تقرير يتناول احتمالات عودة الرئيس عبدربه منصور هادي والحكومة الجديدة إلى عدن بعد تنفيذ اتفاق الرياض هل سيعود الرئيس هادي إلى معاشيق وستلتف كل الأطراف حوله؟ هل ستنضبط الأمور ويتراجع سعر الصرف.. أم أننا سنرى تشكيلا للحكومة فقط ثم العودة إلى نفس المربع؟ هل ستباشر الحكومة إدارتها فعلاً من عدن.. أم أننا سنواجه نفيرا جديدا ومشاكل أخرى؟ كيف سيطوي تشكيل الحكومة المشاكل السابقة بين الانتقالي والشرعية؟ العودة المرتقبة تقرير / بديع سلطان: أثار غياب رئيس الجمهورية وأعضاء الحكومة اليمنية الشرعية عن الداخل اليمني، وخاصةً عن مدينة عدن-عاصمتهم المؤقتة- الكثير من التساؤلات، منذ ما بعد تحرير المدينة ومناطق أخرى عديدة. في بادئ الأمر، كان الوضع مبرراً بحكم عدم استتباب الحالة الأمنية في عدن والمحافظات المحررة، وخطورة عودة الرئيس وأعضاء حكومته إلى الداخل، وتم تأجيل العودة حتى يتم ضبط الأمن وحفظ تواجد السياسيين. لكن شيئاً فشيئاً ومع مرور الوقت، واستقرار الأوضاع الأمنية نسبياً في عدن، وتوفر حمايات عسكرية للحفاظ على المنشآت السيادية والمؤسسات الحكومية الرسمية، لم يعد تواجد الرئيس هادي وحكومته في فنادق الرياض منطقياً ولا مقبولاً. ورغم أن الرئيس هادي عاد مرات متقطعة إلى عدن، في فترات مختلفة، غير أنه لم يكن يلبث ملياً، وسرعان ما يغادر تحت طلب قوات التحالف، تحت ذرائع الأوضاع الأمنية. غير أن هذه المرات القليلة التي تواجد فيها الرئيس في عدن، لم تسمح السلطات المسيطرة على المدينة باستمرارها، حيث مُنعت الطائرة الرئاسية من الهبوط في مطار عدن الدولي، وأعيدت وهي في أجواء المدينة من حيث أتت. وتكرر هذا الأمر كثيراً، الأمر الذي أوحى بأن هناك جهات تمنع عودة الرئيس اليمني إلى عدن، تحت مبررات لم تكن مقنعة في السنوات الأخيرة، وهو ما أثار حفيظة الكثير من الموالين للحكومة، ودفعتهم إلى مهاجمة الرافضين لعودة الرئيس، وتفنيد أسباب منعها. لم يكن الأمر منوطاً فقط بالرئيس هادي، فرؤساء الحكومة اليمنية المتعاقبون مُنعوا هم أيضاً من البقاء مطولاً في عدن، حيث كانت الأوضاع الأمنية والأحداث المسلحة والمواجهات تدفعهم إلى المغادرة، كما حدث مع خالد بحاح عقب تفجيرات فندق القصر أواخر 2015، وأحداث يناير 2018 مع الدكتور أحمد عبيد بن دغر، ومواجهات أغسطس 2019 التي أجبرت الدكتور معين عبدالملك على المغادرة. اتفاق الرياض.. هل يغيّر شيئاً؟ جاءت البوادر الأخيرة المرتبطة بانفراجة تنفيذ اتفاق الرياض الذي طال انتظاره، لتعيد إلى المشهد اليمني احتمالية عودة الرئيس هادي إلى عدن، برفقة أعضاء حكومته الجديدة، التي تحدثت الأنباء عن التوافق على تشكيلها وإعلانها خلال أيام. خاصةً وأن أبرز بنود اتفاق الرياض تتطرق إلى أن الحكومة الجديدة ستؤدي اليمين الدستورية أمام الرئيس هادي في "مدينة عدن"، وفق نص الاتفاق، وإن كان هناك من سيغير معادلة غياب الرئيس والحكومة عن الداخل، فلن يكون سوى اتفاق الرياض. غير أن هذا النص، حتى وإن بدا صعب التحقق في ظل الظروف والأوضاع التي تسعى أولاً إلى إخراج الحكومة إلى النور، ثم الانتقال إلى التفاصيل، إلا أن عودة الرئيس إلى عدن تعد مطلباً مُلحّاً، تفرضه المستجدات الأخيرة، المرتبطة بما وراء تنفيذ اتفاق الرياض. فالاتفاق ليس مجرد "تحكيم" لإعادة صياغة علاقة الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي، ولكنة محطة أساسية وأداة لا بد منها لمواجهة الانقلاب الحوثي والمليشيات المتمردة في مختلف جبهات القتال، وتوحيد جهود قوات الشرعية والانتقالي لإيقاف عبث الانقلابيين. وهذه الجزئية تستدعي تواجداً للرئيس هادي في الداخل اليمني، وفق مطالب ناشطين وسياسيين، لإدارة المعركة مع الحوثيين، باعتباره قائداً عاماً للقوات المسلحة. تماماً كما هو الأمر في انعكاس عودة الحكومة إلى الداخل، سيعالج الأوضاع المعيشية والاقتصادية المتدهورة، وسيوفر الخدمات والاحتياجات المنعدمة والغائبة في عدن والمحافظات الجنوبية المحررة. سياسيون يطالبون بالعودة مطالب عودة الرئيس اليمني وحكومته إلى الداخل، لم تقتصر على المواطنين والمستوى الشعبي، فالدعوات انبثقت من السياسيين والقوى الحزبية اليمنية، التي رأت في ذلك أمراً ضرورياً. حيث أعلن التحالف الوطني للأحزاب والقوى السياسية، تأييده ومساندته للاتفاق على البدء بتنفيذ الشق العسكري والأمني، ثم إعلان الحكومة، وكذا استمرار التحالف العربي في دعم الوحدات الأمنية للقيام بمهامها الجوهرية في حفظ الأمن والاستقرار ومحاربة التنظيمات الإرهابية. وأكد تحالف الأحزاب في بيانٍ اطلعت عليه "عدن الغد" على أهمية ما أعلن عنه من عودة الرئيس والحكومة ومؤسساتها إلى العاصمة المؤقتة عدن، واعتبر أن هذا التقدم في هذه الخطوات البناءة سينعكس ايجابياً في تحقيق الأمن والاستقرار. واعتقد تحالف القوى السياسية أن تلك العودة ستؤدي إلى توحيد كافة القوى الوطنية تحت قيادة الشرعية وتحسين ظروف معيشة المواطنين وقبل ذلك ترتيب المشهد العسكري ورفع جاهزيته بما يمكنه من مواجهة التمرد الحوثي الذي تسبب بهذا الوضع المساوي الذي تعيشه بلادنا. كما أكد البيان على أن تدفع هذه الخطوات الجديدة الحكومة إلى الوقوف الجاد والمسئول على الوضع الاقتصادي المنهار الذي يجب أن تضع حداً له، باتخاذ التدابير والإجراءات الفورية، لمعالجة تراجع العملة الوطنية والحياة المعيشية، والحلول السريعة لإنقاذ الوضع. وأعرب التحالف الوطني للأحزاب والقوى السياسية عن أمله أن يلمس المواطن الأثر الفعال لتنفيذ اتفاق الرياض من خلال التدابير العاجلة لإيقاف التدهور الاقتصادي، ورفع المعاناة عن المواطنين وتحسين مستوى المعيشة لأبناء الشعب، وتحقيق الأمن والاستقرار وضمان حرية التنقل والنشاط السياسي، وإسناد جبهات الجيش الوطني والمقاومة في سبيل استعادة الدولة. وأكد التحالف الوطني دعمه لتنفيذ الخطوات الهامة التي تم الاتفاق عليها مؤخراً وصولاً إلى التنفيذ الكامل لكل بنود اتفاق الرياض. ومن الملاحظ في بيان القوى السياسية اليمنية، أنها تعوّل كثيراً على عودة الرئيس والحكومة، ليس فقط في مواجهة جادة وموحدة لمليشيات الحوثيين في جبهات القتال، أو معالجة الأوضاع المعيشية والاقتصادية وتدهور الريال اليمني. ولكن الأحزاب اليمنية تشير إلى أن عودة الحكومة والرئيس هادي من شأنها أن تمنع الكثير من المظاهر السلبية التي تكرس للمناطقية بين أبناء الوطن الواحد، وتوغر نفوس المواطنين ضد بعضهم، كحملات الترحيل القسري التي تنطوي على دلالات مناطقية كثيرة، بالإضافة إلى وضع حد لخطاب الكراهية القائم على القروية الضيقة. العودة الضرورية يعتقد مراقبون أنه وبالإضافة إلى العوامل المترتبة على عودة الرئيس والحكومة الشرعية والتي ساقتها الأحزاب اليمنية في بيانها الأخير، هناك الكثير من النتائج التي ستحدثها هذه العودة. أبرز تلك النتائج تتمثل في التفاف مختلف القوى السياسية حول شخص الرئيس، باعتباره القاسم المشترك الذي تتمسك به كافة القوى المؤيدة للشرعية والمناهضة لها على السواء. فحتى المجلس الانتقالي الذي حارب القوات الحكومية في عدن، وتسبب بطردها من المدينة، وما زال يقاتلها يعلن مراراً وتكراراً تمسكه بالرئيس هادي ويسعى إلى إنقاذه من أجنحة سياسية متحكمة بجبهة الشرعية وبالرئيس ذاته. ويروّج بعض المحسوبين على الانتقالي أن عودة الرئيس هادي إلى عدن سيترتب عليها إخراجه من نطاق بطانته التي تتحكم بها جهات منتمية إلى الإخوان وحزب الإصلاح، بحسب رأي المنتمين للانتقالي. وحتى وإن كان الانتقالي يستخدم مثل هذا الطرح كشماعة لاستمرار خصوماته مع الشرعية، إلا أن عودة الرئيس هادي إلى عدن، قد تمثل فرصة حقيقية للتقارب بين الرئاسة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي، عقب تنفيذ بنود اتفاق الرياض العسكرية والأمنية. الأمر الذي يجعل من عودة الرئيس هادي ضرورية، لتوحيد الجبهة الداخلية الجنوبية، والوقوف على كل الاختلالات، وإيقاف التدهور الذي طال جميع القطاعات. سيناريوهات محتملة وسط كل هذه الكمية من التفاؤل بعودة الرئيس هادي إلى عدن، ومباشرة حكومته الجديدة لمهامها بمشاركة وزراء الانتقالي وبقية المكونات اليمنية السياسية، ثمة مخاوف من عدم اكتمال مسيرة هذا التفاؤل المبشر بالخير. حيث يشير مراقبون إلى أن الشق العسكري والأمني لاتفاق الرياض لم ينفذ بعد في مدينة عدن، وهي محور الصراع والمواجهات، والمكان الذي انبثق من أجله ووجد اتفاق الرياض. وما زالت الإجراءات التي تم تنفيذها خلال الأيام الماضية، مقتصرة على فصل القوات المشتبكة في جبهات أبين، ولمّا تُنفذ خطوات الملفات الأمنية والعسكرية في عدن، وهذا ما يحذر منه المراقبون، في إمكانية تأثيره على إعلان الحكومة الجديدة. الأمر الذي يمكن أن يعصف ليس فقط بعودة الرئيس والحكومة إلى عدن، بل وحتى قد يودي باتفاق الرياض برمته، والذي تجاوز عامه الأول بكثير دون الولوج إلى حلحلة "تفاصيل الشيطان". سيناريوهات أخرى، يتوقعها مراقبون، قد تكون سبباً في عدم عودة الرئيس مجدداً إلى عدن، فحتى لو عاد وزراء الانتقالي، قد تمنع قوات هذا الأخير عودة بقية وزراءها المنتمين إلى بقية المكونات. وذلك عطفاً على رغبة المجلس الانتقالي في الإبقاء على مكاسبه العسكرية والأمنية التي حققها في عدن والمحافظات المجاورة، وذلك يمكن أن يحدث بعد أن يكون الانتقالي قد ضمن المكاسب السياسية المشاركة بالحكومة الجديدة، وانتزاع الاعتراف الدولي كمكون يمني لا يمكن استثناؤه. لهذا يرجح مراقبون أن تعود الأمور إلى مربعاتها الأولى من الصراع والمواجهة، حتى بعد تشكيل الحكومة المرتقبة، وتعود دعوات النفير العام والتعبئة العسكرية لمواجهة الفساد الحكومي، وهي الممارسات والأساليب التي درج عليها الانتقالي وقواته. ويرى البعض أن التوافق الأخير لن يكون سوى استراحة محارب، يلتقط من خلاله كل طرف أنفاسه ليعاود الكَرّة على الطرف الآخر، بمواجهات عسكرية قد تكون أعنف منذ ذي قبل. في المقابل، يستبعد محللون آخرون أن يتم هذا السيناريو الأخير، وذلك بناءً على اعتزام المملكة العربية السعودية، راعية اتفاق الرياض، إنفاذه، بدءاً من فصل القوات المتقاتلة في أبين ووصولاً إلى تنفيذ الانسحابات من عدن. يأتي في ظل تطورات ومستجدات دولية، تحتم على المملكة تسريع وتيرة تنفيذ الاتفاق وعلى رأسها البنود العسكرية والأمنية، لتهيئة اليمن لمرحلة قادمة، إما بتسوية سياسية مع الحوثيين، أو بتحريك الجبهات بشكل موجه نحو حسم الأمور العسكرية مع المليشيات، وهو ما يتمناه المواطنون. كما أن استبعاد مثل هذه الفكرة يقوم على أساس أن الانتقالي سيكون جزءاً من الحكومة، ومن الصعب أن ينقلب على نفسه أو يواجه حكومةً هو جزء منها. وسواء كان هدف اللاعبين الإقليميين والدوليين تسويةً سياسية أو مواجهة عسكرية حاسمة، ستحتاج المملكة العربية السعودية إلى توحيد الجبهة الداخلية (الحكومة الشرعية والانتقالي)، وهذا ما قد يؤكد جدية جميع الأطراف في البدء بمرحلة مغايرة تختلف عن سابقاتها، بما فيهم المجلس الانتقالي. الإدارة من عدن أمنية عودة الرئيس والحكومة الجديدة إلى عدن، من الأهمية بمكان بحيث يمثل حلم كل مواطن في هذه المدينة، التي باتت محرومةً من أبسط الأساسيات. فهذه العودة يعلق عليها المواطنون آمالاً عريضة، تكمن في توفير الحد الأدنى من الخدمات الأساسية التي انعدمت لدرجة أنها حولت عدن إلى مجرد قرية كبيرة. كما أن الأوضاع المعيشية التي بلغت حداً لا يطاق، لا يمكن أن تواجه إلا بسياسات حكومة ممنهجة وواضحة، تصبغ بطابع الدولة وفرض هيبتها، وإنفاذ القانون، تهو ما يتوق إليه كل فرد في عدن والمحافظات المحررة. ويبدو أن ذلك لن يتم إلا بعودة الرئيس إلى الداخل، ومباشرة الحكومة الجديدة مهامها على الواقع وليس من الفنادق.
تعليقات القراء 511655 [1] هادي مشارك فى كل الانقلابات العسكريه السابقه وعندما يخسريهرب الاثنين 14 ديسمبر 2020 حضرموتي | شقره هل هادي يداه غير ملتخه بالدماء ؟؟ اذا ان هذا هو واقع الحال فهل ممكن نتوقع ان الاستقرار ممكن ان ياتي على تلك الايادي ؟؟