توالت الأيام وتآكلت الشهور وتعاقبت السنون..سقط شخوص،ورحل آخرون وأنهار الوطن من أقصاه إلى أقصاه، وحلت نكبات، وتلتها أزمات،ولم يغب عن ذهني ولا وجداني صاحب (البحة) والوجه السموح،ذا الأخلاق والخلل الجميلة.. بين الفينة والأخرى أتذكره،بين اللحظة والأخرى أحن له،في خضم الوجع اللأمتناهي والألم المتعاظم والأوضاع المتردية ظل هو راسخاً بأعماقي ووجدان ذاتي وسويداء قلبي، بل في أوردتي وشرايين دمي.. لم يفارقني (البته) مذ أن ترجل عن جواد الحياه ومضى إلى ربه،ولم يغب عن ذهني هنيهات قليلة،أو تشد (ذكراه) رحالها عن عالمي وحياتي ومحيطي، بل تُجدد عهد الشوق والحنين والذكرى كلما أدبر نهارٌ وأقبل آخر من أفق الحياة.. تحل اليوم ذكرى رحيله (الثامنة) وكأني بها الأمس القريب وذلك اليوم العصيب وتلك الساعة القاسية المؤلمة وذلك الخبر المزلزل الذي عصف بداخلي وأدمى قلبي وأسبل مدامعي وشقني نصفين، ذلك اليوم الذي تمنيت أن يتوقف فيه الزمان لحظات وتعود عقارب الساعة للخلف وأن يكون خبر رحيله في يوم الأربعاء المأسوي ال17 من اكتوبر للعام2012م مجرد (كذبة) أختلقها الحاقدون ومزحة نسجها الأفاكون.. ولكن كان للأقدار كلمتها وكانت مشيئة الله هي من خطتها وكانت خبر رحيلة حقيقة كالشمس في (رابعة) النهار لا مناص منها ولا مهرب رغم قسوته والمه ووقعه على قلوب كل محبيه في زمن كان فيه هو سيده وقائده (ورجله) الأول بلا منازع.. محمد عيدروس الجفري..الأستثناء الوحيد في وجداني إلى جانب رفاق دربه الصادقون في معترك الظفر برضاء الله في زمن أنحلت فيه الأخلاق وتبددت فيه القيم وأضمحلت فيه المبادئ ولم يعد البعض سوى (أسفنجة) تمتص كل شيء دون تردد أو مخافة من الله.. تنسكب مشاعري وأ حاسيسي وحنيني كلمات على أوراقي وقبلها على صفحات قلبي كلما (حلت) ذكريات الألم لرحيال الأفذاذ من حياتنا ونحن نعاصر واقعاً مكتظ ببعض الهلاميين ممن يتلونون ويتمددون كلما دعت الحاجة وفرضت الضرورة المالية والمناصبية.. رحمك الله أستاذي وطيب الله ثراك وجمعنا وأياك في جنة عرضها كعرض السموات والأرض وأظلنا الله بظله يوم لا ظل إلا ظله..