سيموتُ حزناً وخجلاً وهو يُدوِّنُ ماضينا المزمجر بالحرب، وحاضرنا الممتلئ بالموت والجوع والألم.. سيصيبه التعب والملل وهو يمضي باحثاً عن الأفراح في هذا الوطن. ستنفَدُ كلماته وحبر قلمه..سينتهي عمره وهو ما زال يبحث عن السعادة المفقودة. سينتحر وهو يتألم على كل حرفٍ خَطَّ به قلمه. ماذا لو دوّن التاريخ كل حرفٍ في هذا الوطن ..؟!! سيمتلئ بصرخات الأطفال، وضجيج الثكالى..بآهات الوطن وأوجاع المواطن..ببكاء الأرامل وحشرجات المظلومين. سيمتلئ بشكاوى المغتربين المندثرة ملفاتهم في مكاتب السفارات وأدراج المهملات، آملين أن يحنّ لهم قلبٌ أو تُسمعُ لهم أُذنُ الساسة. سيمتلئ بصرخات الجبال التي تحمَّلت ضربات المدافع ولم يثنها أن تنهّد، صرخاتٌ أنجبت على ثراها الورود الزاهية والأشجار العتيقة. سيمتلئُ بنداءات الجائعين وصرخات المشردين، بحنين الغائبين وأنين المجروحين. سيمتلئ بحديث أطفال المدارس الذين يدرسون تحت ركام الحرب. سيمتلئ بأحاديث الجوع والمرض الذي انتهك حرمة منازلنا، بأمر الساسة. سيمتلئ بمحادثات السلام المفقودة، وإجراءات السلم المعدوم..بحروفٍ أنهكها التعب، وخطّ بها الأدب، بمعاناة المواطن وجروح الوطن. ماذا لو دوُّن التاريخ كل ذلك ..؟!! هل سيكتبُ أننا شعبٌ جائع..أطفالٌ يتامى، نساءٌ ثكالى، صمتٌ سائد، وغياب تام للضمير الإنساني والدولي؟!! هل سيكتب أننا كُنا سبباً في تدمير الوطن، وتجويع المواطن وبكاء الأمهات وحنين الآباء وتهجير الأهالي ؟!! ماذا لو دَوُّن التاريخ كل ذلك ..؟!! صدَّقوني.. لو فعلها ودوّنَ .. سنصبحُ أضحوكة مدى حياة هذا الكوكب..