قلنا في حكايتنا السابقة ،ان اخبار العالم اصبحت متناقضة ومتشابكة، بحيث يصعب فهمها، حتى على عتاة النخب الانسية المتعلمة ، لذا فقد ارتاينا ان ناخذ بالاخبار من مصادرها الجنية، لعلها تصل دون تشوية لاذان أنسنا الحضارمة وغيرهم. يقال في كتب التاريخ والاساطير ان بئر برهوت، الواقعة في المهرة قد حفرها الجن بامر من النبي سليمان عليه الصلاة و السلام، لسجن مردة الجن وعصاتهم، ولازالوا فيها مسجونين بإذن الله الى يومنا هذا، ولكنهم يطوفون في كل ارجاء الارض من حولها، ثم يعودون اليها ليلا لتسجيل حضورهم عند سجانهم ، وبعد ان عاثوا فسادا في الارض، وتقنصوا اخبار الانس ، ليرووها لسكان هذه البئر ويتدارسوا خططهم على ضوئها لايامهم القادمة ، الى ان يرث الله الارض ومن عليها. ومن احدى حكاياتهم كانت هذه الحكاية الثانية: استمر زعيم الجن في سرد حكايته لرفاقه المتحلقين حوله في ليلة 20 ديسمبر 2013م وقبل انبلاج فجرها ، وهم يتسامرون ويستمعون بشغف لروايته ،التي تضمنت اخبارا لم تشهد لها مثيلا حضرموت، منذ مئات السنين.ففي هذا اليوم انفجرت حضرموت بركانا غاضبا على طول وعرض ارضها وعمت كل ساحلها وهضبتها وواديها وصحرائها. وانطلقت هبتهم الشعبية الحضرمية المباركة للسيطرة على الارض والثروة.وانتزاعها من قوات الاحتلال والفيد والنهب والغطرسة. وخلال أكثر من أسبوع سيطر الحضارم على ارضهم وثرواتهم و مؤسساتهم، واختبات جرذان قوات الاحتلال ومتنفذيهم في جحورهم ومعسكراتهم خوفا على ارواحهم واهتزت اركان منظومة الدولة العميقة الفاسدة في صنعاء من هول الحدث والصدمة ، واختلطت عليهم كل الاوراق ولم يتمكنوا من مواجهة الامر الا بعد مرور اكثر من اسبوع على انطلاقة الزلزال الحضرمي. وقبل ان نخوض في القرارات المتخذة من منظومة الحكم في صنعاء، لمواجهة ذلك. دعونا نستعرض القوى الرئيسية الفاعلة والمهيمنة على جغرافية اليمن والجنوب وحضرموت ودورها في مواجهة الهبة. أولا ) القوى المؤثرة في اليمن عند قيام الهبة الحضرمية وتشمل : 1) مجموعة عفاش المؤتمرية والقبلية والعسكرية والدينية، والاحزاب الصغيرة المفرخة من المؤتمر. وهي معزولة اقليميا في تلك الفترة ماعدى قطر والى حد ما ايران وعمان. 2) مجموعة علي محسن وحميد الاحمر الاصلاحية والقبلية والعسكرية والدينية، والاحزاب الصغيرة المفرخة من الإصلاح .وهي مرتبطة بالسعودية وقطر وتركيا. 3) مجموعة الحوثي الهاشمية الزيدية والقبلية والعسكرية،والاحزاب الصغيرة المفرخة منها. وهي مرتبطة بايران وحزب الله وقطر وعمان. 4) مجموعة الحراك الجنوبي بكافة تشكيلاتها المدنية والعسكرية.ولها ارتباطات ضعيفة بايران وحزب الله والسعودية وعمان. 5) تيار الحزب الاشتراكي اليمني.وهو معزول اقليميا ماعدى علاقاته بالاشتراكية الدولية. 6) حلف قبائل حضرموت. وهو حديث التكوين وليست له علاقات إقليمية. 7) مجموعة بن عفرير المهرية.وله ارتباطات محدودة بالإمارات وعمان. 8) مجموعة الرئيس التوافقي هادي المدنية والعسكرية.وهو مرتبط بالسعودية والامارات وقطر ومدعوم دوليا. ثانيا) موقف هذه القوى من الهبة: 1) مجموعتي عفاش وال الأحمر، واقفة بقوة ضد الهبة والحلف وتريد تدميره. 2) مجموعة الحراك الجنوبي مناصرة بقوة للهبة واستفاد منها لاضعاف منظومة الحكم في الجنوب وتحفيز انصاره للانقضاض عليها ، وتعمل جاهدة لاحتواء الحلف والهبة ضمن تيارها. 3) مجموعة الحوثي لم تعارض الهبة والحلف واستفادت منها في اضعاف وضعضعة منظومة حكم الرئيس هادي والدولة العميقة العفاشية الاصلاحية وتقدمت بقواتها وانصارها باتجاه عمرانوصنعاء. 4) الاشتراكي وتيار بن عفرير محايدين واستفادوا من الهبة والحلف لاضعاف منظومة الحكم وتعزيز تواجدهم في مناطق تاثيرهم. 5) مجموعة الرئيس هادي دعمت الهبة والحلف معنويا ، وبشكل محدود عسكريا ،ومدت جسور التواصل الايجابي مع رئيس وقيادة الحلف، وحققت لهم بعض مطالبهم المحدودة.وسعت لكسب تعاطف الحلف وحضرموت مع سياساتها ونجحت في ذلك. وبعد اطلاعنا على القوى الداخلية المؤثرة في الجمهورية اليمنية وارتباطاتها الخارجية، سنرى ماهي القرارات المتخذة لواد الهبة في مهدها، من القوى المتحكمة في منظومة الدولة اليمنية العميقة. هذا ماسوف نسمعه من حديث كبير جن بئر برهوت في المقال القادم باذن الله.