في لبنان،ليس هناك ما يوحي ان الامور تسير الى الأفضل بل الى الاسوأ والأعظم..! تفجيرات متنقلة،اجواء مشحونة،تهديدات متبادلة،قلوب حاقدة،عيون شاخصة،ودموع لا تغسل الاحزان بل تزيدها تمددا .. إنقسام عمودي أصاب الجميع، حتى البقلاوة لم تسلم منه. قبل عامين،"هبطت علينا" من السماء(..) حالة وطنية غرسها منتخب لبنان الكروي. حالة كنا نتوق اليها في ضوء إنعدام مساحات التلاقي بين اللبنانيين. كان هذا المستطيل الاخضر الذي لا يتجاوز ال 200 متر،ساحة مميزة لهذا التلاقي.مكونات المجتمع اللبناني المعّقد توحدت في مشهد سيبقى محفورا في الأذهان لسنوات قادمة. صحيح ان بعض اللاعبين وقعوا في "خطيئة" التلاعب،لكن ذلك لا يُلغي النجاح الباهر لهذا الجيل. لجأت في مقالتي الى منتخب لبنان،لأنه كان النموذج،ونقطة الالتقاء بين جميع اللبنانيين.ساحرة مستديرة مغلفة بالجلد ،لا يتجاوز وزنها ال500 غرام، نجحت في توحيد ما عجزت عنه "طاولة حوار" امتدت منذ عام 2006 ..!! يُجزِم كثيرون ان الطبقة السياسية الحاكمة تتحمل وزر الحالة الدموية التي تمر بها البلاد.لا خلاف على ذلك.ثمة اجماع يتجلى يوميا في مواقع التواصل الاجتماعي التي فاضت،بعد انفجاري طرابلس،بعبارات العداء والغضب على اهل السياسة.فعند كل إستحقاق امني كان ام سياسي يُظهِر اهل السياسة عجزهم عن الوصول الى ارضية مشتركة، وتظهر بالمقابل الحاجة مجددا الى القواسم المشتركة. إذا، ما هو الحل ؟ إلى مساحات التلاقي دُر .. للأسف، ما من شيء يجمع اللبنانيين حوله الآن سوى : وحدة الدم ..ومنتخب الكرة ! دعونا من الدم ورائحته.. ولنبقى في الامل وبوارقه. نحن بحاجة الى رسائل فرح تعبر كل الجسور بأعمدتها الطائفية والمذهبية.تردم الهوة،تقلص الفوارق،تُزيل الحواجز. رسائل فرح تخترق بيوت "التنك" والقصور الفارهة،ترتسم على وجه الفقير والغني،الطائفي والعلماني،العامل ورب العمل! منتخبنا.. حالة وطنية تجاوزت دقائق المباراة التسعين.عززت الوحدة الوطنية ووضعت الانتماء السياسي جانبا. منتخبنا لم يعد حالة وطنية فحسب بل أضحى "حاجة" وطنية نحتاج اليها في أوقات الشدة والالم .. والبارود والدم !! هو قدرنا،على الاقل في المدى المنظور. هي حكايتنا التي تلخص قصة شعب وحّدته "الكرة" ومزقته البقلاوة .. SMS إلى الطبقة السياسية: من باب اولى الجلوس على طاولة الحوار عِوضا عن العبث بملاعب الرياضة ! ** نقلاً عن صحيفة اللواء اللبنانية