يعتبر موضوع الغاء الطائفية السياسية موضوعاً حساساً في المجتمع اللبناني حيث يرى البعض ان من مصلحة لبنان ادامة الصيغة الطائفية التي أمنت له منذ الاستقلال حالة متقدمة من الحرية السياسية خلافاً لما هو سائد في المنطقة، في حين يعتقد البعض الآخر ان الطائفية السياسية وان امنت للبنان فسحة من الديمقراطية الا انها حرمت نظامه من فرص التطور وسجنته في اغلال الجمود والعجز حيث تحتاج الدولة الان الى رعاية عربية دائمة لتأمين التواصل وتحقيق الهدنة بين اطرافها، وحيث تشهد الادارة والمؤسسات العامة تردياً هو اقرب الى الانحلال كما يحدث في مؤسسة كهرباء لبنان التي باتت بحاجة الى دعم سنوي يفوق المليار دولاراً كي تستمر على قيد الحياة. وازاء الخلاف القائم ينبغي الاحتكام الى الحوار. وافضل انواع الحوار هو الذي يدور ضمن المؤسسات الدستورية التي يمكن لها، احسن من سواها، ان تستوعب الخلاف وتعمل على تنظيمه او تجعله نقطة انطلاق توصلاً الى تفاهم يتجاوب مع مقتضيات الواقع. واذا كان الرئيس نبيه بري قد طرح موضوع تشكيل الهيئة الوطنية لدرس امكانية الغاء او تجاوز الطائفية السياسية فلأن الدستور اناط بمجلس النواب مسؤولية المبادرة في هذا الاتجاه وقد حان الوقت، بعد مرور 67 عاماً على الاستقلال وقرابة العقدين على اتفاق الطائف، لطرح هذا الموضوع على بساط البحث في الاطار الشرعي دونما خوف لان الخوف هو من انقطاع الحوار لا في البدء فيه. واذا كان اللبنانيون يفاخرون بنظامهم الديمقراطي فالديمقراطية تفرض المراجعة والنقد فكيف اذا كانت تستند هذه الديمقراطية، فيما تستند اليه، الى الطائفية السياسية التي تميز بين مواطن واخر وبين جماعة واخرى، وكيف اذا كانت سائر المرجعيات المكتوبة تدعو الى المراجعة وتجاوز ما اعتبره أباء الاستقلال ثغرة كبيرة في حياتنا الوطنية. ان وثيقة الوفاق الوطني التي اندمجت بالدستور واصبح الالتزام بها امراً غير قابل للجدل اكدت على اهمية الغاء الطائفية السياسية. ان فشل الطبقة السياسية في الاستجابة لتحدي البحث في مضار الطائفية السياسية لا يمكن المرور عليه مروراً عابراً وانما ينبغي التوقف عنده نظراً لما يؤشر اليه من استكانة واستسلام للامر الواقع ولما يعكسه من عجز النظام الطائفي عن التطور والتجديد فضلا عن استمراء الطبقة الحاكمة لهذا النظام المأزوم المتخصص في تفجير الازمات الدورية وترسيخ التردي وزرع اليأس سواء على مستوى الدولة والادارة حيث يحضر التقاسم وتغيب المحاسبة، او على مستوى المجتمع ومؤسساته التي تميل في ظل انسداد الافق السياسي الى التفكك والانفلات. إن الدولة التي تعجز عن حماية مواطنيها وتأمين المساواة فيما بينهم واستخلاص حقوقهم هي دولة الدويلات وأحيانا أضعفها. والدويلات كما علمتنا التجارب لها عقليتها المتزمته ونظامها العصبي المتوتر وسلَمها القيمي المتهافت، وكلها قنابل موقوته لا يدري أحد متى تنفجر. فكلما كان التفاوت قائماً والتمييز ماثلاً بين المواطنين أو الجماعات ازدادت نسبة الخطر، وكلما تجذرت العدالة وسادت المساواة بين المواطنين والجماعات تماسكت الدولة واستقر المجتمع. ينبغي التذكير بان الاصلاحات وردت في الوثيقة مترابطة متكاملة ولذلك لا يمكن الشروع في معالجة موضوع الطائفية السياسية قبل فتح ورشة الاصلاح بشكل متناسق على ان تكون البداية في اصدار قانون جديد للانتخاب على اساس المحافظة والنسبية على ان يترافق ذلك مع اصدار قانون اللامركزية الادارية بحيث تنفتح الطريق نحو التطوير والتصحيح وسط عملية سياسية تفاعية تعيد تصويب الامور بروح وفاقية ميثاقية ومنهج وطني ديمقراطي يعتمد الحوار وليس أي اسلوب اخر. فقرات من كلمة الوزير مرهج خلال الندوة التي اقامها تجمع التضامن الوطني في مركز طبارة وتحدث فيها أيضاً د. محمد خواجة عضو المكتب السياسي لحركة امل.