هو الغباء بذاته في أن يعتقد البعض أن تأتينا صنعاء بحل يؤدي إلى قيام الدولة الجنوبية , وواهم من يرى أن في حوار صنعاء نضالاً سلمياً من أجل إستعادة الدولة . النتيجة معدة مسبقاً , والبيان الختامي كُتب قبل إفتتاح الحوار . ومن هم في الحوار من أبناء الجنوب يعلمون هذا , وما يدعو للتعجب أنهم لا زالوا مُأملين ما يعتقدوا أنه خيرً سيأتيهم من ذاك الحوار . بعد أكثر من شهر ونصف من انطلاق ذاك الحوار لا زال الأخوة متواجدين في صنعاء يعضون عليه بالنواجذ وكأنه فرض أو واجب شرعي . متى يفهمون أن مكانهم ليس في مؤتمر حوار هم فيه ضيوف شرف ليس إلا . متى يعون أنهم في حوار لن يقدم شيء يخدم القضية الجنوبية في عمقها المتمثل بأحقية شعب الجنوب في تقرير مصيره. نحترمهم كأشخاص , لكن ما نُعيبه فيهم ادعائهم شرعية التحدث باسم شعب الجنوب . نحن لا نتجنى عليهم لكنها الحقيقة . فهم لا يمثلون شيء على الأرض وليس لهم وجود في الساحات الثورية ولا يحملون توكيلاً من قبل شعب الجنوب . ورغم تجاوزهم لمطالب الشعب في رفض حوار صنعاء جملة وتفصيلا , إلا أننا كنا نأمل أن يأتوا بطرح جدي يتوافق ومطالب أبناء الجنوب في الاستقلال وتقرير المصير . رأينا أطروحات مجحفة ومع ذلك يسمونها حلولاً , ومن يقرأها يظن أنهم بعملهم هذا يقوموا بدور وسيط , وليس بكونهم جزء من شعب يعد الطرف المتضرر من عملية اغتيال الوحدة بحرب شنت عليه , وتعارف أبناءه على تسميتها حرب احتلال الجنوب . ما يحدث أمراً لا يمكن وصفه إلا بمصادرة حق الشعب في تقرير مصيره , وتجاوزه في رسم سياسة الطريقة التي يحب الشعب أن يكون عليها بلده . ألا يكفيهم أن هذا الشعب تم اقتياده وهو معصب العينين إلى وحدة لم يُستشر أو يبدي رأي فيها. وهو يعاني ما يعانيه حالياً نتيجة مصادرة رأيه في مسألة تحدد طريقه . والآن يريدون أن ينتهجوا نفس السياسة وبصورة أبشع ذلك أن الشعب بذل خلال سنوات من النضال الكثير من الشهداء والجرحى والمعتقلين من أجل ينتزع حقه في العيش بحرية واستقلال , وعملهم هذا يعد تجاوزاً واستهتار بكل التضحيات التي قدمها الشعب . ألا يتعلم هؤلاء من التاريخ ودروسه وتجاربه , ليس عيباً أن يجتهدوا ويأتوا بحلول يرونها الأنسب للقضية الجنوبية , لكن عليهم أن يصبغوها بصيغة الرأي الشخصي , وألا يطرحوها على أنها صدرت عن أبناء الجنوب . ألا يعلموا أن الجنوب قد حدد تمثيله لقضيته بالحراك السلمي الحامل الشرعي للقضية الجنوبية والذي بدوره حدد الخطوط العريضة لحل القضية الجنوبية في إطار حق الشعوب في تقرير مصيرها . فليدعوا الوطن برجاله وشبابه ونساءه وأطفاله يمضي نحو الطريق التي رسمها , وعمدها بدماء شهداءه وتضحيات أبطاله , وإذا رأوا في أنفسهم قادرين على أن يتوافقوا مع ما يمضي إليه فليعودا إلى ساحات الحراك الثورية , وإلا عليهم الركون جانباً ومراقبة الوضع من بعيد , كي يروا كيف أن الشعب قادر أن يستعيد حريته ممن صادرها عنه عنوة . نأمل ألا يطول مكوثهم في حوار التعشم فيه خيراً للجنوب شبيه بعشم إبليس في الجنة .