هذا اليوم هو اليوم الثالث في سوق حراج السمك وصلت مبكراً جدا و قبل بدء الحراج أخذت جولتي المعتادة لمشاهدة ما على الرصيف من أسماك على الرصيف تعرفت على لبناني قال أنه يقيم في فندق المطار منذ سنوات و أنه يشتري أسماك الحبار و يصدرها الى لبنان و في ساحة السوق تقف شاحنات كبيرة تنقل الأسماك لبيعها في بقية المحافظات هذه المرة قررت أن أشتري حيتان صغيرة و بيعها في الشيخ عثمان حيث الإستهلاك السريع لها لأن المواطنين يحبذونها عن سواها لشويها إفطارا لهم في المخابيز وقفت عند كوم من سمك العنتق و هو سمك يشبه سمك الجحش و لكن تغلب عليه الحمرة قمت بعدها فإذا هي خمسة و أربعون حوتاً لما وصل العم رشاد قدر الحوت ب 200 ريال و رست البيعة علي، لكن الديرك يغريني هنا واحد و عشرون حوتاً طازجا أنظر إليها و كأني ألتهمها كلها لوحدي وقفت عندها و أوصل العم رشاد سعر الحوت الواحد ب 1600 ريالا فرست البيعة عندي يا الله .. خمسة و اربعون حوتا من العنتق و واحد و عشرون حوتا من الديرك أغراني العم رشاد بتسهيلاته آخذ السمك و لا أسدد الا بعد بيعه، لكن الوجهة الآن لن تكون الى الشيخ عثمان إنما الى صيرة.أخذت سيارة أجرة و على حراج صيرة أنزلت السمك حرجوا بالدير ب 1600 ريال و أحوات العنتق ب 200 ريال قلت لن أبيع و كيف لي أن أبيع بنفس السعر الذي إشتريت به حتى أجرت السيارة لم أستعد قيمتها قررت أن آخذ السمك و أفرشه في السوق لبيعه فرادى على المشترين من المواطنين بصوت واحد قالوا لي مجموعة ممن يبيعون السمك في السوق: إطلع برع من السوق في السوق لا يبيع الا أعضاء الجمعية و نحن هنا ندفع إشتراكات سنوية تدفق الدم الى وجهي و سرت رعشة في بدني و هذه حالة للأسف تعتريني عند الغضب شمرت عن ساعدي و ربطت( المشدة) على رأسي و رفعت المعوز الى فوق ركبتي و صرخت و أنا ازبد:( اللي هو رجال يجي يخرجني من السوق أنا ما أخرجني للبيع هنا الا الشديد القوي و من اليوم أنا عضو في الجمعية و سأدفع إشتراكات لعامين قادمين) هدأت الأصوات و أنقسم الناس في السوق الى قسمين قسم معي علمت لاحقا أنه مضطهد من هوامير السوق قال من حقي أن أبيع و أخذوا أسماكي و فرشوها في السوق و آخر يرفض في هذه الأثناء جاء صديقي الدكتور علي مجور و كان حينها وزيرا للثروة السمكية، جاء في زيارة للسوق لتفقده و وضع حجر أساس إعادة بنائه رآني فتقدم نحوي و عانقي ثم سألني: - أيش معك هنا؟ - أبيع صيد. - بس خل الأمن حقك هذا. - يا خي أيش من أمن هذا الذي ما حصل لي عمل الا في سوق الصيد. ما أن سمع رئيس الجمعية و من معه و الوزير يقول: خل الأمن حقك رأيته يضع كلتا يديه على رأسه و يقول هنا.. هنا.. يشير ثلاثاً الى رأسه و هي علامة رضا و ترحيب و يشير الي: السوق سوقك و المكان مكانك.حيبوا له ثلاجة.جيبوا له ثلج و في لحظات كانت الثلاجة و الثلج و جزء من أسماكي فيها غادر الوزير دون أن يودعني او ينبس بكلمة. إمتلأ السوق بأسماك ديرك كثيرة تشبه ما معي في طولها و طراوتها و تباع بسعر أقل مما إشتريت يبيعون الحوت الواحد ب 1200 ريال انتصف النهار و الحر شديد و لم أبع حوتا واحدا.في سوق صيرة علمت أنهم إتبعوني الى سوق الحراج في الدوكير و رأوا بكم أشتريت و لهذا أنزلوا الى السوق أسماكاً بأقل من سعري و في السوق أيضا علمت أن لكل نوع من الأسماك( ملك).هناك ملك للديرك و ملك للسخلة و ملك للثمد و ملك للجحش و هكذا كما أسلفت لكل نوع ملك و أنا تعديت على ملك الديرك و لما أنتبه لحضوري في السوق بدأ اليوم يريني قوته و كم سأصمد أمامه.عنده قدرة أن يخسر يوميا لا يهمه ذلك بقدر ما يهمه أن يضعفك و تعجز عن منافسته و تغادر السوق.تقدم ملك الديرك نحوي بعد أن رآني أضرب أخماسا في أسداس و قال لي: إنتصف النهار و لن يأتي أحد بعد هذا الوقت للشراء. بع لي ب 1600.قلت: بعت. أما أحوات العنتق التي لم ابع منها حوتا واحدا أخذت سيارة أجرة و أنطلقت بها الى الشيخ عثمان و هناك حرجوا بها ب80 ريالا.صفقة خاسرة.لكن هل سأستمر؟ غدا: اليوم الرابع في سوق حراج السمك.