أنا لست من المواظبين على شراء الجرايد ولكني أحرص على شرائها حينما تنشر لي أي مقالة أو يكون هناك تقرير أو تحقيق أو ملف يستحق القراءة. وغالبا أشتري الجريدة من بائعة عجوز في شارع التسعين، لما رجعت اليوم من السوق إلى البيت رأيت منظرا جميلا أبهج قلبي فقد رأيت ولدا يبيع الماء عند مستشفى الريادة والولد تبدو عليه معالم الفقر والعوز وكانت بالقرب منه متسولتان فلما حاذيتهما رأيت بائع الماء الفقير يحمل علبتين من الماء ويسلمهما للمرأتين ليبرد لهما ما يعانياه من الظمأ تحت شمس عدن وسمعتهما يدعوان له بخير. ثم واصلت طريقي عائدا إلى بيتي في جولة السفينة فوقفت عند بائعة الجرائد العجوز واشتريت منها صحيفة عدن الغد وناولتها 500 ريال وكانت تبحث عن الصرف لترجع لي 300 ريال فوهبتها الباقي فدعت لي ثم قالت: تصدق يا شيخ في واحد يشتري مني صحيفة عدن الغد كل يوم ب 500 ريال ويرفض يقبل الباقي، وواحد ثاني كل يوم يمر بسيارته في طريقه إلى عمله ويشتري لي دبة ماء ب 200 ريال. الله الله كم تهزني مواقف البذل والعطاء والمكارم هذه، بحق أن الأمة لا تزال بخير ولاتزال تبحث عن مراضي الله تعالى وانتهاز فرص الأجر ولو بالقليل والنبي صلوات الله عليه وسلم يقول " اتق النار ولو بشق تمرة" ودخلت الجنة بغي من بغايا بني إسرائيل حين سقت كلبا كان يلهث ويأكل الثرى من الظمأ. لا يشترط في الصدقة والبر والبذل والعطاء أن يكون عن غنى ويكفي الجود بالموجود والنبي صلى الله عليه وسلم يقول " سبقَ دِرهمٌ مائةَ ألفِ درهمٍ قالوا وَكَيفَ ؟ قالَ : كانَ لرجلٍ درهمانِ تصدَّقَ بأحدِهِما وانطلقَ رجلٌ إلى عُرضِ مالِهِ ، فأخذَ منهُ مائةَ ألفِ درهمٍ فتصدَّقَ بِها". في ظني أن من أعظم عبادات الوقت هي الصدقة وإطعام الطعام والحض والتشجيع على ذلك (لا خير في كثير من نجواهم إلا من امر بصدقة) وإن لم يكن في يدك مال فأقل شيء تحض على طعام المسكين لأن الله عاب على الكافرين أنهم لا يحضون على طعام المسكين " كلا بل لا تكرمون اليتيم ولا تحاضون على طعام المسكين " " ولا يحض على طعام المسكين" أبو زين ناصر الوليدي