كأنّي بالحضارم قد سكتوا عن استمرار غلق مطار الريان الحضرمي، ليس رضًا بالواقع المزري، ولكنه سكوت عاجز لا يملك أمامه سوى (الحسبلة) أو (الحوقلة)، أو انتظار المجهول بشيء من التفاؤل مصحوبا بالشك والتوجس معًا! تحمّل حضارم الساحل، من جراء غلق مطار الريان، المتاعب والمصاعب ودوامة الألم وهم ينتقلون إلى وادي حضرموت يقطعون مسافة أربعمائة كيلو متر حتى الوصول إلى سيئون حاضرة الوادي الكبير، وهناك تبدأ فترة الانتظار لموعد الطائرة، وماذا لو تأخر الموعد؟ وماذا لو ألغيت الرحلة؟ وماذا وماذا؟ كذلك، مطار الريان مصدر دخل للمحافظة، ومصدر رزق لكثير من الناس؛ من خلال حركة السيارات من وإلى المطار تحمل المسافرين والعائدين أو فتح بوفيات أو محلات للوجبات السريعة في أماكن مخصصة لهم قرب المطار وغير ذلك.. ويظل السؤال قائمًا؛ من يمنع فتح مطار الريان الدولي الحضرمي؟! وإني لأعجب من فئات من المنتسبين إلى حضرموت تدعي مطالبها العنترية بقيام دولة حضرموت أو إقليم حضرموت ومنها من ترفض (اليمننة) أو (الجونبة)، أضحكونا بقصة (طيران الحضرمية) التي صارت كفص ملح ذابت مع زحمة الانتظار لفتح المطار، هذه الفئة الحضرمية لم تحرك ساكنًا له أثره على الواقع، ولم تستطع أن تقف وقفة جريئة في وجه من يمنع فتح مطار الريان، قعقعة حضرمية للاستهلاك المحلي غير قابلة لتحقيق إنجاز حضرمي يعتد به؛ لأنهم في الأصل جوهر بلا مضمون وكيان بلا قرار مشتتو العزائم مفرقو الانتماء والتبعية! وماذا عن شرعية الرئيس عبدربه منصور هادي، وسلطته القابعة أوالمنفية في الرياض بعض وزرائها يتهاوشون طيلة سنوات الحرب الجارية في اليمن مع دولة الإمارات بالذات خصوصًا وزير النقل الجبواني، ويتهمونها بأنها أكبر معوّق ومعرقل لفتح مطار الريان، وأنهم لا يمانعون من فتحه، لكنهم لايستطيعون؛ تارة لقلة إمكانيات هيئة الطيران وتارة أخرى يتعذرون بالوجود العسكري الإماراتي، هكذا يزعمون، فما بالهم وهم يرون الإمارات تبني المبنى الجديد الإسعافي للمطار وتجهزه بأفضل أجهزة المطارات؟ ويتم الاحتفال بالافتتاح وتأتي البشائر باستمرار استقبال وإقلاع الطائرات.. ولكن هيهات لقد تعذرت هيئة الطيران التابعة للشرعية بعدة أعذار وفي الأخير أغلق المطار وكأنه لم يفتح! سلطة محافظي حضرموت بن بريك ومن بعده البحسني ومعهم قائد قبائل الحموم وحلف حضرموت هؤلاء لا يملكون أدنى قوة أو قدرة على الدفع بعجلة الافتتاح، الذي يملكونه فقط، هو القدرة على إطلاق تصريحات الوعود التي تتبخر في هواء بحر المكلا الجميل؛ شهر بعد شهر، بل أشهر تتوالى والكذب على حضارم الساحل يتراكم يومًا بعد يوم ومع الكذب مزيد من الألم والتعب والهم والغم ومزيد مزيد من توالي اللعنات والدعوات الصادقة من حشاشة قلوب المنهكين المتعبين ضد من يمنع فتح مطار الريان الحضرمي. أما من يناوئون الوجود الإماراتي في المطار، ومن يتحدثون بلهجة تنظيم الإخوان اليمني المتصارع مع الإمارات، يرون أن المسؤول الأول والأخير هو الإمارات ومعها السعودية أي التحالف العربي الذي تقلع طائراته الحربية لإعادة الشرعية اليمنية وهزيمة الانقلاب الحوثي. ثمة تساؤلات تطرح ردًا على من يتهم الإمارات في كونها العائق الوحيد في فتح المطار، أليست الإمارات هي كما سلف من جهزت المبنى الإسعافي وبأحدث الأجهزة الخاصة بالمطارات؟ ما مصلحتها في إمعان المعاناة للحضارم وهي لا تتوقف عن مد يد العون والمساعدة والإغاثة المستمرة لهم في شتى المجالات؟ ما الذي ستستفيد من تعطيلها مطارا مهما بحجم مطار الريان وموقعه الاستراتيجي في خط الملاحة الجوية، ثمة تهم متراكمة تجاه الإمارات وكأنها تريد إذلال الحضارم وتجريدهم من كل ما يجعلهم في عزة ومكانة ومنعة ويستمر المعارض للإمارات - خصوصا الإخواني - أنها تريد أن تستفرد بالأرض والموقع الهام لمطار الريان؟ أما السعودية فلا حديث عنها البتة فالمكان ليس داخلا في نفوذها مع وجود لجنة سعودية مهيمنة على ميناء المكلا تأمر وتنهى وتتحكم في كل حركة وسكنة فيه، أما مطار الريان فهو تحت مسؤولية الإماراتيين يحكمونه ويتسيدون عليه ويستبدلون موظفيهم وضباطهم بين الفينة والأخرى أما المطار الدولي فمغلق إلا من ضيف دولي أو شخصية رسمية اعتبارية! كل هذه تصريحات المعارضين المناوئين للتحالف العربي. أما الشعب الحضرمي فليس له إن أراد السفر إلا تجشم الصعاب والمتاعب وتجرع جرعات الألم لكي يسافر وأين يسافر غير مصر أو الأردن، ليضمّد جراحه ويعالج آلامه وأمراضه، يتمنى العودة بسلام إلى بيته بعد رحلة المشقة الطويلة! قلتها في مقال سابق لي قبل ثلاث سنوات وأكرر إن التحالف العربي يستطيع فتح مطار الريان وتنظيم رحلات منتظمة وبإدخال شركات طيرانه لتنهي هذه المشكلة العويصة وإنهاء معاناة حضارم الساحل في فترة وجيزة جدًا ولكن ما المانع؟ الناس في حضرموت تتساءل وتناشد من يهمه الأمر ومن على عاتقه مسؤولية هذه المهمة ومن في قلبه ذرة رحمة وشفقة بالحضارم الطيبين المسالمين الذين لا يستأهلون هذا الذي يجري عليهم! ألسنا في ساحل حضرموت ننعم بالأمن والأمان والاستقرار في ظل جهود القيادة العسكرية والنخبة الحضرمية والمنطقة العسكرية الثانية وقوات التحالف العربي؟ بلى ولله الحمد والمنة، فهل من استجابة قريبة ويفتح مطار الريان الدولي الحضرمي؟ نأمل ذلك.