مقتل "أربعة عمّال يمنيين" بقصف على حقل للغاز في كردستان العراق    مركبة مرسيدس بنز ذاتية القيادة من المستوى 3    "نهائي عربي" في بطولة دوري أبطال أفريقيا    اليوم السبت : سيئون مع شبام والوحدة مع البرق في الدور الثاني للبطولة الرمضانية لكرة السلة لأندية حضرموت    مقاتلو المغرب على موعد مع التاريخ في "صالات الرياض الخضراء"    الذهب يتجه لتسجيل أول خسارة أسبوعية في 6 أسابيع    جماعة الحوثي توجه تحذيرات للبنوك الخاصة بصنعاء من الأقدام على هذه الخطوة !    تقرير مروع يكشف عن عدد ضحايا " القات" في اليمن سنويا ويطلق تحذيرا !    القبض على عصابة من خارج حضرموت قتلت مواطن وألقته في مجرى السيول    لماذا يخوض الجميع في الكتابة عن الافلام والمسلسلات؟    الزنداني لم يكن حاله حال نفسه من المسجد إلى بيته، الزنداني تاريخ أسود بقهر الرجال    مقتل وإصابة أربعة جنود في اشتباكات مع مسلحين خلال مداهمة مخزن أسلحة شرقي اليمن    حادث مروع .. ارتطام دراجة نارية وسيارة ''هليوكس'' مسرعة بشاحنة ومقتل وإصابة كافة الركاب    كان يرتدي ملابس الإحرام.. حادث مروري مروع ينهي حياة شاب يمني في مكة خلال ذهابه لأداء العمرة    قتلوه برصاصة في الرأس.. العثور على جثة منتفخة في مجرى السيول بحضرموت والقبض على عدد من المتورطين في الجريمة    بعد القبض على الجناة.. الرواية الحوثية بشأن مقتل طفل في أحد فنادق إب    مأرب تقيم عزاءً في رحيل الشيخ الزنداني وكبار القيادات والمشايخ في مقدمة المعزين    السلفيون في وفاة الشيخ الزنداني    تعرف على آخر تحديث لأسعار صرف العملات في اليمن    أمطار غزيرة على صنعاء في الأثناء    عشرات الشهداء والجرحى في غارات إسرائيلية على وسط وجنوب قطاع غزة    «كاك بنك» يشارك في اليوم العربي للشمول المالي 2024    رفض قاطع لقرارات حيدان بإعادة الصراع إلى شبوة    قوات دفاع شبوة تحبط عملية تهريب كمية من الاسلحة    أكاديمي سعودي يلعنهم ويعدد جرائم الاخوان المخترقين لمنظومة التعليم السعودي    قذارة الميراث الذي خلفه الزنداني هي هذه التعليقات التكفيرية (توثيق)    ما الذي كان يفعله "عبدالمجيد الزنداني" في آخر أيّامه    لا يجوز الذهاب إلى الحج في هذه الحالة.. بيان لهيئة كبار العلماء بالسعودية    ريال مدريد يقترب من التتويج بلقب الليغا    توني كروس: انشيلوتي دائما ما يكذب علينا    وزارة الحج والعمرة السعودية تكشف عن اشتراطات الحج لهذا العام.. وتحذيرات مهمة (تعرف عليها)    فرع العاب يجتمع برئاسة الاهدل    أكاديمي سعودي يتذمّر من هيمنة الاخوان المسلمين على التعليم والجامعات في بلاده    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    مأرب: تتويج ورشة عمل اساسيات التخطيط الاستراتيجي بتشكيل "لجنة السلم المجتمعي"    لا يوجد علم اسمه الإعجاز العلمي في القرآن    حزب الإصلاح يسدد قيمة أسهم المواطنين المنكوبين في شركة الزنداني للأسماك    - عاجل شركة عجلان تنفي مايشاع حولها حول جرائم تهريب وبيع المبيدات الخطرة وتكشف انه تم ايقاف عملها منذ6 سنوات وتعاني من جور وظلم لصالح تجار جدد من العيار الثقيل وتسعد لرفع قضايا نشر    ناشط يفجّر فضيحة فساد في ضرائب القات للحوثيين!    الجريمة المركبة.. الإنجاز الوطني في لحظة فارقة    الدوري الانجليزي ... السيتي يكتسح برايتون برباعية    الزنداني.. مسيرة عطاء عاطرة    إيفرتون يصعق ليفربول ويعيق فرص وصوله للقب    انخفاض الذهب إلى 2313.44 دولار للأوقية    ذهبوا لتجهيز قاعة أعراس فعادوا بأكفان بيضاء.. وما كتبه أحدهم قبل وفاته يُدمي القلب.. حادثة مؤلمة تهز دولة عربية    مفاوضات في مسقط لحصول الحوثي على الخمس تطبيقا لفتوى الزنداني    تحذير أممي من تأثيرات قاسية للمناخ على أطفال اليمن    نقابة مستوردي وتجار الأدوية تحذر من نفاذ الأدوية من السوق الدوائي مع عودة وباء كوليرا    نبذه عن شركة الزنداني للأسماك وكبار أعضائها (أسماء)    طلاق فنان شهير من زوجته بعد 12 عامًا على الزواج    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    دعاء الحر الشديد .. ردد 5 كلمات للوقاية من جهنم وتفتح أبواب الفرج    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    أعلامي سعودي شهير: رحل الزنداني وترك لنا فتاوى جاهلة واكتشافات علمية ساذجة    السعودية تضع اشتراطات صارمة للسماح بدخول الحجاج إلى أراضيها هذا العام    مؤسسة دغسان تحمل أربع جهات حكومية بينها الأمن والمخابرات مسؤلية إدخال المبيدات السامة (وثائق)    لحظة يازمن    وفاة الاديب والكاتب الصحفي محمد المساح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



(تقرير).. لماذا تأخر تنفيذ اتفاق الرياض كل هذه الفترة؟
نشر في عدن الغد يوم 08 - 11 - 2020

تقرير يتناول أسباب مرور عام كامل على اتفاق الرياض دون أي تنفيذ حقيقي
لبنوده الرئيسية
ما الذي تحقق من الاتفاق.. وما أسباب عدم تنفيذ بنوده الجسيمة؟
هل نحن أمام تعقيدات أوسع قد تحدث مستقبلاً؟
ما مصير البنود الخاصة بانسحاب القوات العسكرية ودمج الوحدات الأمنية؟
هل تحتاج تلك البنود لسنوات حتى تُنفذ؟
ما جهود الأطراف الراعية للاتفاق.. أم أن الأطراف المحلية لا نية لها في تنفيذه؟
هل هذا التأخير يؤكد أننا سنذهب إلى مراحل صراع جديدة؟
مستقبل اتفاق الرياض.. المصير الغامض!
تقرير / بديع سلطان:
قبل يومين، أكمل اتفاق الرياض الذي رعته المملكة العربية السعودية، بين
الأطراف اليمنية (الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي) عاماً
كاملاً.
وهو الاتفاق الذي كان من المفترض أن تُنجز بنوده وتُنفذ خلال أسابيع أو
شهور في أحسن الأحوال، وينهي الوضع القائم بفعل سيطرة قوات الانتقالي على
مرافق ومعسكرات الدولة في عدن، وتعود الحكومة لممارسة أعماله وتوفير
احتياجات الناس والخدمات العامة.
لكن شيئًا من ذلك لم يحدث، وظل الاتفاق حبيس الأوراق التي كُتب عليها،
ولم ينتقل إلى التنفيذ على أرض الواقع، نتيجة تفاصيل في بنوده، اختلف على
تفسيرها الموقعون، مما ساهم في تأخيره كل هذه المدة.
بل أن دوامة الصراع بين الشرعية والانتقالي زادت وتيرتها، وتفاقمت
المواجهات بين الطرفين في أبين، فكانت تتأرجح ما بين هدنةٍ هشة ما تلبث
أن تفشل، ويعود إطلاق النار من جديد، في الوقت الذي تُركت مليشيات الحوثي
الانقلابية تتنفس الصعداء على مختلف جبهات القتال.
فالاتفاق الذي أُبرم في 5 نوفمبر 2019، بضغط كبير من السعودية، نظراً إلى
أن الطرفين المشاركين في المفاوضات لم يجتمعا حول الطاولة نفسها خلال
جولات المفاوضات، وهو ما أكد بما لا يدع مجالاً للشك عن فقدان الثقة
الكبير بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي، وعدم استعدادهما للتوصّل
إلى اتفاق بسبب الأجندات المتناقضة.
وبينما كان يمثل الاتفاق بارقة أمل للقوى السياسية المناهضة للانقلابيين
الحوثيين؛ لتوحيدها جبهاتها القتالية، وتفرغها لمواجهة الحوثيين، الذين
يسيطرون على صنعاء والمحافظات الشمالية منذ 2014، وجد اليمنيون أنفسهم
بعد عامٍ وهم إلى تراجع سياسي واقتصادي، ما ينذر بأزمات جديدة قد تعصف
بالبلاد.
ما قبل الاتفاق وما بعده؟
يرى محللون أن مرور عامٍ على اتفاق الرياض، فترة ليست بالقصيرة، خاصةً
وأن الأحداث التي جاءت بالاتفاق قبل التوقيع عليه، وحتى تلك التي شهدتها
الساحة ما بعد التوقيع، ليست بالهينة أو البسيطة، وكانت تستلزم تدخلاً
عاجلاً لتجاوزها وحلها.
حيث كانت أحداثاً جساماً، لم يقابلها ذلك الحرص على تجاوزها من قبل
الأطراف المتسببة بوقوعها، بل أنها كانت سبباً في تفاقم الصراعات
والنزاعات التي أمست اليوم أكبر من المسببات التي جاءت بالاتفاق بادئ
الأمر.
كان فساد الحكومة الشرعية، وتردي الخدمات، واتهامها بالتورط في قتل قادة
الوحدات الأمنية الموالية للانتقالي وإطلاق النار على المتظاهرين، هو
مبرر الانتقالي وقواته في طرد الحكومة من عدن بالقوة والسيطرة غلى مؤسسات
الدولة ومعسكراتها.
وكانت هذه المبررات التي ساقها الانتقالي وأنصاره سبباً في ما أسمته
الحكومة الشرعية "انقلاباً" عليها.
وهو ما دفع السعودية في نهاية المطاف إلى جمع الطرفين في مفاوضات
ماراثونية غير مباشرة في الرياض، لتوقيع اتفاق يتجاوز تلك المسببات.
غير أن واقع اليوم، وبعد عامٍ كامل من التوقيع على الاتفاق، يؤكد أن ثمة
قضايا أكبر وأشد رعباً من تلك الأسباب التي أوجدت الاتفاق، فهناك مرتبات
العسكريين المتقاعدين والمستجدين على السواء، وهناك الخدمات العامة
المتردية، والأوضاع المعيشة التي وصلت مرحلة الحضيض، وارتباطها بتهاوي
العملة المحلية، بالإضافة إلى تفاقم الأوضاع الأمنية والفوضى الحاصلة،
ولا ننسى المواجهات المتكررة على جبهات أبين.
لكن ما يوجع أكثر من كل تلك القضايا المعلقة، هو التمزق الذي ضرب النسيج
الاجتماعي لأبناء الوطن الواحد في الجنوب، والذي ساهم تأخير تنفيذ اتفاق
الرياض في تفاقمه ووصوله إلى مستويات مخيفة.
مكامن الاختلاف
الاتفاق الذي وقع في مدينة الرياض تركز في شقه السياسي على إشراك المجلس
الانتقالي في حكومة جديدة، في حين نص في شقه العسكري والأمني على انسحاب
القوات من عدن والمحافظات التي سيطر عليها المجلس، ودمج قواته ضمن قوام
الجيش والأمن، وإنهاء الأسباب التي أدت إلى طرد الحكومة، وأن يتم ذلك
خلال 30 يوماً فقط.
ولعل هذه النقطة المتعلقة بإشكالية الملفات العسكرية والأمنية، هي مكمن
الاختلاف بين الجانبين، فالحكومة الشرعية تشترط الانسحاب من كل ما سيطر
عليه الانتقالي وقواته في عدن، قبل تنفيذ أي شق سياسي، بينما يصر
الانتقالي على البدء بتشكيل الحكومة قبل تسليم مؤسسات الدولة للحكومة
الشرعية.
وكانت تلك الخلافات والتفسيرات التي طرحها كل طرف للاتفاق، هي من تسببت
بتأخر التنفيذ، في الوقت الذي ظل رعاته "يتفرجون" على الطرفين، دون أي
ضغوطات تذكر قد يمارسونها عليهم.
ونتيجةً لذلك، نرى واقعاً لا يسر أحد في عدن والجنوب عموماً، من ناحية
تردي الأمن العام، ووجود نسبة كبيرة من الموظفين المدنيين والعسكريين
تحديداً بلا مرتبات، في ظل ارتفاع الأسعار، وتردي العملة المحلية،
وانعدام الخدمات العامة.
وما يزيد الأمر سوءاً أن كل طرف يلقي باللائمة على الآخر، فيما يتعلق
بتدهور الأوضاع الأمنية والمعيشية والخدمية.
مسيرة عام من الاتفاق
كان يُفترض ألا يمر اليوم الخامس من عام 2020 إلا وقد اكتمل تنفيذ "اتفاق
الرياض" بجميع بنوده الموقع عليها، وفي مقدمتها تشكيل حكومة مناصفة بين
شمال اليمن وجنوبه، وتعيين محافظين جدد للمدن الجنوبية، وإعادة تشكيل
قوات الجيش والأمن، غير أن ذلك لم يتحقق.
وفي منتصف يناير الماضي، وُقّع اتفاق تفصيلي ضمن "اتفاق الرياض" يشمل
مصفوفة الانسحابات المتبادلة، وعودة القوات إلى مواقع متفق عليها، وتبادل
الأسرى، وتعيين محافظ ومدير أمن لمحافظة عدن، غير أن هذا الاتفاق
التفصيلي (الملحق) لم يرَ النور هو الآخر.
وخلال نهاية يوليو 2020، أعلن التحالف العربي بقيادة السعودية آلية
لتسريع تنفيذ اتفاق الرياض؛ تتضمن تخلي الانتقالي عن الإدارة الذاتية
التي فرضها في 25 أبريل، وتشكيل حكومة كفاءات مناصفة بين الشمال والجنوب،
وخروج القوات العسكرية من عدن، وفصل قوات الطرفين في أبين.
وبناءً على آلية تسريع تنفيذ اتفاق الرياض كان يُفترض تشكيل الحكومة
الجديدة، نهاية أغسطس الماضي، لكن الأمر يواجه عقبات كبيرة وسط تباين
الرؤى بين الطرفين حتى اليوم، حيث تصر الحكومة على ضرورة تنفيذ المجلس
الانتقالي للشق العسكري من اتفاق الرياض، ثم بدء ترتيبات تشكيل الحكومة
الجديدة، بينما يتمسك المجلس بتشكيل الحكومة أولاً، ثم الشروع بترتيبات
الملف الأمني والعسكري.
ما الذي تحقق؟
كان من المتوقع أن ينفذ الاتفاق في أيامه الأولى الجوانب الخدمية
المتعلقة بالمرتبات التي توقفت مباشرة بعد خروج الحكومة من مدينة عدن، ثم
الانتقال عقب ذلك إلى البنود العسكرية والأمنية، حتى تخلو المدينة من
المظاهر المسلحة، وتُشكل على إثر ذلك حكومة ائتلافية.
لكن ومع مرور العام فإن شيئاً من ذلك لم يتحقق سوى بعض جزئيات لا يعدها
كثير من المراقبين نجاحاً، باعتبار أنها لم تفضِ إلى أي نتائج أو تغييرات
على الأرض.
فقد كلف الرئيس عبدربه منصور هادي، أواخر يوليو 2020، الدكتور معين
عبدالملك بتشكيل حكومة التوافق الجديدة خلال 30 يوماً، إلا أن ذلك لم
يتحقق حتى الآن.
كما أصدر قراراً في ذات الشهر بتعيين أحمد حامد لملس محافظاً لعدن (يتبع
الانتقالي)، والعميد محمد أحمد الحامد مديراً لأمن المحافظة (يتبع
الحكومة).
وعلى الرغم من مزاولة المحافظ الجديد، وهو قيادي في الانتقالي الجنوبي،
مهامه في عدن خلال الأشهر الماضية، إلا أن مدير أمن عدن المُعيّن عجز عن
استلام منصبه؛ بعد رفض مدير أمن المحافظة المقال شلال شائع (وهو قيادي في
الانتقالي) تسليم منصبه.
وغير هذه التعيينات لم يحدث أي جديد فيما يتعلق بتنفيذ الاتفاق، على
الرغم من لقاءٍ يعد الأول منذ سنوات؛ بين الرئيس اليمني هادي، ورئيس
المجلس الانتقالي الجنوبي عيدروس الزبيدي، في 23 أكتوبر الماضي.
ما مصير بقية البنود؟
يعتقد مراقبون أن ما تحقق من بنود في اتفاق الرياض، لا تزيد عن كونها
أمور هامشية، عطفاً على المسببات الرئيسية التي أدت إلى الصراع والنزاع
الذي ما زالت تداعياته ماثلة للعيان إلى اليوم.
فحتى هذه الأمور الهامشية- بحسب وصف المراقبين- لم تتحقق أو تنفذ بشكل
كامل، بل اعتراها الكثير من الخلل والقصور، كتنفيذ قرار تعيين مدير أمن
لمحافظة عدن، والذي لم يُمكّن من مهامه بعد.
ويرى كثيرون أن القصور والفشل في تنفيذ بنود "سهلة" نسبياً كهذه، قد يقود
إلى فشل أكبر وأولى عند البدء بتنفيذ بنود ذات "صعوبة"، وبحجم الانسحابات
العسكرية أو دمج الوحدات الأمنية التابعة للانتقالي في وزارات ومؤسسات
الحكومة الشرعية.
لهذا يصف البعض هذه البنود بأنها "تفاصيل الشيطان" التي ربما قد تعصف
بمصير الاتفاق برمته، إذا لم تنفذ بشكل دقيق وواضح، وفي أحسن الأحوال قد
تحتاج إلى سنوات طويلة حتى نراها تتحقق على الأرض واقعاً ملموساً.
فليس الأمر من السهولة بمكان حتى يتنازل المجلس الانتقالي عن مكتسباته
العسكرية والسياسية التي حققها على حساب خصمه المتمثل في الحكومة
الشرعية، كما يقول بذلك أنصار الانتقالي، خاصةً وأنه يراها النواة الأولى
للتمكين من استعادة دولة الجنوب.
وبناءً على هذا التمسك، يعتقد محللون أن الانتقالي لن ينفذ الانسحابات
العسكرية بسهولة، فإذا احتاجت بنود كتعيين محافظ أو مدير أمن أو تشكيل
الحكومة إلى عام كامل حتى تُنفذ، فالبنود العسكرية قد تحتاج إلى أعوام!.
فالتعقيدات المستقبلية- كما يراها المحللون- قد تكون أكثر صعوبة، وتمنع
الاتفاق من التنفيذ، وهو ما يعني استمرار حالة التأرجح في مربعات اللا
دولة التي نعيشها اليوم في عدن، ومحافظات الجنوب.
جهود رعاة الاتفاق
يعتقد سياسيون أن اتفاق الرياض بات مجرد اتفاق، ولن يغادر الأوراق التي
كتبت بنوده وملحقاته عليها، ولن يتم تنفيذه والالتزام به، مستندين إلى
حالة الاستقطاب التي تعيشها الأطراف المحلية المتصارعة.
كما تحدث البعض عن سياسية المملكة العربية السعودية راعية الاتفاق، والتي
وصفوها بأنها "غير متوقعة"، وممارستها سياسة "المهادنة" للطرفين على
السواء، دون إبداء أي نوع من الحزم والإلزام بعملية التنفيذ، رغم أنها
راعية الاتفاق وتقع عليها مسئولية إنفاذ الاتفاق عملياً وبأسرع وقت.
ويرجح محللون أن تكون الرياض حريصة على عدم الدخول مع أي طرف يمني في
خصومات أو نزاعات، حفاظاً على علاقتها مع الجانبين (الحكومة والانتقالي)،
لهذا فهي تسير وفق سياسة "النفس الطويل" التي عُرفت بها المملكة منذ عقود
طويلة في سياستها الخارجية.
غير أن هذه السياسة ذات النفس الطويل، والتي بدت واضحة في سنوات الحرب
الست التي لم تحسم بعد، لا تناسب المواطنين اليمنيين البسطاء وخاصةً في
الجنوب، ممن تعثرت خدماتهم، وتوقفت رواتبهم بسبب مغادرة الحكومة اليمنية،
وهم في انتظار عودتها حتى تنتظم خدماتهم وتصرف مرتباتهم؛ حتى يستطيعوا
مواجهة الأوضاع المعيشية الكارثية بسبب الصراع الداخلي، واستمرار الحرب.
في المقابل، يشير مراقبون إلى أن السعودية تسعى إلى إنهاء حالة الصراع
بين الأطراف اليمنية في الجنوب، وما يؤكد ذلك حرصها على استضافتهم وتسهيل
كل جوانب المشاورات والمفاوضات للتوصل إلى توافق، غير أن المشكلة تكمن في
الفرقاء المحليين وليس في الرياض.
فنوايا الأطراف المحلية من الشرعية والانتقالي لا تساعد- بحسب مراقبين-
إلى التسريع في عملية تنفيذ الاتفاق، بناءً على واقع ممارساتهم على الأرض
والمواجهات العسكرية بينهما في أبين، وعرقلة جهود التسويات السياسية
الجارية في العاصمة السعودية.
مزيد من التأخير.. مزيد من الصراع
يتحدث محللون عن أن أي تأخير في تنفيذ بنود الاتفاق، الذي مر عليه عام
كامل، سيؤدي بالضرورة إلى مزيد من الصراع والنزاعات.
ويؤكد هؤلاء أن تأخر تنفيذ البنود المتفق عليها في اتفاق الرياض والموقع
عليها من الطرفين، قد يقود إلى اختلافات وصراعات أخرى أكثر تعقيداً
وصعوبة.
وهذه الصراعات التي يحذر منها كثيرون، قد لا تقتصر على أطراف الصراع
وحدهم من الانتقالي والشرعية، بل قد تمتد لتدفع عامة المواطنين للتعبير
عن معاناتهم ورفض الواقع الذي يكابدونه، في ظل استمرار تردي الأوضاع
المعيشية.
إضافة إلى ذلك، فإن مزيد من الصراع قد يعطي فرصة للانقلابيين الحوثيين
لالتقاط أنفاسهم، والاستعداد لتقوية شوكتهم ورص صفوفهم، والعودة مجدداً
للانقضاض على الجنوب، خاصةً في ظل تناحر الأخوة وتصارعهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.