الجوف.. مقتل شيخ قبلي وإصابة نجله في كمين مسلح    ورشة عمل حول تحسين وتطوير منظومة الزراعة التعاقدية في محصول التمور    وفاة امرأة في عدن جراء انقطاع الكهرباء    وزير الاقتصاد يلتقي المواطنين خلال اليوم المفتوح    غليان وغضب شعبي في عدن ومطالبات للحكومة بتوفير الخدمات    عدن تموت في هذا الصيف والحكومة في غيبوبة    سرايا القدس تعلن تدمير آلية عسكرية صهيونية وسط مدينة خان يونس    نحن لا نعيش تحت حكم "دولة عميقة".. بل تحت احتلال عميق!    بعد وداع المونديال.. الأهلي يريح لاعبيه 18 يوما    الأندية المغادرة والمتأهلة لثمن نهائي كأس العالم للأندية    الوزير الزعوري يشيد بمشاريع هيئة الخليج وعدن للتنمية والخدمات الإنسانية وجهودها في دعم الفئات المحتاجة    كم كسب الأهلي ماليا من كأس العالم للأندية 2025    توقعات بأمطار رعدية وطقس حار واضطراب البحر    الصحة الإيرانية تعلن استشهاد 44 سيدة و13 طفلاً في هجمات الكيان الصهيوني على إيران    استشهاد وإصابة61 مواطنا بنيران العدو السعودي الأمريكي الصهيوني في صعدة    وفاة 49 شخصا وإصابة 485 في 353 حادثاً مروريا خلال إجازة العيد    - عنوان ممتاز وواضح. ويمكنك استخدامه كالتالي:\r\n\r\n*الأوراق تكشف: عراقيل تهدد إعادة فتح فندق موفنبيك \r\nعراقيل مفاجئة أمام إعادة افتتاح موفنبيك صنعاء... والأوراق تفتح الملف!\r\n    "حققنا هدفنا".. الحكومة الإسرائيلية تعلن رسميا سريان وقف إطلاق النار مع إيران    وفاة وكيل وزارة الثقافة عزان    من يومياتي في أمريكا .. مؤتمر وباحث عن فرصة عمل    كيف تواجه الأمة واقعها اليوم (4)    موقف غير أخلاقي وإنساني: مشافي شبوة الحكومية ترفض استقبال وعلاج أقدم كادر صحي في المحافظة    ارتفاع حصيلة قتلى صاروخ إيران الأخير إلى 11 إسرائيليا على الأقل    المجلس الأعلى للطاقة يقر حلول إسعافية عاجلة لتوفير وقود لكهرباء عدن    بوساطة قطرية.. اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران    عدن على حافة الانفجار: انهيار شامل وخيوط مؤامرة دولية تُنسج بأيدٍ يمنية    اليمن تضع إمكانياتها تحت تصرف قطر وتطلب من المغتربين عدم العودة لسوء أوضاع وطنهم    "العليمي" يفرض الجزية على حضرموت ويوجه بتحويل 20 مليار ريال شهريا إلى إمارة مأرب    هلال الإمارات يوزع طرود غذائية على الأسر الأشد فقرا بشبوة    كفى لا نريد دموعا نريد حلولا.. يا حكومة اذهبي مع صاروخ    أوساكا.. انتصار أول على العشب    حان وقت الخروج لمحاصرة معاشيق    مسئول ايراني كبير: تصريحات ترامب حول اتفاق وقف النار "خدعة"    إب .. تعميم من مكتب التربية بشأن انتقال الطلاب بين المدارس يثير انتقادات واسعة وتساؤلات حول كفاءة من اصدره    حين يتسلل الضوء من أنفاس المقهورين    السقلدي: هناك شحن وتعبئة لقوات الامن تجاه المواطن    - من هو رئيس تحرير صحيفة يمنية يلمّح بالزواج من إيرانية ؟ أقرأ السبب !    عربة خدمات ارضية تخرج طائرة لليمنية عن الخدمة    بطولة عدن الأولى للبلولينج تدخل مرحلة الحسم    تحركات مشبوهة للقوات الأجنبية حول مطار المهرة ..    هيئة الآثار والمتاحف تسلم 75 مخطوطة لدار المخطوطات بإشراف وزير الثقافة    النفط يرتفع إلى أعلى مستوياته منذ يناير بسبب المخاوف بشأن الإمدادات    الشعر الذي لا ينزف .. قراءة في كتاب (صورة الدم في شعر أمل دنقل) ل"منير فوزي"    ريال مدريد يقسو على باتشوكا    فصيلة دم تظهر لأول مرة وامرأة واحدة في العالم تحملها!    الصين.. العثور على مقابر مليئة بكنوز نادرة تحتفظ بأسرار عمرها 1800 عام    الكاراز يعادل رقم نادال على الملاعب العشبية    قطاع الأمن والشرطة بوزارة الداخلية يُحيي ذكرى يوم الولاية    المنتخب الوطني تحت 23 عامًا يجري حصصه التدريبية في مأرب استعدادًا لتصفيات آسيا    إيران تنتصر    مرض الفشل الكلوي (9)    توقيف الفنانة شجون الهاجري بتهمة حيازة مخدرات    كشف أثري جديد بمصر    من قلب نيويورك .. حاشد ومعركة البقاء    الحديدة و سحرة فرعون    شوجي.. امرأة سحقتها السمعة بأثر رجعي    علاج للسكري يحقق نتائج واعدة لمرضى الصداع النصفي    حين يُسلب المسلم العربي حقه باسم القدر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عن الثائر الصغير الذي تفطرت قدماه في مسيرة الحياة .. الحلم لايزال مستمراً
نشر في عدن الغد يوم 29 - 12 - 2011

غادر ساحة التغيير لزيارة جدته في غرفة الإنعاش بمدينة إب، وعاد من منتصف الطريق مع المسيرة وقتلته قوات بقايا العائلة على أبواب صنعاء,, وتقطع حذاؤه في المسيرة الراجلة فبلغت قيمته في المزاد ثلاثة ملايين ومرسيدس بنز، ولا يزال المزاد مفتوحا عبر الصحوة موبايل,,

طوى الأب فراش ولده في الخيمة بساحة التغيير، وقال "هذا مكاني، سأعود إليه بعد أسبوع"..

ويقول لموقع الثورة اليمنية زيد الكبوس مشرف ائتلاف "رواد الحرية والبناء" بأن الشهيد أحمد علي بن علي الرعيني – 17 عاما – كان من أفضل الشباب خلقا وانضباطا داخل خيمته بشارع الحرية، وأكثرهم التزاما بحضور المسيرات، وتفاعلا في الأنشطة، وكان لديه من الشجاعة ما يجعله في المقدمة في المسيرات، منذ أكثر من شهر من استقراره في الساحة، بعد أن أعياه السفر إلى السعودية طلبا للقمة العيش، ثلاث مرات هذا العام عن طريق التهريب..

استأذن أحمد الرعيني من مشرف الائتلاف الذي ينتمي إليه، كي يسافر إلى بلاده، لقضاء بعض حاجاته، ومنها زيارة جدته التي في غرفة الإنعاش..

في قرية من قرى ريف مدينة إب، تسمى اليهاري، ولد الشاب الشهيد أحمد علي بن علي الرعيني، ضمن ستة إخوة وأخوات هو أكبر الذكور. وفي اليهاري حيث يوجد أشهر دار للقرآن الكريم على مستوى المناطق الوسطى واللواء الأخضر، ترعرع ونشأ، واشتهر بطيبة قلبه ومزاحه وكرمه وتفانيه من أجل أسرته وإخوانه..

لا تبالي النساء في قرية اليهاري الشهيرة إن قضى أحد نحبه في سبيل الله والثورة والوطن، ويعد أحمد أول أبناء هذه القمة الخضراء المطلة على مدينة إب، يستشهد في هذه الثورة. وهذه أمه وأخته وفتاة أخرى فطنة من قريته يتوعدن النظام العائلي بتشييعه إلى جزاء دنيوي عادل، كما شيعن مع جمهرة غفيرة من أبناء اللواء الأخضر جثمان شهيد مسيرة الحياة أحمد الرعيني. تضيف الفتاة الذكية "هذا هو أول أبناء القرية، وسوف لن نتراجع عن ثورتنا حتى ولو فقدنا كل أبناء وبنات القرية، وسوف ننتصر بإذن الله"..

يغلب على قرية اليهاري والقرى المجاورة لها، تزويج الشباب في سن مبكرة، وتسود هذه العادة في ذلك المجمع الجبلي، بفعل وحدة التكوين البيئي والاجتماعي ذي الطابع الديني المحافظ، ويعود ذلك التقارب إلى تأثير مجمع دار القرآن الكريم باليهاري.

وقد حقق استشهاد أحمد أولى أمنياته بأن يدعو لعرسه كل من يعرفهم، القاصي والداني، حتى الحيوانات والطيور، كما قالت تلك الفتاة التي كانت إلى جوار نسوة كثر، شهدن التشييع المهيب لأحمد بعد الصلاة عليه عقب صلاة جمعة الوفاء لمسيرة الحياة بمدينة إب..

في ساحة التغيير وفي آخر شهر من حياته، عمل أحمد في بيع شرائح سبأفون، يشتري منها كميات باسمه، ثم يبيعها في الساحة لمن يريد ممن يستبطئون الروتين في أروقة شركات الاتصالات.. أصبح لدى أحمد ما يسد به رمقه ويوفر حاجته من المال، بل وزاد فنظر إلى من حوله فكانوا يستدينون منه فيعطي كل واحد منهم ما يريد، بطيب نفس وكرم خلق..

لا يزال ابن قريته وجليسه في الخيمة، الإعلامي عبد الخالق محمد منصور، يتذكر معاناة الشاب الشهيد أحمد الرعيني، ومن هذه المعاناة سفره ثلاث مرات هذا العام إلى المملكة السعودية تهريبا، كي يساعد والده في إعالة أسرته وإخوانه، وكان يود أن يعود مليء ذات اليد، وفي كل مرة لا يكتب له فيها النجاح، يعود إلى صنعاء ليمكث فيها تمهيدا لتهريب آخر، ويأبى السفر إلى القرية، حياء من والده وأهله أن يعود إليهم خالي الوفاض.

وفي مسيرة الحصبة التصعيدية شاهد عبدالخالق محمد منصور زميله وابن قريته، وهو يحث الخطى باتجاه مقدمة المسيرة.. لقد وجد الشاب الرعيني نفسه في هذه الساحة الثثائرة منذ انضم إليها، فأعطاها كل وقته وحبه وأخلاقه، حتى إذا غالبه الشوق لرؤية الأهل، استأذن من مشرفه، وذلك دليل نبل والتزام، ليسافر إلى إب، وما ثمة جدة في غرفة الإنعاش، هي أفضل عند أحمد الرعيني، من ثورته، لولا تراكم الأسباب وواجب الطاعة.

ولقد فعلها الشاب الطموح والهادئ، فحزم أمتعته ينوي إقامة يومين، وفي الطريق شاهد ما أذهل العالم أجمع.. مسيرة الحياة متجهة إلى صنعاء مشيا على الأقدام. وماذا على أحمد لو قطع سفره وعاد إلى صنعاء مع المسيرة، وهو الذي قطع مسافات أطول أثناء تهريبه إلى الجارة الغنية، وعلى قدميه أيضا..

يقول والد عبد الخالق لموقع الثورة اليمنية، كنت مع المسيرة الراجلة، وفي ذمار رأيت الشهيد الفتى أحمد الرعيني، فأخبرته بوجهتي في المسير مع الشباب إلى صنعاء، فقرر أحمد على الفور الانضمام إلى المسيرة والعودة إلى صنعاء..

ها هو أحمد يدلف إلى أبواب صنعاء، فيحاصر دون دخولها من بوابتها الجنوبية بدار سلم، ويقتل مع أربعة عشر من رفاقه الأحرار، وأكثر من تسعين جريحا، على يد بقايا جلاوزة النظام العائلي المتهالك. وأمام إصرار الشباب طافت الجموع المجلجلة شوارع صنعاء الكبرى، يد ترفع شارة النصر وأخرى تحمل جنازة الشهيد..

يصل الشهداء إلى المستشفى الميداني، وكنت أحد الذين تواجدوا لحظة وصول جثمان أول شهيد من شهداء مسيرة الحياة.. يتوالى وصول الشهداء والجرحى على سيارات الإسعاف والدراجات النارية، ويبذل الأطباء والاستشاريون ما في وسعهم، غير أن إصابة أحمد الرعيني كانت في رقبته، برصاصة غدر ولؤم قطعت منه حبل الوتين، فيوضع في المكان المخصص للشهداء.. لم تستثن وسائل الإعلام ومن بينها قناة سهيل أي جزء من أجزاء الشهيد إلا وقامت بتصويره، واشتد تركيز الصورة على شيئين اثنين: قدما أحمد، والورقة البيضاء التي وضعت على صدره، وقد كتب عليها بخط جميل "الشهيد: مجهول"!!!..

قال عبدالخالق محمد منصور آل قاسم لموقع الثورة اليمنية، إن الشهيد بعث بصوره إلى البلاد مع أحد الشباب قبل أربعة أيام من استشهاده. صور تحكي استعداده لحدث كهذا، بل وطلب أن يطبعوا له من هذه الصور إذا ما كتب له أن يرتقي إلى الملكوت كأحد شهداء ثورة اليمن العظيمة..

أما قدمه المتشققة والمجروحة، فقد كانت تحكي ببلاغة، قصة وصوله مع المسيرة الراجلة، بشيء من التفصيل، إذ تقطعت الأحذية والجوارب والأقدام، لكن طموحات الرجال غير قابلة للتقطيع.

وفي حدث عظيم كهذا، ومسيرة على الأقدام اقشعر لها ضمير الإنسانية، لم يحدث أن تأثر اليمنيون والعالم بشيء منها مثلما تأثروا بهذا القدم الذهبي والنعل الذي سقط عنه، إما بسبب السفر وإما بسبب قوات بقايا النظام، وكلاهما قطعة من العذاب..

"تلك مشيئة الله تعالى في إذلال طواغيت الأرض، بأهون الأشياء" كما كتب أحدهم في صفحته على الفيسبوك معلقا على المزاد العلني الذي تبناه موقع الصحوة نت عبر الصحوة موبايل، لبيع حذاء الشهيد أحمد الرعيني، حيث بلغ آخر مزاد مبلغ وقدره أربعة ثلاثة ملايين ريال وسيارة مرسيدس أرنب لصالح أسرة الشهيد، ومليون خامس لصالح أسر شهداء مسيرة الحياة.

"وها هو صالح يمرغ أنفه في الهزيمة والعار، بهذا الحذاء الذي يقض مضجعه كلما زاد المزاد" يضيف نفس الكاتب المشار إليه أعلاه... فرحم الله الشهيد..

وللشاعر فؤاد الحميري:
هذه رأسٌ وليست قدما
فهي لا تصلح إلا للسَما
دع ثرانا لا تُغبّرها به
واصعد المعراج وارقَ السُلّما
ما مَشَتْ إلا لعزٍ سامقٍ
فإذا ما وطأتْ شيئاً سَما
كل شبر في ثرى عالمنا
يتمنى دَوْسَها المحترما
فهي إن تمشي على (إسفلتنا)
يلصق (الإسفلت) فيها هائما
ويهبّ الرمل من غيرته
فيغطّيها ويبكي مُغرما
مِنْ تلظّيه إلى تقبيلها
يتمنى الريح لو كان فما
قَدَمٌ لكنها تعلو على
كل نعلٍ يتسمّى حاكما
*من محمد الجماعي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.