يستمر المبعوث الأممي الخاص لليمن مارتن جريفيث في تقديم إحاطاتها غير المتزنة حول مستجدات الصراع اليمني، لذا من الطبيعي ان يظل الدور الاممي باليمن غير فاعل ويفتقر كثيرا لقدرة التأثير الحقيقي على مجريات الأحداث باليمن . ففي إحاطته مساء أمس الاثنين حول أخر مستجدات جهوده باليمن شرح جريفيث ما أسماه الاجندات العاجلة للامم المتحدة ولخصها في أربع نقاط : وقف اطلاق النار في جميع انحاء اليمن. فتح مطار صنعاء. السماح بتدفق المشتقات النفطية الى موانئ الحديدة دون عوائق. استئناف العملية السياسية. ودون الحاجة الى التدقيق كثيرا فالملاحظ هنا ان النقاط والشرح عامة إفتقدا للتوازن والموضوعية وبالتالي افتقادهما للعنصر الأهم وهو المصداقية في تناول المشهد . لقد تعمد المبعوث الاممي خلال إحاطته تلك إغفال الحديث عن دور الحوثيين في التصعيد الاخير وتسببهم المباشر في عودة التوتر والمواجهات العسكرية الضارية الى واجهة المشهد، إذ شنت الجماعة وعلى غير المتوقع هجوما واسعا وشرسا على مأرب حدث ذلك فقط مباشرة عقب قرار الغاء تصنيفها بالارهابية وغداة ليلة تصريح جريفيث نفسه بأن ثمة زخما دبلوماسيا غير مسبوق يتطلب سرعة استجابة اطراف الداخل والاستفادة منه لمصلحة الدخول في عملية سياسية تفضي الى حل شامل للصراع باليمن . نسف الحوثيون تلك الفرصة او يكادون من خلال استمرار هجومهم على مأرب ورفضهم لدعوات التوقف، ومع ذلك حرص جريفيث على تجاوز هذه الحقيقة وأنتقل مباشرة في تعبيره عن الحدث الى قدح عبارة فضفاضة تطالب بوقف اطلاق النار في جميع إنحاء اليمن بدلا من تحميل الحوثيين تبعات التصعيد واستغلال ذلك في الضغط على قيادات الجماعة لتحمل مسؤولياتهم تجاه جهود السلام . كانت مفارقة فاضحة وسقوط مؤسف في آن واحد ماقدمه خطاب جريفيث الاخير . عموما، وفي مسلسل انقاذ الجماعة وسعيه لفرض وقائع سياسية تصب في غالبها لمصلحة تمكين سلطة الحوثيين السياسية وتأمين سيطرتهم العسكرية يضع جريفيث إشتراطات الحوثيين المعلنة على لسان قياداتهم في أكثر من مناسبة كأولويات أممية طارئة تخدم نجاح جهوده في حل الصراع . فالكل يعلم ان فتح مطار صنعاء والمطالبة بسرعة رفع القيود عن موانئ الحديدة هي بالاساس مطالب حوثية خاصة تتمسك بها الجماعة وتضعها كإشتراطات تسبق قبولها الدخول في اي حوار او تفاوض سياسي للحل، فكيف إذن، يدعو جريفيث الى حوار غير مشروط بين إطراف الصراع، وهو في نفس الوقت يتبى اشتراطات الحوثيين تحت غطاء اجندات اممية عاجلة؟ وإلى ذلك في اعتقادي حينها لم يعد من جدوى في حديث جريفيث عن النقطة الرابعة كأجندة عاجلة، فإستئناف العملية السياسية مرتبطا عمليا بمصداقية النقاط السابقة والتي كما قلنا هي نقاط لامتزنة بل ومتحيزة بشكل واضح لصالح طرف الانقلاب . وعليه فان الاحاطة الاخيرة أكدت مجددا استمرار بقاء بوصلة المبعوث الاممي باتجاه ترسيخ سلطة الحوثيين اكثر على الارض، الامر الذي من شأنه توفير الدعم المطلوب لموقف الجماعة التفاوضي على طاولة الحل السياسي للصراع . كل هذا الإختلال في خطاب جريفيث وطريقة التعاطي اللاواقعية التي يمارسها مع بقية اطراف الصراع تجعل مسألة قبول الداخل للجهود والمبادارت الاممية المتعلقة بحل النزاع اليمني غير فاعلة وبالتالي يصبح من الصعب حينها التعويل على دور أممي حقيقي ومأمول ضمن عملية استمرار الجهود الدولية الساعية الى إيقاف الحرب وإنهاء الازمة باليمن .