ماأجمل الماضي وماأحلى ذكرياته . ومن تلك الذكريات المحفورة على جدار الزمن والتي رسخت في الذاكرة منذ أيام وزمن مر عليه عقود هي ذكرى التسوق يوم الثلاثاء من كل أسبوع الى سوق بن جبران في مدينة الوضيع. أستذكر هذه المناسبة وأنا طفل صغير وتلك الأيام الجميلة جمال ونقاء وبساطة ذلك الزمن وناسه الطيبين والبسطاء. كانت الحياة بسيطة والحاجيات قليلة جدا" ومع ذلك تجد الناس سعيدة وراضية وقنوعة بما كتب لها الرحمن. كان أهلنا واجدادنا وهذا ماسمعته منهم انهم يذهبوا الى السوق يوم الثلاثاء فجرا" مشيا على الأقدام أو على الحمير بعد صلاة الفجر مباشرة وكان يستغرق الطريق أكثر من 3ساعات حتى يصل أهل منطقتنا الى مركز التسوق بمدينة الوضيع. ومما حكاه لي الأجداد عن تلك السوق والسلع التي كانت سائدة في ذلك الزمن الحبوب والأغنام والتمر وزيت السمسم والعسل والتبغ والبن والزنجبيل والحلوى والملابس على بساطتها وكان النقد المالي شحيح وكانوا يتعاملوا بنظام المقايظه أي تبادل سلعة بأخرى . ومما رواه لي جدي لوالدتي عن أسعار ذلك الزمن إن خمسة إثمان بن قهوة بقرش فرنسي وإثنان تيوس من الماعز بقرش فرنسي أيضا". وفي السبعينيات والثمانينات وبوجود السيارات أذكر إن الجد أحمد علي الرباش طيب الله ثراه كان يملك سيارة لاندروفر وكان ينقل أهل منطقتنا بسيارته الى سوق الوضيع.. وأتذكر وبكل شغف تلك الأيام ونحن ننتظر عودة المتسوقين من الوضيع مع أذان الظهر ونحن أطفال صغار ننتظرهم وكم هي فرحتنا غامرة وهم يجودوا علينا ببضع حبات التمر أو قطعة من الحلوى. . أيام خوالي ورائعة بروعة وشهامة أهل ذلك الزمن . فيالها من أيام ويالها من حياة تتجسد فيها معاني الصدق والوفاء والشيم النبيلة. سوق الوضيع مناسبة أسبوعية وإقتصادية وإجتماعية في المقام الأول فإلى جانب التبادل التجاري وشراء السلع. كان سوق الوضيع ملتقى للناس من مختلف المناطق بالمنطقة الوسطى لإبين وماحولها وفيه يتبادل الناس أخبار وأحوال المنطقة وسكانها ومناقشة أمورها وهمومها وإصلاح ذات البين بين ممن كانوا على خلاف .. وللسوق حرمة وحماية من قبل أهل جبران فكل من تسوق فيه فهو في أمان حتى يعود دياره . قيم وشيم ومواثيق تتمسك بها كل القبائل وترعاها حق رعايتها .. وياليت الزمان يعود يوما"لنعيش تلك السنون الخوالي بروعتها وجمالها وبصدق رجالها ونبلهم .. سلام على كل أهل الوضيع وحفظهم من كل مكروه ورحم الله الأجداد والأهل الطيبين ممن عاشوا وعاصروا تلك الأيام في سوق بن جبران الجعدني وأيامه البهية ..أيام الزمن الجميل..! بقلم/أبو معاذ أحمد سالم شيخ العلهي. فرعان/موديه..