بعد المماطلة الطويلة وتوقف طرفا النزاع عن السير في طريق تنفيذ بنود اتفاق الرياض، جاء الاتفاق الأخير الصادر عن مفاوضات المصالحة التي رعتها المملكة العربية السعودية ودول تحالف دعم الشرعية بين الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي، ليبعث الأمل في حدوث انفراجة حقيقية تزيح عن صدر الشعب ضيق تدن الوضع المعيشي، وترقق قساوة ترد الخدمات الضرورية، وتثبت دعائم الأمن والاستقرار، كما يترقب الشارع إلى تمتين أواصر العلاقات الاخوية بين الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي، وبناء جسور تواصل وتفاهم مستمر تصب في خدمة مصالح شعب الجنوب وتنقذه من الانهيار والتفكك. لقد شهد الاتفاق الوليد النور، حين بدأ في السير قدما بتنفيذ الشق العسكري وبخطى ثابتة، فتلك الخطوات جنبت الشعب اراقة مزيد من دماء الأبرياء في محافظة ابين، وبعد أن قطعت اللجنة العسكرية شوطا هاما في اطار تنفيذ مهمة الشق العسكري، توج ذلك الانجاز بصدور قرار تشكيل الحكومة الجديدة والذي يعلق الشعب آماله عليها ويتطلع إلى جدية عملها، فربما اليوم الجو صار صحي أكثر بعيدا عن الصراع والتوترات الداخلية، لذا عليها أن ترتقي باداء عملها لتعزز ثقتها بالمواطن الذي لم ير من سابقتها سوى الحجج والمبرارات التي اتخذتهما شماعةً لتغطية الفشل والخيبة والتقصير. ينبغي على الحكومة الجديدة البحث في الأسباب العميقة التي أدت إلى انهيار قيمة العملة المحلية، وأن تضع معالجات دقيقة وحلول جذرية تدعم تراجع انهيارها وتعزز قيمتها، فقد شهد الريال اليمني أسوأ انتكاسة له خلال فترة تلك الحرب الطويلة التي أتت لتوجيه سلاحها نحو صدر الشعب بالكامل، فاغرقته في دوامة الفقر والمجاعة وترد الخدمات وانهيار الاقتصاد الوطني، وتفشي المرض والجهل، فقد شبع الشعب من المغالطات والأوهام فلا ينبغي على الحكومة الجديدة أن تباشر عملها بنثر فقاعات خادعة بنزول لحظي للعملة، فذلك فيه انكار ومكابرة، ولا يسمن ولا يغني من جوع، فحالة الشعب المعيشية على شفا الهاوية، لذا يستوجب عليها أن تبرهن على جدية عملها من خلال السعي الحثيث لإجتثاث كل منابع الفساد وكل ما ساعد في تدمير الأقتصاد الوطني وعرقل دخول جميع الإيرادات إلى خزينة البنك المركزي وسمح بالتلاعب بقيمة العملة، وتعيد نبض الحياة للمنشآة الاقتصادية المعطلة التي تدر لخزينة الدولة ملايين الدولارات كمصفاة تكرير النفط بعدن، وتطلب المساعدة من الدول الغنية في التحالف العربي وعلى رأسهم المملكة العربية السعودية والإسهام في وضع غطاء آمن للعملة المحلية، مع وضع آلية رقابة دقيقة تضمن تامين ذلك الغطاء، التي بدوره سيثبت ويعزز قيمة العملة المحلية ويلغي تجارة المضاربة بها وكتم أنفاسها من قِبل مراكز الصرافة، حتى يستعيد الريال اليمني عافيته بالكامل. لقد صبر الناس وانتظروا وطال انتظارهم لساعة الفرج واليوم يعقد الأمل وليس لديه سوى التعلق بحبل الأمل في قيام الحكومة الجديدة بواجباتها وتكريس طاقتها لخدمة الشعب وأن تنحي بنفسها عن المصالح الضيقة، وتواجه التحديات الكبرى في مختلف المجالات مع إعطاء الأولوية للجوانب المعيشية والخدمية والأمنية فالحال المزري للبلاد والناس واضح يرآهما كل بصير.