وليس الخبر كالمعاينة ! أخي الحبيب ، أخي اللبيب ، بدون أي مقدمات سأدخل في الموضوع مباشرة ، لأن العنوان -تقريباً- قد كشف مضمونة . فنحن نعلم بالفطرة ، المدعمة بالإدلة الشرعية ، والبراهين العقلية ، أن الوحدة إذا كانت وحدة شرعية ، تعني الألفة والمحبة ، تعني الأمن والأستقرار ، تعني المزيد من القوة . لذلك ارتمينا في أحظانها ، كما يرتمي الطفل ، في أحظان أمه ! ولاننا كنا نظنها وحدة بر وتقوى ، ولم ينتابنا أدنى شك أو ريب في ذلك ، أيدناها وبكل قوة . لم نتردد في الجنوب ولو للحظة ، في تقديم أي تنازل مهما كان حجمه ، إذا كان من شأنه خدمة تحقيق الوحدة اليمنية . أعطينا لأنفسنا كل الحق في ظل هذا الصرح الوحدوي ، أن نحلم بالكثير من أحلام اليقضة الوردية ! لكن سرعان ماكشر الجانب الثاني ، عن أنيابه ، وقام بتغير أتجاه مسار الحلم ! .. اسيقضناً مفزوعين على أطلال صرح ذلك الحلم ، وكأننا بكوكب الشرق وهي ترثي حلمنا بقولها : يا فؤادي لا تسل اين الهوى كان صرحاً من خيالٍ فهوى اسقني واشرب على أطلاله واروِ عني طالما الدمع روى كيف ذاك الحب أمسى خبراً وحديثاً من أحاديث الجوى صرنا نسير في طريق مجهول ، قادنا إلى الضياع ، في أرض وأدي التيه ، أرهقنا كثيراً في دروب هذا الوادي ، شعرنا بالوحشة ، تسرب إلى نفوسنا الخوف والهلع ، لم نعد نعرف للإستقرار قرار ، انهارت قونا ، لم نعد قادرين على الإستمرار والمتابعة ، فقد أصبحنا نعيش في محيط أشبه مايكون بالغابة ، البقاء فيها فقط للأسماء القوية ، والبراقة ، هذه الأسماء فقط هي المعرفة ، في قواعد وأعراف هذه الغابة ، وما عداها فنكرة ، ولا يجوز تعريفها إلا بالإضافة ، والإضافة يجب أن تكون إلى تلك الأسماء الكُباره ، إضافة ذل مجرورة بالإنكسار والمهانة ، تبعية جديدة على ثقافتنا ، غير مالوفة عندنا ولامعروفه ، تشتهر هذه التبعية في هذه الغابة ب( الجعشنة ) ، ناهيك عن فتح ملفات النهب ، والإقصاء ، والإغتيالات ..و…و..، كل ذلك جعل الوحدة ، تتجلى لكل ذي لُب ، وبكل وضوح ، أنها وحدة إثم وعدوان ! ولذلك نحن كنا مع تحقيق الأولى ، وضدا استمرار الثانية . فالله يقول : ” وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان " لهذا كل من نظر إلى حال الشمال اقتنع بالانفصال .. وليس الخبر كالمعاينة كان هذا هو الجانب الأول ، من المقالة ، أما الجانب الثاني ، فسأحاول جاهداً أن أضع فيه نقاط توضيحية على حروف القضية الجنوبية . فطالما تعتبر القضية الجنوبية ، من أعدل القضايا وأقواها على مستوى العالم ، ما هو سبب ضعف حضورها على المستوى الإقليمي ، والدولي ؟ بكل صراحة ومصداقية ، إنها القيادة ، نعم القيادة هي السبب في ضعف وتهميش هذه القضية ، فقد شقت الصف الجنوبي نصفين ، وجعلت منا ( البصري ) ومنا ( الكوفي ) . فالبصري يرى أن الزعيم الكوفي لايجوز إعرابه ، ولا يقبل كلامه ، لانه أصلاً مبني على النصب والخيانة ، أما زعيمهم البصري ، فيقبل كلامه رفعاً ونصباً وجراً ، على حسب موقعه من الإعراب السياسي ... وفات أهل البصرة ، أن أهل الكوفة لا يعتمدون هذا الرأي ، لانهم ينحون نحواً ثانٍ ، ولا أدل على ذلك ، مما يحصل في ساحات الاعتصام المختلفة ، عندما يحتشد الجنوبيون لأي فعالية ، تجد أهل كل فريق يبادرون إلا رفع صور زعيمهم بالإبتداء ، دونا عن بقية زعماء الفريق الثاني ، وهكذا وبين مد وجز سرعان ما يتحول هذا الصراع الفكري إلى صراع ناري ، تتطاير فيه رؤوس الكثير من أنصار الزعيمين ، ليصيروا خبراً لكان منصوباً ، عليهم من الزعيم الأول والثاني !. ناهيك عن الشجارات والمهاترات ، والتشكيكات والتشكيلات المبررة وغير المبررة . لهذا كل من نظر إلى حال الجنوبيين اقتنع بالوحدة . فهل يتنبه الشعب الجنوبي إلى ذلك ، ويمنحون هذه القيادة ، ذات العظام النخرة ، شهادة إنهاء الخدمه ، فقد تجاوزت السن الأفتراضية ، ويجب خلودها إلى راحة تقاعدية . من هنا أدعو كل جنوبي مخلص ، إلى تغليب المصلحة العليا ، وأن يرفع في وجه هذه القيادة البطاقة الحمراء ، ويتم تسليم القيادة لأفراد ، مازالت أياديهم بيضاء ، لم تتلوث بجراثيم كريات الدم الحمراء قبل أن تنتقل حمى الأمس ، إلى صفوف المقاومة الجنوببة فتصاب منها بالعدوى ، ما لم سنظل كجمل المعصرة الذي يدور حول نفسه ، في حلقة مفرغة . في الختام عفواً على الإسهاب والإطالة . فقد كان كل ذلك فقط ، غيض من فيض ، وليس الخبر كالمعاينة .