الأستاذ القدير هشام با شراحيل الموقر السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أهديك أحلى وأجمل قبلة حب وامتنان لك ول "الايام". أما بعد كلنا يعلم ولا يخفى على احد الدور الهام الذي تلعبه صحيفة "الايام" في كشف كثير من المساوئ لبعض أفراد السلطة الذين يعملون وفق ما تقتضيه حاجتهم وليست حاجة المواطن وكلنا يعلم ويقدّر هذا الدور الذي اضطلعت به "الايام" ووصلت به إلى ذروة الطود في سلم الصحافة والمجد، وأضحت من جراء ذلك الصحيفة الأولى الأكثر شهرة ومبيعا، وأرقام التوزيع تدل على ذلك، وما ذلك إلا دليل قاطع على أن "الايام" هي قولا وفعلا صحيفة (الغلابى) في هذا الوطن التعيس، وهي لقمة العيش (الفكرية) التي نلتهمها بكل يسر لان يد السلطة لم تدن منها، وإلا لكانت مثيلا لصحفهم لا يقترب منها ولا يقرأها إلا (القرود المثقفون!!). إن جذور "الايام" متينة جدا..جدا، لا تستطيع الرياح المصطنعة زعزعتها منذ عميدها المغفور له الوالد العزيز محمد علي باشراحيل الذي غرسها واحكم الغرس جيدا، واتى الأبناء من بعده وساروا على الخطى نفسها والهدف العظيم (خدمة البؤساء في وطنهم!). أستاذي القدير.. هذا المقال هو رسالة وجهها كاتب المقال الى رئيس تحرير صحيفة الايام ونشر كمقال في الصحيفة في العام 1996 إن المواطن حقا في حالة يرثى لها، فالهم والأرق قد نالا منه الشيء الكثير، وصدقني يا أستاذي إن قلت لك إنني اندب حظي كثيرا، لأنني ولدت وترعرعت في هذا الوطن ليس لكراهيته، ولكن اكره بعض أولئك المسئولين المرتزقة الذين يمسكون بزمام الأمور في وطني، اكرر (مرتزقة) لا قلوب لهم. وصدقني أكثر – يا أستاذي- إن قلت إنني شاب ابلغ من العمر حوالي عشرين عاما وفي ربيع العمر، ولكنني (بدون مبالغة) لا اشعر بذلك!! اشعر وكأنني شيخ كهل يبلغ من العمر ثمانين حولا، بسبب الموت البطيء جراء التعذيب المستمر الذي أحسه من خلال نظراتي لأولئك (الغلابى) وهم يتضورون جوعا وألما ويموتون كالأشجار، تتساقط أوراق أعمارهم تباعا، ونحن ننظر ولا نستطيع الحراك لقلة الحيل، وكم كنت أتمنى أن احصل على (عصا موسى) السحرية لأضرب بها ضربة فينفلق الجدار مكسرا كل القيود والعراقيل وارى الابتسامة على شفاه أبناء وطني جميعهم، فقيرهم ومعدومهم قبل غنيهم وكم..وكم. ولكن هيهات..ولهذا فانا أعيش منعزلا وحيدا، اتخذت من المنزل والكتاب وطنا! أستاذي القدير.. في أيامنا هذه تتحرك الأقدام بخطى حثيثة، وتبرق ماركة السيارات بسرعة جنونية في سباق مع الزمن وبيت القصيد الوصول إلى كل بيت (غلبان) في وطني! والسبب دغدغة المشاعر والأحاسيس والظفر بمقعد في البرلمان القادم، وهم يستغلون كل أنواع النصب والاحتيال للضحك على أولئك الغلابى بان أيام السعد أتت!. وفي شبوة كغيرها من محافظات الجمهورية يعملون ذلك جهارا نهارا، فيقيمون الولائم، ويفتتحون مكاتبهم (كاللوكندات) ومبارز للقات، واتخذوا نوعا جديدا من الحبكة (البرزة السياسية) وآخر المطاف جولات سياحية مليئة بأوراق (البنكنوت) بغية الزيارة وتفقد أحوال المواطنين، وأحوال (جيوبهم).. لله درك يا هذا الوطن!!. وغريب حال الأحزاب السياسية في بلادنا وبالذات (المتسلطة) التي لا يقوى احد على الوقوف أمامها، إلا رب العالمين..إنهم يرتكبون حماقات لا تغتفر، ويتغنون بالانجازات تلو الانجازات، وأين هي؟! أستاذي القدير. (لا يحس بالنار إلا واطيها) ونحن (البؤساء) و "الايام"..نعيش سواء تحت ارهاصات السلطة، نذوق المر والعلقم، وهم يحتسون ويتلذذون بطعم السكر والعسل بفضل (الميزانية) السايبة التي تعلم السرقة!. ويا ليت هنالك حزبا يدعى بحزب "الايام" لانخرط فيه العامة (وبدون بيع ولا شراء) ولصار الحزب الحاكم بدون منازع!. "الأيام" الأربعاء 21 أغسطس 1996م، العدد 284