السياسة لعبة قوى وصراع محتدم بين أطراف المصالح والاستراتيجات المتنافسة مثلها مثل الألعاب الأولمبية نسبيا على الاقل في صورتها العامة، فيها الغاية تبرر الوسيلة ، في إطار قواعد اللعبة المعنية ، والسياسي الماهر مثل الرياضي الماهر هو من يكسب النتيجة النهائية ، ومن السذاجة الطفولية ان يعيد المهزوم سبب هزيمته الى ما فعله خصمه ، عدوه ، منافسه , مباريه ,مقابله ...الخ كم أصاب بالذهول!!!!! حينما اسمع بعض من يعتقدون أنفسهم ( قادة وساسة ) حينما يحملون اعداءهم او خصومهم مسؤولية هزيمتهم وفشلهم السياسي المهين ولا اعتقد ان مثل هذا يمكنه ان يقال في مجالات الالعاب التنافسية الاخري في مختلف فنون الرياضة بما في ذلك رياضة النزال بين الفرسان حتى الموت كما نشاهده في افلام الكابوى , رعاة البقر الامريكية , ذلك لاني اعلم كما تعلمون انتم اعزائي عزيازتي بان مثل هذا الكلام او الادعاء يقع خارج حدود العقل والحس السليم _ اقصد منطق الالعاب التنافسية كلها تقريبا بما في ذلك اللعبة السياسية العالية الشحنة التنافسية الصراعية حتى الموت , حيث( ما فيش يا امة ارحميني ) كما يقول المثل العدني .
اذ ان وظيفة خصمك او عدوك او منافسك السياسي وغايته الجوهرية هي ان يهزمك وينتصر عليك ويغلبك ويسحقك ان مكنته منك او تمكن هو باي طريقة من الطرق , ذلك هو المعنى والمغزى الاساسي من فكرة اللعبة التنافسية والصراعية السياسية بالحرب والسلم وهنا يمكن لنا فهم قول الالماني كفرزفون في كتابه ( فن الحرب ): (الحرب هي سياسة بوسائل اخرى ) من اسمها , اقصد السياسة هي ( لعبة قوى ) لا مجال فيها للشفقة والرحمة والتمني واللامبالة والطيبة والسذاجة والبراءة والدواعة والعواطف والانفعالات والكلام الفارغ الذي لا يودي ولا يجيب , هناك ثمة عدو , خصم يتربط بك يريد يصرعك ويهزمك ويكوش عليك باي طريقة من الطرق الممكنة طبعا بمعنى يمكنه فعلها يستطيعها مهما كانت بشاعتها ولا اخلاقيتها كما اكد الفيلسوف السياسيالايطالي بحق نوقولاي ميكافللي في كتابه الشهير ب الامير الذي يعد انجيل السياسة والسياسيين في كل العصور بلا منازع اذا ان تاريخ العالم من آدم حتى اليوم يمر عبر درب ميكافللي السياسي الواقعي العقلاني حد القساوة, ( في الحرب انا مقابل عدوي وفي السياسة انا مقابل خصومي ) حسب دوبرية هذه سنه من سسن التاريخ وحقيقة من حقائقة لا خير ولا شر بل هي لا يمكن الا ان تكون كذلك بطبيعتها الجوهرية وضرورتها الحياتية الاجتماعية السياسية والا ما الذي يمكن ان يكونه الخصم او العدو السياسي ,وما الذي يمكن توقعه منه ما دمت خصمه وما دام خصمك بالضرورة والموقف والمصلح والاهداف والرغبات والغايات ...... الخ اذ عليك ان تفهم منذ البدء انه لا يرضعك اويطعمك اويداريك ويواسيك ويرحم ضعفك ويشفق عليك , والا فانت حمارا طيبا لا تصلح للسياسة مطلقا يا صديقي وقد قيل حقا (ان الطريق الى جهنم السياسة مفروش بذوي النوايا الطيبة )
ومن لم يفهمها على هذا النحو فمن الخير له ان يخجل ويصمت ويداري خيبته بأسباب تحفظ كرامته الآدمية ، وهيبته المعنوية . والنصر والهزيمة من الأحوال الإنسانية ولا عيب او باس في ان نهزم او نخفق في كسب النتيجة ولكن من المهين والمخجل والمثير للسخرية والقرف ان نحمل مسؤولية فشلنا خصومنا اللدودين كما يفعل بعض الأطفال الكبار !!! ومن العيب ان يبرر شخصا سياسيا فشله وخيبته بالقول : لقد حلمنا بعكس ماجرى , اوخدعنا او زادوا علينا او كما سمعت احدهم يقول : كنت اظن الخير في الأخرين !!!! موقف مثل هذا يشبه موقف الراعي الذي منح كامل ثقته للذئاب وبعد ان اتت على خير ما لديه عاد ليولو لم اكن اتوقع انها متوحشة وماكرة على هذا النحو , لقد خدعتني !!!!!!!!!!!
نصيحة مجانية لكل من يعتقد انه سياسياً اومن يريد ان يمارس السياسة الحقيقة وفي الظروف الطبيعية التي لمتعد قائمة اليوم في مجتمعنا الذي يخوض ثورة مقاومة شعبية سلمية مدنية في ظروف واحوال بالغة الحساسية والتعقيد , وكم هو الفرق بين النشاط الثوري والفعل السياسي في الجنوب للاسف الشديد تم تجفيف الحقل السياسي من ماءه وبات قاعا صفصفا يستحيل السباحة بداخلة , اذ ان السياسية في الظروف الطبيعية تشبه المسبح المترع بالمياة الجارية المتجددة الذي يسبح بهالجميع ويتعلمون فيه فنون السياسة ومهاراتها الضرورية اما حينيتم تفريغه من الماء فكل محاولة للسباحة من قبل المخدوعين برؤية السراب ماء كل قفزة الى وسط المسبح الفارغ كانت تكلف اصحابها حياتهم لان رؤؤسهم ترتطم بالصخرة بدلا من الماء وهذا ما جعل عدن كما قال الانجليزي جرهنماس ( انجبت عدن تجارا ناجحين وسياسيين فاشليين ) ومن اين يمكن للمرء ان يكون سباحا ماهرا اذا كان عمره لم يدخل الماء ؟
نصيحة ختامية مهما فعل بك خصمك او عدوك فمن العيب ان تشتكيه للعامة ، فان فعلت فضحت نفسك ومنحته قيمة وقوة وشهادة تعزز مكانته ، فإذا لم تستطع ان تهزمه وتصرعه فمن الأشرف والاجدر لك ولمن تمثلهم ان تخرس ولا تنشر غسيلك ليشمت فيك اعداءك وتصغر في أعين أتباعك وانصارك وكل من كانوا يراهنون عليك !!!