حتى متى سنظل بالمنفى بلا كرامة ولا معنى لوجودنا، حتى متى سنظل بلا وطن . وطني الضارب في أعماق الروح، قد طالت بك الغربة وطال بنا الحنين، فهل لك من عودة، هل لك من بعث بعد الفناء والدمار، هل لنا من لقاء بعد التخبط والضياع، هل لنا من عناق يُطفئ حرارة الشوق ولوعة الحنين . وطني .. بعد كل الذي صار، هل يتصحح المسار، هل ستعود كما عهدناك، ليُعاد للتاريخ وللحضارة شأن، ومكانة، واعتبار وطني في ذكرى فبراير، هل أبكيك، أم أهنيك .. هل فبراير كان خطيئتنا التي أوردتنا المهالك؟! هل كان ذنبنا الذي لا يغتفر فالذي نراه اليوم ونشاهده شيء غير طبيعي، وأمر لا يستهان به أبدا، بل من الممكن أن نشعر بهول ما سوف يحدث، فالوطن كبير، وأكوام مشاكله بالملايين، ومن الممكن أن نصاب باليأس والإحباط . إذا كان ثم أمل وفرصة سيمنحنا القدر لنعيد ترتيب وبناء ما دمرناه، واستعادة ما للغرباء منحناه، وما ساعدنا على تمزيقه وتفتيته .. فلن نترك ماتبقى لنا من ملاذ وحضن ودفئ وسكن، لينزف وحده على حواف الطرق وصعوبة المنحنيات وشدة الأعاصير وخطورة العواصف . ينبغي ألا نهزم أمام كل الذي حدث، وهيهات أن يحدث ذلك، سنسير إلى حيث شئنا وشاء لنا القدر مرحلة التخبط هذه ليست سوى محطة من محطات الاختبار، وشدة من الشدائد، وهي ليست إلا مؤشر بداية لعهد جديد سنكون فيه أكثر إدراكا وعمقا وفهما لتجليات حكمة الله في الوجود، ولمعرفة أسرار وحقائق لم تتبدى لنا من قبل . إذًا،صار من الواجب اليوم قبل غد، أن نجعل ما يدفعنا أكبر مما يثبطنا، عسى نستعيد ما ضيعناه . فلا تبتئس يا وطني المكلوم، مهما بلغ الحزن مداه، لا تبكي مهما تلبدت سماؤك بالغيوم وأصيب الرجال والأحرار فيك بالوجوم، فلم تكتمل الحكاية، ولم ينتهي المشوار،، سنحتسي الأمل بجرعات كبيرة، ولن نقف مكتوفي الأيدي مشدوهي الفكر والخاطر، سنسقي الزهور التي ذبلت، والبراعم الواعدة بالحياة حتى ترتوي، ستُضمَّد الجراح وتُجبر الكسور، ويستوي الأمل قائما يبشر بنكهة جميلة ومذاق حلو للحياة وستعود ياوطني أحلى وأجمل مما كنت . أبدًا لن تبقى المرارة قائمة، سنلفظها أو نبتلعها، ولن ندع الحياة فينا تتوقف، سنداري الوجع ونحاول امتصاص قساوة الحقيقة، آملين بفضل الله ولطفه وعنايته، هو وحده قاهر الآلام، ومبدد الهموم والأحزان ومذلل الصعاب، للوصول إلى الوطن الذي نصبوا إليه ونناضل دائما من أجله .