أقف على محرابك يا وطني لأنظر لجرحك الدامي النازف وجسدك الممزق طعناً...... فرأيتُ بقايا وطن يلفظ أنفاسه الأخيرة و أمام هذا المنظر الرهيب برز من حنجرتي سؤالٌ متحشرج أيمكن تداركه و تضميد جراحه؟ فيجيبني الدمع العالق في الأحداق كيف يمكن ذلك؟و القتلة و أعداء الإنسانية ما زالوا يسرحون و يمرحون و يدوسون على الجراح حتى لا تلتئم ، كيف يمكن ذلك؟ و أعداء الوطن من ترقيةٍ إلى أخرى حتى آلت إليهم زمام الأمور ....كيف تلتئم جراحك يا وطني؟ و مجرمو الأمسِ صاروا هم الحاكمون اليوم، فكان جوابًا محكمًا منكَ أيُّها الدمع الحزين. أقف على محرابك يا وطني و أمامي نهرٌ من الدماء و جثث القتلى مرمية على عتبات كل صباح ،، فلم يعد صباحك يا وطني صباحٌ و لا نسيمُكَ نسيمٌ فقد صار صباحك دمًا مسفوكاً و قتلًا ودمارًا و تفجيرًا هنا و هناك... فأين صباحك الجميل يا وطني؟! أين نسيمك العليل يا وطني .. أقف و أمامي ألف باكيةٍ و ألف نائحةٍ و ألف نادبةٍ و ألف .... و ألف.... و ألف طفلٍ يترقب عودة أبيه عودة البسمة التي تملى شفاه... ماذا عساني أن أقول؟ و أمامي ألف عروس ٍ تحمل فستان عرسها الأبيض منتظرة فارس أحلامها فسرعان ما تحول فستانها أسود... أقف حزيناً على نعشكَ يا وطني و طفلي يسألني ما يحزنك يا أبتي؟! يسألني ما الذي حصل بجارنا محمول على أكتاف الرجال مغطى بوشاح أبيض؟! يسألني أين جدي لم يعد من زمنٍ طوييييل ليجلب لي ما عودني عليه؟! لماذا لم تعد يا أبتي تتصل به؟! أيعود يا أبتي ليذبح لنا خروف العيد؟!لماذا لم ترد على أسئلتي يا أبتي؟! لماذا لم ترد على استفساراتي؟! فتنبهتُ لطفلي وقمت بمسح دموعي ببنديلي و أمسكتُ بطفلي لأضمه في حضني ، فباشرني بسؤال ادمى مقلتي؛؛ ما بال منديلك يا أبتي صار أحمرَ؟! فماذا عساني أن أحدّثه و ما الجواب لأسئلته التي تفوق سنّه؟!! فمن رهبة البوح لم أعدد للسؤال جواباً غير ياأيُّها الدمع المكلوم أبقَ مكانك متحجّراً بالأحداق حتى تحين بزوغ شمس الحرية من بين أزقة الضياع من بين جثث القتلى و من بين أنين الجرحى و تنهدات المظلومين و المحرومين، ساعتها انزل يا أيُّها الدمع المتحجّر لتطهّر الأرض من الدماء و التقلى انزل لتطهير الوطن من رجسر العابثين و الحاسدين و الحاقدين أعداء الإنسانية،انزل لترسم لنا معالم الوطن المحرر من كل البؤس و الحرمان الدمار،وطنٌ ننعم فيه و نعيش بأمنٍ و امان... يا الله أين الطفولة فقد غدا الأطفال يسألون أسئلة الكبار فأيقنتُ حينها أن طفلي و أطفال وطني يعيشون مأساة وطنهم مأساة أمتهم ،، و أدركتُ وقتها حجم جراحك يا وطني فعرفتُ حينها أنَّهُ عندما يكون الوطن مثخناً بالجراح تبرز في شفاه الأطفال أسئلةٌ بحجم جراح الوطن... ياالله كم هي شاحبةٌ و ذابلة طفولة وطني،لجرمٍ نحن الكبار ارتكبناه و هم ليس لهم معصية في كل ما يحصل،لكن لهم نصيب مما يحصل... أقف و مصلاي مضجّرٌ بالدماء و صومعتي يتعربد فيها الحزن و الأسى.... و أمام هذه المناظر الرهيبة عدتُ لأخاطب دمعي العالق ألا يا أيُّها الدمع الحزين أبقَ مكانكَ عالقاً بالأحداق لا تنهمرَ فلم يعد هناك في وطني شيءٌ جميلٌ يُذكرَ حتى تنهمرَ لأجله ... ذبحوك يا وطني من الوريد إلى الوريد و هم يتبادلون الكؤوس و الفرحة مرسومةٌ على شفاههم فأيَّ فرحةٍ و جثث القتلى تحاصرهم في زاوية الخزي و العار ،وكل ذلك يخال لهم بأنّهُ ضربًا من الفروسية، فأيَّ فروسيةٍ هذه لا تتعدى عتبة الباب الموصد بجثث الأبرياء ، فأيَّ فروسيةٍ و أنتم يا أعداء الوطن و الإنسانية مقيدين الأرجل بوشاح القتلى و إن كان يخال لكم عكس ذلك،فهذا من عمى البصر و البصيرة التي أصابتكم.... قتلوك يا وطني وهم يتبادلون التهاني على نعشكَ....... فإلى متى يا وطني تقام فيك و لائم العزاء.