سبعٌ عجافٌ شِداد أكلنّ كل شيء،حصدنا الأحضر واليابس،قتلن الصغير والكبير،دمرن الوطن من أقصاه إلى أقصاه،شردن الشعب بإكمله وجعلن منه شعبٌ متسول ينتظر فتات المساعدات... سبعٌ عجاف مزقن الوطن وشرذمنه وأصبح أطلال وطنٍ نبكيه، وشيء من الماضي نندبه،وأطياف دولة كانت تسكننا رغم مساوى سادتها وساستها،إلا أنها كانت ركنٌ شديد نأوي إليه،وأنغام نترنم بها.. سبعٌ عجاف ثُكلت فيها أمهات،ويُتم فيها أطفال،وترملت فيها نساء،وتوجع فيها الكثير،وتسول فيها أعزة القوم،وذُل الشرفاء،وأعتصر فيها الجوف الأمعاء،وسالت دموع الأقوياء، وأكتوى بنار حربها الكل من أقصى الوطن إلى أقصاه.. سبعٌ عجاف كانت لغة السلاح،ولعلعة الرصاص،وهدير الطائرات، وزمجرة المدافع،والدماء المناسبة،والأجساد الممزقة،والبطون الخاوية هي (سمة) اليمن، هي عنوان حياته الابرز والأكثر بشاعة ووجعاً والماً ليمنٍ كان يسمى السعيد.. سبعٌ عجاف لا أظن أننا سننساها ما حيينا،ففي كل زوايا الوطن المتشظي لنا فيها ذكرى مؤلمة،وحكاية وجع خطتها لحظات الخوف والرعب والجوع والأنين والبحث عن الأمن والأمان،وعن (كسرة) خبزة يابسة،وشربة ماء تطفى لهيب الدواخل وعطشها.. سبعٌ عجاف يريد الساسة أن (يطووا) صفحاتها بكل تفاصيلها وقسوتها ولحظاتها دون أدنى إكتراث لما حملته بين جنباتها.. هكذا وبكل بساطة سيتعانق المتناحرون ويتصافح القادة وسيبقى للبسطاء الذكرى المؤلمة..
قامت حربٌ ولم تحقق غاية أو هدف، بل زادت طين الواقع اليمني (بلة)، وصبت نار الحرب وجام غصبها على جمر المعاناة التي يقتاتها هذا الشعب المغلوب على امره.. سبعٌ عجاف يالقسوتهن ومرارتهن وصعوبة العيش فيهن،تبدلت موازين حياتنا وتكدرت أحوالنا وهُدت قوانا،لم يعد للشعب اليمني مطلباً آخر غير أن يقتات كسرة خبز يابسة وراتبه الضئيل الذي يأتيه نهاية كل شهر، وتنجلي هذه السبع العجاف التي أهلكت الحرث والنسل وأحرقت الأخضر واليابس..