الظلم كله موجع ، قليله وكثيره ، وهو تعدي وجور ، وكبيرة لا تغفر ، حرمه الله على نفسه فقال -كما جاء في الحديث- : "يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي ، وجعلته بينكم محرما ، فلا تظالموا " ، وآيات القرآن صرحت بأن الله لا يظلم أحدا من عباده مثقال ذرة ، "وما ربك بظلام للعبيد" ، ولا يظلم ربك أحدا " . ومن الخطأ أن يدعو الإنسان على غيره بقوله :(الله يظلمك) لما أسلفنا ، والأجدر أن يقال الله ينتقم منك ، فالمنتقم اسم من اسمائه الحسنى سبحانه ، وما سُمي كذلك إلا لأنه ينتقم للمظلومين وينصفهم في الدنيا أو الأخرى ، ولعذاب الآخرة أشد ، لو كانوا يعلمون ، وليس بين دعوات المظلومين ونصرة الملك العدل حجاب ، وقد أقسم الله على نصرتها ولو بعد حين. في الغالب وكما هو مشاهد لا يشعر الظلمة بظلمهم ، ويظنون أنفسهم أنهم على درب الحق والعدل ، ثلة قليلة منهم من يشعرون بسوء عملهم ، لكنهم قد جبلوا على الظلم ، وأعتادوه ، ووجدوا فيه لذتهم ، ولو أحس كل ظالم بما يجد المظلومين من الألم والوجع ، وكيف يبتهلون إلى ربهم بالدعاء ، ما وجد مظلوم على وجه الأرض. قد يكون الظلم منشؤه ذوي نسبك ورحمك وأهلك ، ومن كان يوما موضع فخرك ومصدر عزتك ، حينئذٍ يكون الجرح أكثر إيلاما ، والحزن أشد اغتماما ، وآثره في النفس باقٍ لايزول مع الزمن. وجد هذا نبي الله يوسف حين غُيب في غياهب الجب وقالوا: "اقتلوا يوسف" ، وعاشها نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في أكثر من مناسبة ، كُذب وحُصر ثم هُجر. وطرفة بن العبد ، صاحب معلقة لخولة أطلال ببرقة ثهمد ، والذي ظلمه أعمامه وأضطهدوا أمه تحايلا على الإرث ، ولم ينصره أخوه معبد ، ويبدو ما جاءت به الأخبار إنه قد تعاون على ظلم أخيه ، قد رأى أن ظلم الأهل والأحبة يؤلم النفوس أكبر من طعنات السيوف. قال : وظلم ذوي القربى أشد مضاضة على المرء من وقع الحسام المهند