بالعراء وعلى الرصيف تعيش طفلة، ترتسم على وجهها خيبات أمل الحياة وعلى شعرها المنكوش يستقر الغبار. يغطي جسدها النحيل بغض القماش الممزق وكأنه منها يريد الفرار يحتضنها البرد فتجلس القرفصا، وتطوي يديها على ركبتيها لتشعر بالدفء حتى تأتي شمس النهار. اقتربت منه، رفعت رأسها ونظرت الي وكأن مقلتيها نطقت قائلة أريد طعاما يا صاحب الوقار ثلاثة أيام ولم تجد ما تسد به رمقها، وكأن الطعام لمثلها عار أمسكت بيدها وسرنا الى المطعم، وعندما كانت تحستي الطعام وكأنها تعاتبه عتاب عاشقة خانها عشيقها وتركها تنهار سألتها عن والديها وأين يقطن منزلها، توقفت عن الأكل وأخرجت من عمق قلبها نهدتة ودمع عينيها سال كالقطار قالت: ماتت والدتي قبل ان أراها واسمتمتع بحضنها، وتزوج والدي بإمراة شريرة وقبل أشهر مات بإنفجار كانت خالتي تشبع جسمي آلالاما في الصباح، وفي المساء تحبسني في غرفة ليس فيها سوى انا والجدار فهربت من جبروتها الى ذاك الرصيف وجلست في إنتظار مشفقٍ يشفق علي، فأعياني الإنتظار فبكيت حتى بكى الورى، وتحول المطعم الى مأتم ينوح على وضعها الكبار والصغار..