو عدنا فقط لقيمة العملة اليمنية وما واجهته من ضعف منذ ذلك التاريخ حتى اليوم وماوصلت اليه من قيمة هزيلة مقابل بقية العملات، وما حدث من انهيارات شديدة وتجريف على كل المستويات السياسية ولاقتصادية والاجتماعية بل وحتى الاخلاقية؛ ولو نظرنا من حولنا لوجدنا مجموعة من المتسلقين والمنتفعين بل وحتى البلاطجة، قد وصلوا الى أعلى مراتب الغنى على حساب هذه الامة، بمن فيهم رئيس تلك الجمهورية/عفاش/ الذي وصل به الحال للإستثمارات الخارجية بكل عفاشة، واكبر دليل شاهد هو مايمتلكه في دبي فقط؛ وماخفي كان أعظم.. بالاضافة الى المجاميع التي كانت حوله وماو صلت اليه من غناء فاحش في ظل فقر مدقع على كل المستويات الشعبية.. ألم يقل يوما أحد رؤساء وزراء حكومته أن من لم يغتني في عهده فلن يغتني أبدا. القضية الجنوبية لاتذكر وليس لها اي موقع في احاديث الساسة المسيطرين على السلطة اليوم.. فهم يرمون الامارات والسعودية والتحالف برمته بأقذع السيئات على اعتبار انهم مناصرين للجنوب والجنوبيين وقضيتهم، وأنهم يبحثون عن تمزيق اليمن .. من الذي مزّق اليمن ياهؤلاء، ولازال مستمرا في سياساته العفنة لمزيد من التمزيق؟ الجنوب وأهله قالوا كلمتهم منذ الفترة الانتقالية، وما اعتكافات الرئيس البيض المتكررة إلا أكبر دليل على الرفض الجنوبي، وما خرج من مسيرات تطالب البيض بالعودة عن تلك الوحدة التي أصبحت فعلا /وحلة/ ووبالا على الجميع؛ لازال صدى أبناء عدن يتردد على الآذان وهم مرددين (ياعلي سالم سير سير واصل حركات التشطير).. ياهؤلاء الجنوبيين كرهوكم وكرهوا وحدتكم البغيضة (حبني بالغصب).. الجنوب كان دولة حتى العام 1990م؛ يسعى اليوم ويناضل وبكل ما اوتي من قوة لاسترجاع دولته، مهما حاول المتربصون والمنتفعون اظهار الامور بغير ما هي عليه . الجنوب له قضية، وهي استرجاع دولته التي هيمن عليها مجموعة من الساسة اللصوص والمرتشين والناهبين، ومن شيوخ ابناء الشمال المهيمنين على كل شئ في البلد بتحالفهم مع المسئولين وإلتفافهم على المكتسبات الوطنية، الذين بسطوا على كل شئ على الارض، بما في ذلك النفط وشركاته وكل ماله صلة به. هل نسينا من هي الشركة الوحيدة التي كانت مخولة ببيع النفط؟ ومن تتبع؟ لم يتركوا حتى البحار وما بها من خيرات، كانوا لايسمحون حتى للصيادين بالاصطياد وتأتي قواربهم تخوض البحر دون سواها وتترك للصيادين الفتات. منذ غزوة الإخوان و العفافشة للجنوب في العام 1994م ، كوّنوا لهم تركة كبيرة من خيرات الجنوب، ولم يتركوا اراض ولا جبال أو سهول ولابحار، فكوّن كل واحد منهم مملكته الخاصة، و بسطوا على كل الاراضي و المزارع، و اخذوا منحا لامحدودة لهم ولذويهم، ورموا بعض الفتات لمن ارتضى من الجنوبيين أن يكون ذيلا لهم . ولم تتم الاستفادة من غاز شبوة ولا نفط حضرموت ولا حتى مأرب او غيرها من المناطق، ولا كل خيرات الأرض على التراب والبحار على مدى30عام، سوى لبعض أفراد تلك العصابة التي تتملك الدولة للاسف الشديد، وتعتبرها عرينا خاصا بهم وذويهم ومن تقرّب منهم . هل ملّكت تلك الدولة أي مواطن عادي بئر من نفط، أو حقل غاز، مثلما فعلت مع شيوخها ومسئوليها وأقربائهم، بل حتى المساحات الأرضية المخصصة للإستثمار لا تُصرف بكل سهولة وبساطة مثلما تفعل تجاه شيوخها ومسئوليها والمترزقين المقربين منهم . و كانت توضع العراقيل لكل من اراد استثمارا صحيحا وحقيقيا في اي بقعة على امتداد البلد؛ مالم يشاركه رمز من رموز تلك العصابة المسماة للأسف دولة .