ليس هناك أصعب من الكلمات وقت النوازل والفجائع والمصائب والموت الذي يعصف بك ويقتل فيك كل شيء.. ليس هناك أصعب من دموع الألم والأنين والقهر والإنسحاق بفقدان قريب في لحظة عبث أو إنتقام أو إستنزاف للإنسانية التي باتت بلا قيمة أو أهمية.. وليس هناك ضياع يعادل ذلك الضياع الذي تعيشه لحظة شتات الروح وتمزق القلب وإنهمار الدموع وإنكسار الذات وتشرذم النفس والبحث عنك في شتات هذه اللحظة الموجعة وصدمتها.. ولن يعادل زفرات الصدر وآهاته مثل زفرات أمٍ تنوح في لحظة صادمة قاتله، أو أب مكلوم في لحظة ذهول قاصمة، أو أنين طفلٍ في لحظة خوف بائسة.. لن تشيب السماء أو تكفهر أو تتلبد بغيمات الوجع والحزن مثل تلك اللحظات التي تتوالى فيها المصائب والنكبات والفجائع بساحتنا حتى تضيق بنا الدنيا بما رحبت وتوصد السعادة أو لحظات الإنفراج أبوابها في وجوهنا..
ولن تكون الكلمات ابلغ من نزيف الدم أو تمزق الجسد أو أو إزهاق الأرواح دون ذنب يُذكر غير أن الشيطان نزغ بين الأخوة وشتتت السياسة شملهم، وفرقت الولاءت الضيقة جمعهم وزرعت الحقد والضغينة فيما بينهم، فباتت لغة السلاح ولعلعة الرصاص هي القانون السائد.. ليس هناك أجمل من الصمت الذي يحمل كل معاني الأنين والحنين والألم والحسرة والإنسحاق في حضرة المعاناة التي لاتجاريها أي لغة، أو يسايرها أي مبدع، أو يضاهيها أي شاعر مهما برع وتفنن وأجاد فن الرقص على كلمات المواساة وبوح الذات..