الكثيرَ عن الحب و الولاء و كيف نمارس الحبّ و الولاء. قالت لنا منذ الصغر: يا صغاري أنا كُبرى نبلاءِ مقدّساتكم فاعشقوني و تهيمنوا بيّ ولاءً فأُصْبِحُ أجلَّ ألوان هويتكم، لكن حين تهيمون بي هيموا كما يعرفُ العشّاقُ الحبَّ في الشرق: سرّاً. نعم. نعم. نعم. أدركُ أن ذلك هو كعشقِ المحرومين للعاهرات. لذا سرّاً زوروني.. موتوا في هيامي أعشقوني، لكن أمام الناس انكروني. و كما نكر بطرسٌ المسيحَ أنكروني. كما هربَ الأتقياءُ، كما اتّقوا العذابَ، أنتم أيضاً اتّقوا شرّ القوّالين و قولوا أنكم تتّقوني. قولوا أنكم لا تعرفوني. قولوا: أن في الفرق بين ضالعي، وأبيني، وحضرمي، ولحجي، وشبواني، ومهري، ويافعي، وردفاني، وحالمي، وسقطري، وصبيحي ضيّعتموني. إنكروا أنكم تهتمون بي، و تأبهون لوجودي لكن في الأحداقِ و الأسماءِ تَلَوَّحوني. أنكروا أنكم بين الأسامي تنبشوني، لكن بين أبيني، و وضالعي، و شبواني، ويافعي، و صبيحي تفقّدوني. ما عليكم: جهاراً قولوا ما شئتم و أشتموني. كونوا ما شئتم، و لكي لا ينتقصوا من مقاماتكم بهذلوني. لكن سرّاً، عودوا إليَّ و ضاجعوني و عاهدوني ألّا تتركوني. عاهدوني أن أكون سيدةَ كلِّ حساباتكم و قائمةَ كلِّ مقام. عاهدوني ألا تلتفتوا إلا تلك البهيّةِ الطلّة، تلك التافهة الجميلة التي لا تعرفون إليها سبيلا، تلك المنحطّة التي تسمّونها: الوطنية. تعرفون أنها لا تُطعمكم خبزاً كلذيذِ رغيفي. على من تكذبون يا أحبتي؟ أنتم عُشّاق الروايات من الأزمنة الغابرة. أعرفُ أسراركم جيداً.. !! تحبونَ أن تسيروا مع أعداء وطنكم، مع قوّات الإحتلال (الجمهورية العربية اليمنية) و أن تركبوا الأطقم والمدرعات والدبابات وتقاتلون بعضكم، و أن تتقاتلوا في معارك الزمن الغابر، لكنكم تنسونَ أنّي كما صنعتُها حينها فلكم هنا أيضاً سأصنعُ أمجاداً تتقلّدونها في رقابكم. و ما يهمّكم إن وصفوها بأنها مزيفة و فاسدة طالما أنكم بها ستمشون منفوخي الصدور مزهوّين و الأغاني تتراقصُ كلماتها عنكم و على أخبار أمجادكم. ابقوا خلفي. أتعرفون لماذا يجب أن تبقوا خلفي؟ لأن الأوطان تتدمّر، و الوحدةُ تموتُ و أنا باقيةٌ لا أنهار.. أنا أبقى أبدَ الدهرِ ذلك النهد الذي لا يملُّ ممن لا يعرف كيف يكبرُ و كيف يُفطمُ من طيّبِ شهدي. فعندما يغيب كلُّ شيءٍ آخر مَنْ يحتضنكم و يرفع من مقامكم فيجعلكم تتمظلمون على غدر الزمان و تتسايرون على أبدية مكانكم في جنتي الموعودة !! قولوا لي: مع مَنْ غيري يطيب لمشاعركم الملاذ؟ فجنتي رخيصةٌ و ملاذي دائمٌ لا يتطلّب العناء. كلُّ ما أطلبه منكم هو أن تستمروا في نفاقكم الوطني لكي أزدهرَ في قلوبكم. هذا ما أتذكّره من نعيقِ المناطقي في رؤوسنا. 12/ديسمبر/2020م