من بالأمس كانت مشردة باحثة عن حفنة تراب تتوسل لها أن تعطف عليها وتتركها تعيش في مسامات رمالها، اليوم تحتل القلب المقدس للكرة الأرضية، من بالأمس كانت منبوذة من جميع بقاع الأرض حتى خالقنا كتب على شعبها أن يظلوا بلا وطن، اليوم تعبث بملامح خارطة الشرق الأوسط وتقسمها حسب أضلاع نجمتها الداودية وماهو ابعد من خطين علمها الأزرقين ، من بالأمس قتلت براءة أطفالنا وأسرت شجاعة رجالنا وشردت نساء قُدسنا، اليوم تتسابق الدول العربية بنهودها لترضعها حليب الأخوة، من بالأمس كانت حمل وديع في هندول هتلر، اليوم تهدد وبثقة بضرب المعامل النووية الأيرانية مثل ما ضربت معامل العراق وسوريا، متسلحة بذريعة رفضها التام لإمتلاك دول الشرق الاوسط سلاح نووي بإستثنائها . نعيش هذه الأيام على مرور 103 عاماً على الوعد المشؤوم، ففي الثاني من نوفمبر/ تشرين الثاني عام 1917 كتب وزير الخارجية البريطاني آنذاك، أرثر بلفور، رسالة إلى اللورد ليونيل روتشيلد، أحد قادة ومؤسسي الحركة الصهيونية العالمية في بربطانيا، حيث عُرفت تلك الرسالة بوعد "بلفور" التي تضمنت وعداً رسمياً بتعهد الحكومة البريطانية بإقامة دولة لليهود على أرض فلسطين، وكانت تلك الرسالة نواة الدولة الإسرائيلية التي ولدت عام 1948، علماً أن وعد "بلفور" لم يكن وليد تلك اللحظة بل جاء تتويجاً لعمل مشترك بين الساسة الأوروبيين ويهود أوروبا اعتمد على التخطيط له منذ محاولات نابليون عام 1799 . ما نراه من أهتمام أمريكي ليس فقط جعل السلاح النووي على دول الشرق الأوسط محرماً وعلى إسرائيل حلالاً، بل ماسمحت لإسرائيل بالوصول إلى المرتبة الخامسة بين أكبر القوى النووية في العالم، حيث تمتلك من الرؤوس النووية ما لاتمتلكة بريطانيا لتصبح محتل صغير الحجم كبير القوة العسكرية . هذه القوة العسكرية المدعومة أمريكياً لها أبعاد سياسية تركيعية للدول الأسلامية وبالذات الدول العربية، من ضمن هذه الأبعاد : - إلزام دول الشرق الأوسط الأعتراف بإسرائيل دولة ضمن دول الشرق الأوسط بالأضافة لإيران وتركيا، وهذا مايرسمه مخطط الشرق الأوسط الكبير الذي سيُنشأ جامعة الشرق الأوسط بديل للجامعة العربية - جعل إسرائيل، التي تملك سلاح نووي، كبوليس على الشرق الأوسط لتكون الحارس القريب الذي سيحافظ على إستمرار قبضة أمربكا على المصالح الأمريكيّة في الشرق الأوسط، لأن أمربكا تعلم أن عداد إنهيار إمبراطوريتها قد بدأ بالعد التنازلي، وأن هناك إمبراطورية التنين الصيني ستزيحها . - تعلم أمريكا بأن إقتصادها بدأ ينهار ولم تعد قادرة على الإستمرار في دعم إسرائيل، لذلك تريد أن تزيح من على عاتقها كل الهبات والدعم لإسرائيل، وذلك عبر فرض إسرائيل على دول الشرق الأوسط كسوق حرة لتصدير كافة منتجاتها الإسرائيلية لدول الشرق الأوسط لأجل الإستقرار إقتصادياً عن أمريكا . - بحكم أن إسرائيل الوحيدة من دول الشرق الأوسط التي تملك سلاح نووي، إذاً ستكون السيدة الأمرة والناهية التي ستلجأ إليها دول الشرق الأوسط لحل مشاكلهم التي سببها إسرائيل نفسها، حالها كحال أمريكا سيدة العالم . هذه الأبعاد التي تطبخ على نار هادئة في مطبخ أمريكا، فما نشاهده هذه الأيام من مسرحية تصريحات من قبل رئيس أمريكا جون بايدن، بدايةً بالعودة للمفاوضات مع إيران لوقف تخصيبها لليورانيوم وعدم ضربها عسكرياً، لأجل ترويع الدول العربية والرضوخ لضم إيران لشرق الأوسط حسب المخطط الصهيوأمريكي القديم الجديد، يليها تصريح بايدن بأن هناك تغيرات كبيرة في سياستها تجاة السعودية، منها وقف صفقات بيع السلاح لسعودية، ومحاسبة من يقوم بالإنتهاكات لحقوق الأنسان، ومفاجأة السعودية بأنها لم تعد شريك بل مجرد حليف لأمريكا وهذا تأكيد أن شريكها الوحيد هي إسرائيل، أحياء ملف جريمة خاجقشي كتهديد ترويضي لولي العهد محمد بن سلمان الذي تحاول الإدارة الأمريكية ممثلة برئيسها بايدن، وبحسب ما فهم من تصريحاته التي تكررت أكثر من مرة، والذي يقصد بها تهميش التعامل مع بن سلمان، ربما كانت بسبب مخالفة بن سلمان لسياسة أمريكا وترويضه لسير على نفس مسار سلفه الذي يتناسب مع سياسة أمريكا، او أن أمريكا رأت في بن سلمان جينات الملك فيصل ، رحمه الله، الذي أستخدم سلاح النفط ضد الدول الصديقة لإسرائيل في حرب اكتوبر سنة 1973م ضد اسرائيل التي بها أستعادة مصر قناة السويس وصحراء سيناء . فكل هذه المسرحيات الصهيوأمريكية على السعودية لأجل إنشاء حلف معلن مع إسرائيل ضد إيران، وقبول تكوين شرق أوسط كبير يضم إيران وتركيا وإسرائيل، وأخرها، وهو الأهم، تقسيم السعودية إلى خمس دويلات لأنها الدولة الوحيدة المتبقية من الدول التي تبقى من تقسيمها سوى 20 ٪ كاليمن والعراق وسوريا وليبيا، وبذلك يرى مخطط الشرق الأوسط الكبير النور بعد اكثر من قرن، أي منذ تم وضع خطة الشرق الاوسط الكبير . فإسرائيل من نبتة شيطانية زرعتها بريطانياوأمريكا إلى شجرة مثمرة لسلام تراها الدول العربية الهاربة من الرمضاء( إيران ) إلى النار ( إسرائيل ) !!!