قل لي يا من تنوي أن تعتذر لشعبي وتطلب السماح من أمتي, أيجدي نفعا أو يغير في الأمر شيئا؟ قل لي أيمحو اعتذارك مآسي أهلي ومعاناة قومي؟ قل كيف سيكون اعتذارك وماهي كلماتك ؟ وعن ماذا ستعتذر؟ بربك أتتخذنا هزوا, أم أنك تريد أن تسخر منا؟؟ أتظن ظن الجاهلية الأولى أننا سنقبل باعتذاركم الهش أو أن كلماتك ستطبب جراحنا وستنسينا آلامنا وستطوي صفحات أحزاننا.. عن أي شيء ستعتذر ؟ عن دماؤنا, عن أرواحنا, عن أوجاعنا,عن ألآمنا , عن دموعنا, عن لحظات البؤس والشقاء,عن لحظات الأنين والعناء, عن آهاتنا التي فتت الصخور,عن أناتنا التي أذابت الجبال, عن دماؤنا التي ارتوت منها أرضنا, عن قتلانا , عن أسرانا , عن أهلنا الذين فقدوا, عن مستقبلهم الذي ضاع ,عن حياتهم التي دمرت وتحولت إلى جحيم,عن سنوات العطاء والبذل التي ذهبت هدر..
ما نفع اعتذاركم إن لم يغير شيء في حياتنا التي تحولت إلى جحيم لا يطاق وعذاب لا يحتمل وتبددت فيها معاني السعادة والفرحة حتى الابتسامة التي نستجديها هي الأخرى سلبت منا ولم تعد ترتسم على شفاهنا إلا على مضض وكأنها ليست من حقنا..
ما نفع اعتذاركم ونحن من أغتصب وطننا ونهبت ثروتنا ونكل شعبنا وأقصي خير رجالنا وطرد أفضل كفاءتنا وباتوا من الشارع وإلى الشارع يستجدون الرحمة والشفقة وينتظرون أن تمتد إليهم الأكف وتمسح عنهم دمعات الحزن والأسى والحسرات على عمرهم الذي ذهب هباء وأصبح في خبر كان, فمنهم من قضى نحبه ومنهم من جن جنونه ومنهم من لا يعلم من أمره شيء..
ما نفع اعتذاركم وفينا الأم التي أثكلت حزنا لفقدانها ولدها ولم تذق طعم الراحة قط فتسامرها أطيافه وتراودها ذكراه وتعيش على أمل اللحاق به لتحتضنه وتعانقه بشوق ولهفة وحنين..
ما نفع اعتذاركم وأطفالنا تيتموا وفقدوا أبائهم وحرموا من سكنى أحضانهم ومن ملاطفتهم ومداعبتهم وكلمة (بابا) وباتوا لا يعرفون سوى الحزن والضياع والخوف من المجهول بعد أن خطف منهم أبيهم وسلبتهم حربكم واستبدادكم أجمل ما يملكون في حياتهم..
ما نفع اعتذاركم ونحن من دكت منازلنا وسويت بالأرض وبتنا في العراء تقلنا الأرض وتظلنا السماء,لا حرير يدثرنا في صقيع الشتاء , ولا شيء يقينا زمهرير الصيف,ولا شربة ماء يطفئ ظمئنا وتريدون أن نقبل اعتذاركم وتناسى جروحنا ومآسينا ووطننا وكل لحظات القهر والانسحاق التي عشناها منذ أن احكم نظامكم قبضته علينا..