البحسني يشهد تدريبات لقوات النخبة الحضرمية والأمن    عقلية "رشاد العليمي" نفس عقلية الماركسي "عبدالفتاح إسماعيل"    تصريحات مفاجئة لحركة حماس: مستعدون لإلقاء السلاح والانخراط ضمن منظمة التحرير بشرط واحد!    تطور مهم.. أول تحرك عسكري للشرعية مع القوات الأوروبية بالبحر الأحمر    الشيخ الزنداني رفيق الثوار وإمام الدعاة (بورتريه)    ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين جراء العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 34305    إيفرتون يصعق ليفربول ويعيق فرص وصوله للقب    انخفاض الذهب إلى 2313.44 دولار للأوقية    المكلا.. قيادة الإصلاح تستقبل جموع المعزين في رحيل الشيخ الزنداني    هيئة السلم المجتمعي بالمكلا تختتم دورة الإتصال والتواصل الاستراتيجي بنجاح    فيديو صادم: قتال شوارع وسط مدينة رداع على خلفية قضية ثأر وسط انفلات أمني كبير    ذهبوا لتجهيز قاعة أعراس فعادوا بأكفان بيضاء.. وما كتبه أحدهم قبل وفاته يُدمي القلب.. حادثة مؤلمة تهز دولة عربية    مفاوضات في مسقط لحصول الحوثي على الخمس تطبيقا لفتوى الزنداني    تحذير أممي من تأثيرات قاسية للمناخ على أطفال اليمن    امين عام الاشتراكي يهنئ الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين بنجاح مؤتمرهم العام مميز    الجهاز المركزي للإحصاء يختتم الدورة التدريبية "طرق قياس المؤشرات الاجتماعي والسكانية والحماية الاجتماعية لاهداف التنمية المستدامة"    لابورتا يعلن رسميا بقاء تشافي حتى نهاية عقده    فينيسيوس يتوج بجائزة الافضل    مقدمة لفهم القبيلة في شبوة (1)    "جودو الإمارات" يحقق 4 ميداليات في بطولة آسيا    نقابة مستوردي وتجار الأدوية تحذر من نفاذ الأدوية من السوق الدوائي مع عودة وباء كوليرا    المجلس الانتقالي بشبوة يرفض قرار الخونجي حيدان بتعيين مسئول أمني    نبذه عن شركة الزنداني للأسماك وكبار أعضائها (أسماء)    الإصلاحيين يسرقون جنازة الشيخ "حسن كيليش" التي حضرها أردوغان وينسبوها للزنداني    طلاق فنان شهير من زوجته بعد 12 عامًا على الزواج    الإطاحة بشاب أطلق النار على مسؤول أمني في تعز وقاوم السلطات    اشهر الجامعات الأوربية تستعين بخبرات بروفسيور يمني متخصص في مجال الأمن المعلوماتي    رئيس الاتحاد الدولي للسباحة يهنئ الخليفي بمناسبه انتخابه رئيسًا للاتحاد العربي    رجال القبائل ينفذوا وقفات احتجاجية لمنع الحوثيين افتتاح مصنع للمبيدات المسرطنة في صنعاء    حقيقة وفاة ''عبده الجندي'' بصنعاء    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    تضامن حضرموت يظفر بنقاط مباراته أمام النخبة ويترقب مواجهة منافسه أهلي الغيل على صراع البطاقة الثانية    سيئون تشهد تأبين فقيد العمل الانساني والاجتماعي والخيري / محمد سالم باسعيدة    لغزٌ يُحير الجميع: جثة مشنوقة في شبكة باص بحضرموت!(صورة)    دعاء الحر الشديد .. ردد 5 كلمات للوقاية من جهنم وتفتح أبواب الفرج    اليونايتد يتخطى شيفيلد برباعية وليفربول يسقط امام ايفرتون في ديربي المدينة    لأول مرة.. زراعة البن في مصر وهكذا جاءت نتيجة التجارب الرسمية    رئيس كاك بنك يبعث برقية عزاء ومواساة لمحافظ لحج اللواء "أحمد عبدالله تركي" بوفاة نجله شايع    الخطوط الجوية اليمنية تصدر توضيحا هاما    وحدة حماية الأراضي بعدن تُؤكد انفتاحها على جميع المواطنين.. وتدعو للتواصل لتقديم أي شكاوى أو معلومات.    "صدمة في شبوة: مسلحون مجهولون يخطفون رجل أعمال بارز    مليشيا الحوثي تختطف 4 من موظفي مكتب النقل بالحديدة    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    الديوان الملكي السعودي: دخول خادم الحرمين الشريفين مستشفى الملك فيصل لإجراء فحوصات روتينية    صحيفة مصرية تكشف عن زيارة سرية للارياني إلى إسرائيل    برشلونة يلجأ للقضاء بسبب "الهدف الشبح" في مرمى ريال مدريد    دعاء قضاء الحاجة في نفس اليوم.. ردده بيقين يقضي حوائجك ويفتح الأبواب المغلقة    «كاك بنك» فرع شبوة يكرم شركتي العماري وابو سند وأولاده لشراكتهما المتميزة في صرف حوالات كاك حواله    أعلامي سعودي شهير: رحل الزنداني وترك لنا فتاوى جاهلة واكتشافات علمية ساذجة    كان يدرسهم قبل 40 سنة.. وفاء نادر من معلم مصري لطلابه اليمنيين حينما عرف أنهم يتواجدون في مصر (صور)    السعودية تضع اشتراطات صارمة للسماح بدخول الحجاج إلى أراضيها هذا العام    مؤسسة دغسان تحمل أربع جهات حكومية بينها الأمن والمخابرات مسؤلية إدخال المبيدات السامة (وثائق)    دعاء مستجاب لكل شيء    مع الوثائق عملا بحق الرد    لحظة يازمن    - عاجل فنان اليمن الكبير ايواب طارش يدخل غرفة العمليات اقرا السبب    وفاة الاديب والكاتب الصحفي محمد المساح    تصحيح التراث الشرعي (24).. ماذا فعلت المذاهب الفقهية وأتباعها؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تقرير : مستقبل الصراع " المذهبي والطائفي "والتخوف من التمدد الشيعي في الجنوب ؟؟
نشر في عدن الغد يوم 03 - 09 - 2013

اصدر مركز دراسات محلي بمدينة عدن تقريرا قصيرا حول الصراع المذهبي في اليمن ومخاوف التمدد من التمدد الشيعي في جنوب اليمن .
ولاهمية التقرير تنشر "عدن الغد" نص التقرير الصادر عن مركز مدار للدراسات :
قبل عشرين عام تقريباً نشر صامويل هنتنجتون نظريته في كتابه الشهير " صدام الحضارات .. إعادة صنع النظام العالمي" الذي نشره في نهاية تسعينات القرن الماضي بعد انتهى الحرب الباردة بين المعسكرين بسقوط احدهما وسيادة الاخر على العالم ، ويشير صامويل هنتنجتون في نظريته ان الصراع القادم هو صراعات بين الحضارات(صراع ثقافي ، ديني) بدلا من الصراع الايدلوجي الذي سار في زمن الحرب الباردة فالشعوب التي تفصل بينها الايدولوجيا تجمع بينها الثقافة وتقرب بينها .
كانت مسوقات هذه النظرية قد ارتكزت علي علم النبوآت بعد انتهى الحرب البادرة ومستقبل العالم وقد اثار جدلاً واسعاٍ واستجابة لما تثيره الاحداث الراهنة بالعالم من مشكلات وأسئلة لا تجد لها اجابات واضحة .
لقد كان الصراع في الحرب البادرة يستند إلي الايدلوجيات ، بينما تري نظرية صراع الحضارات بأن الصراع القادم هو صراع ثقافي بين الاديان والطوائف ، وما جرى في البوسنة والهرسك وفي افغانستان والعراق وحالياً في سوريا وغداً في اليمن إلاّ تأكيدا على صحة هذه الفرضية.

ان إثارة الصراعات الطائفية والمذهبية تأتي ضمن رؤية صراع الحضارات والتوجه السياسي للقوى المهينة على العالم ، ففي اليمن الذي يجمع بين الطائفتين المسلمة ( الزيدية ، والشافعية )،تمثلان غالبية السكان في اليمن ، ونسبة ضئيلة جدا ينتمون الى الديانة اليهودية تتواجد في اليمن الشمالي أي ما عُرف بالجمهورية العربية اليمنية ، اما اليمن الجنوبي الذي عُرف بجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية ، لا توجد فيه طوائف سوى طائفة واحدة مسلمة هي الطائفة (السنية).
الصراع الطائفي والمذهبي في اليمن :
لقد ظهرت اولي تجليات ذلك الصراع في العام 2003م المتمثلة في التصادم بين جماعة الحوثيين ونظام صنعاء في محافظة صعدة معقل الحوثيين . وكان قد ظهر هذا الصراع بصورة واضحة بينهم في ستة حروب جرت بين الاعوام 2003م – 2009م ، انتهت بتسوية سياسية بوقف اطلاق النار بين الطرفين بعد تدخل الخارج كوسيط ومنها دولة قطر.
يذكر ان اللواء علي محسن الاحمر قائد الفرقة الاولى مدرع قد تولى قيادة الحرب من جانب النظام علي الحوثيين، وهو الرجل الذي شكل الثنائي مع الرئيس صالح خلال المراحل السابقة وعُرف بانه صاحب نفوذ قوي في المجتمع والقريب جدا من تنظيم الاخوان المسلمين .
في اثنا الحرب تبادل الطرفان التهم وحاول كل طرف ان يكشف علاقة الطرف الاخر بقوى خارجية فالنظام كان يصرح ويتحدث عن ادلة تورط إيران بالحرب لصالح الحوثيين الذين ينتمون للمذهب الزيدي وهو احد مذاهب الشيعة ، بينما كان الحوثيين يتحدثون عن تدخل الطرف السعودي في القتال إلي جانب القوات المسلحة ( النظام) ، وتبعاً لذلك سوا صحة تلك الادعاءات أم لم تصح فأن الأمر هنا يحمل في طياته مضمون الصراع المذهبي بإبعاده السياسية .
وبرغم وقف القتال بينهم منذ العام 2009م ، إلا أن الحرب السياسية والإعلامية قد تصاعدت وتيرتها وأخذت اشكالاً عدة حيث انتظم الحوثيون في نشاطهم السياسي وصاروا منظويين في حزبين سياسيين علي الأقل هما " حزب انصار الله ، وحزب الحق " يمتلكان وسائل اعلام كالصحف والقنوات الفضائية مثل (قناة المسيرة ). في حين يستغل السنة نفوذهم السياسي في السلطة من خلال حزب الاصلاح الذي يمتلك وسائل اعلامية عديدة مثل قناة (سهيل ) وصحيفة الناس وأخبار اليوم ومراكز ابحاث مثل مركز الجزيرة ومركز أبعاد، فضلا عن امتلاكه عدد من المؤسسات الاقتصادية.
يبدوا إن الصراع المذهبي يسير علي غرار ما هو واضح من صراع في بلدان أخرى ، يحمل في طياته جذور الصراعات التاريخية المذهبية والقبلية والجهويه ، التي تتخذ من السياسة واجهة علنية لها . وقد ظهر الحوثيين بصورة حركة سياسية ذو بُعد ديني ، ولم تظهر باسم الطائفة الزيدية ، بدأت نشاطها في العام 2001م ، تحت ما سمي بحركة الشباب المؤمن بحلقات تعليمية للشباب ، اتخذت من العداء لإسرائيل وأمريكا خطاباً مرجعياً لها لكسب التأييد في الوسط الاجتماعي العربي والمسلم في الوقت الذي لم تتجرأ أي قوى أخر الوقوف في وجه أمريكا بعد احداث 11سبتمبر في الولايات المتحدة الامريكية وهجوم الولايات المتحدة الامريكية عل العرب والمسلمين ؛ بينما نرى ان حزب الاصلاح الذي تدخل في إطاره حركتي " الاخوان والجهاديين " يتخذون من المذهب السني خلفية تدعم نشاطهم السياسي .
ووفقا لهذه الاتجاهات نرى انهما يسيران في فلك الصراع الدائر في المنطقة الذي تتجاذبه عدة اطراف ، تتجلي صوره بوضوح في الحرب الدائرة حالياً في سوريا وقبلها في لبنان. الاّ ان الصراع في اليمن له خصوصيته لاسيما في ظل الاوضاع السياسية الداخلية المعقدة التي يمر بها اليمن وحضور تنظيم القاعدة فيه ، ذلك قد يجل الصراعات في اليمن تسير بمنحى اخر تتداخل فيها الاطراف السياسية والمذهبية والقبلية ، ويسهل اختراقها وتجاذبها من قبل اطراف عدة .
صراع الحوثيين والإصلاح :
يتصف الصراع الدائر اليوم بين الحوثيين والإصلاح في منطقة دماج محافظة صعده شمال اليمن ، بأنه صراع طائفي مذهبي / سياسي يكتنفه الغموض والتداخل ، وقد بدا في المواجهة المسلحة بينهم منذ سنتين تقريباً دون حسم ، يتضح بأنه يسير بنفس الطريقة التي سارت عليها السته الحروب السابقة بين الحوثيين والنظام ، عندما كانت تدار تلك الحروب عبر الهاتف ، إذ عملت اطرافها على ابتزاز المجتمع الاقليمي في كسب الدعم .
يمكن القول بأن الصراع الحالي بين الحوثيين وحزب الاصلاح هو مقدمات لحروب طائفية ، مذهبية قادمة تعمل لصالح اجندة داخلية وخارجية ، تقف ضد استقرار اليمن من ناحية ، وضد خيارات الشعب في الجنوب من ناحية أخرى . ففي السنتين الاخيرة لوحظ تزايد نفوذ حزب الاصلاح في الجنوب بعد أن فسح له نظام صنعاء المجال بهدف مواجهة الحراك الجنوبي المطالب بالتحرير والاستقلال واستعادة بناء دولته الوطنية المستقلة ، وتشير نتائج ما بعد ثورة التغيير بأنها قد ساعدت على توسيع مجال حركة الإخوان المسلمين وتقاسمهم الحكم مع المؤتمر الشعبي كعملية إصلاح للنظام القديم / الجديد ، الذي يتعامل مع الجنوب كغنيمة حرب.
فموقف حزب الاصلاح"الاخوان المسلمين" من الوحدة ينطلق من البعد الاسلامي للتنظيم العالمي للإخوان الذي يقر بوجود دولة اسلامية موحدة ، حيث لا يرون حقيقة وواقع ما يسمى بالوحدة اليمنية ، وما جرى من ظلم للجنوب باسم الوحدة . يذكر بان هذا الموقف لحزب الاصلاح " الاخوان " في اليمن قد تداخل مع مصالح بعض القوى التقليدية وقوى الفساد في حزب المؤتمر التي ترى بان الوحدة مغنمة لها ليس إلا.

مخاوف نقل الصراع إلى الجنوب:
يتحدث الناس عن مخاوف نقل الصراع المذهبي والسياسي الدائر بين الاصلاح والحوثيين في الشمال ونقله إلى الجنوب بواسطة الاصلاح " الاخوان " حيث يشاع ويروج في وسائل الاعلام منذ فترة عن التمدد الشيعي والتواجد الايراني في الجنوب ، والهدف منه توجيه بعض التيارات المذهبية والإصلاحية لمواجهة الحراك الجنوبي السلمي وجره إلى العنف ، وقد ظهرت بوادر هذا الصراع منذ سنتين تقريباً بين شباب ثورة التغيير في صنعاء وحزب الاصلاح " الاخواني" من جهة ، وبين الاصلاح والحوثيين من جهة اخرى ، ثم انتقلت بعدها إلى مدينتي عدن والمكلاء ظهرت عبر الاحتكاك المباشر بين شباب الاصلاح وشباب الحراك في عدد من الفعاليات التي تشهدها الساحات الجنوبية .
يبدوا أن تلك الاطراف التي تروج وتبث الاخبار والشائعات عن تواجد للنشاط الشيعي الايراني في الجنوب قد تهدف إلى تحريض بعض المذاهب السنية والاصلاحية ضد من تُشار لهم اصابع الاتهام بإيران وهي " قوى الحراك الجنوبي السلمي " . وهذا يعود بذاكرتنا إلى زمن الحرب البادرة عند ما تم تصدير الافكار الماركسية إلى الجنوب الذي يمثل بيئة ثقافية واجتماعية تتعارض مع هذه الافكار ، الامر الذي دفع بعض القوى الاسلامية المتطرفة أن تقف ضد هذا التوجه ، ليس ذلك فحسب ؛ بل اتخذت الدول المجاورة للجنوب موقفاً من النظام فيه الذي عاش في قطيعة تامة مع محيطه العربي والإسلامي ، الامر الذي آثر سلبا على الجنوب ، الذي مازال الى يومنا هذا يعاني من تبعات ذلك الماضي ، بينما كان نظام الجمهورية العربية اليمنية في الشمال علي علاقة مع دول الجوار والإقليم وبعض الدول العالمية التي تتحكم اليوم في مجريات الصراعات السياسيات العالمية والوصية على اليمن حالياً .

قضية الجنوب والصراع المذهبي !
تختلف البيئة الثقافية والاجتماعية في الجنوب الذي لا توجد فيه تعدد للطوائف أو المذاهب الدينية كما هي في بعض بلدان المنطقة ، وكانت الدولة السابقة في الجنوب قد انتهجت نظاما سياسيا مغايرا للأنظمة السياسية في الاقليم ، إذ كان نظاما حليفا للاتحاد السوفيتي السابق آبان الحرب الباردة .
يذكر أن الاخوان والمجاهدين قد تحالفوا مع نظام صنعاء " المؤتمر والاصلاح " في حربهم على الجنوب عام 94 19م، بعد دخول دولة الجنوب في وحدة مع دولة الشمال في العام1990م، انقض عليها نظام صنعاء وتم اجتياح الجنوب في تلك الحرب ، مما نتج عنها آثار وخيمة أضرت بالجنوب والجنوبيين ، احسستهم بالظيم والتهميش والإقصاء التام ، ومنذ ذلك التاريخ دخل الجنوب مرحلة جديدة من عهده سادتها انتهاكات واسعة لحقوق الانسان ونهب الممتلكات والثروات لصالح امراء الحرب في صنعاء ، وخروج الجنوب من الشراكة السياسية والاقتصادية، الامر الذي نتج عنها قيام حركة مقاومة سلمية في الجنوب "الحراك الجنوبي السلمي " الرافض لنظام صنعاء ينادي بالتحرير والاستقلال واستعادة بناء دولته الحديثة في الجنوب ، وقد كسبت هذه الحركة تأييدا واسعا في الشارع الجنوبي عبرة عنها ثمان مليونيات - في فترة اقل من عشرة أشهر خرج فيها شعب الجنوب الذي لا يتجاوز عدد سكانه الاربعة المليون نسمة ينادي بفك الارتباط مع صنعاء واستعادة بناء دولته الوطنية . إلا انها لم تلقى أي تأييد خارجي يذكر حتى الان ، برغم تلك الجرائم التي يرتكبها نظام صنعاء بحق الجنوبيين المتظاهرين سلمياً والتي سقط فيها الالاف من الجنوبيين .
لقد استقل نظام صنعاء تواجد الرئيس علي سالم البيض في لبنان الذي يقود حركة التحرير في الجنوب ، وصار يبث الاخبار والشائعات بأن البيض الرئيس يتلقى الدعم من إيران ، الأمر الذي خلق توجس كبير لدى دول الخليج من ذلك ، ترى انه يقف في الطرف النقيض لها .
يذكران البيض قد نزح بعد انتها الحرب 1994م إلى سلطنة عمان المجاورة ومكث فيها ما يقرب من 14 عام ، لم يمارس أي نشاط سياسي ، وهو غير مدعوم من قبل دول الخليج .
إلا ان خروجه منها الذي جاء تحت الحاح الدخل الجنوبي وقد ساعده ذلك الخروج علي الحركة والنشاط بصورة أكبر . وهذا لا يعني بالضرورة ارتباطه بإيران .
ان تخوف دول الخليج من التواجد الايراني في الجنوب لا يستند على حقائق موضوعية ، بل على ما يقدمه ويروج له نظام صنعاء . وقد اثبتت الشواهد سقوط كثيرا من تلك الشائعات التي يبثها نظام صنعاء على الجنوب وحراكه السلمي خلال السنوات القليلة الماضية .
وعليه فالنظر إلى قضية الجنوب يستدعي الالمام بإبعادها المختلفة عند ذلك تبرز أهمية وقوف دول الخليج إلى جانب شعب الجنوب المظلوم الذي يمثل في مجموعه الطائفة السنية فضلاً عن مشروعية قضيته وعدالتها وترابطه التاريخي والحضاري مع دول الخليج .
لقد تميز الجنوب بأنة مجتمعاً منفتحاً علي التجديد من ناحية ، ومحافظاً علي قواعد الاصالة العربية الاسلامية من ناحية أخرى ، في هذه الحالة نجده مجتمعا يرفض التطرف .
إذا ما الذي يدفع نظام صنعاء وإعلامه في تسويقه بان ايران تدعم الحراك الجنوبي ؟
للإجابة علي ذلك يمكن القول بأن مقاصد نظام صنعاء من وراء ذلك يستند إلى بعدين أساسيين هما :
اولا : كسب تعاطف المملكة العربية السعودية ودول الخليج ومدهم بالدعم اللازم بحجة مواجهة المد الشيعي في اليمن بعامة ، والجنوب بخاصة.
ثانيا: استثارة الاخوان والتيارات الاسلامية المتشددة ضد الجنوب وحراكه السلمي .
ربما قد نشاهد بعض المواقف ضمن الحراك الشعبي والسياسي العام في اليمن كالموازره بين القوى السياسية المختلفة ، فمثلا أن نلاحظ مناصرة الحوثيين للحراك في موقف سياسي ما ، أو العكس . إذ لا يمكن أن يبنى على مثل ذلك مواقف تتعلق بالتأثير الطائفي أو المذهبي كما يروج له.
وحتى نزيل ذلك التوجس عند الأخوة في دول الخليج من خطر المد الشيعي والتدخل الايراني في الجنوب سوف نوضح الأتي:
1_هناك فرصة ثمينة للملكة العربية السعودية بخاصة ودول الخليج بعامة أن يعيدوا قرأتهم للجنوب بإبعاده الحضارية والتاريخية والاجتماعية والسياسية ، وان يتفهموا لواقعة ومستقبلة ومشروعية حقه في استحقاقه باستعادة بناء دولته المستقلة والمستقرة ومساندتهم لشعب الجنوب في تقرير مصيره ، فذلك يعطي هذه الدول مصداقية وقوة أكبر تثق بها الشعوب المقهورة في المنطقة خصوصا في ظل عدم أنصافها من قبل الدول الغربية وأمريكا ، وحتى تقطع الخط على أي تدخل خارجي .
2_ الاستفادة من تجربة الجنوب السابقة عندما تركته الدول العربية والإقليمية المجاورة بعد خروجه من الاحتلال البريطاني في ستينات القرن الماضي، اذ لم يجد من يقف معه ومساندته في بناء دولته المستقلة ، إلا المعسكر الاشتراكي حينها ، والذي سار وفقاً للتوجه العالمي الذي عمل على وجود نظامان مختلفان في اليمن لضمان استمرار السيطرة والتحكم العالمي بالمنطقة ، فحاجة الجنوب اليوم أكبر بكثير من الوضع السابق لمساعدة والوقوف مع ارادة الشعب.
3_ أن استعادة بناء الدولة الوطنية المستقلة في الجنوب في هذا الموقع الحيوي الهام سوف تشكل توجها نحو الاستقرار العام ليس في الجنوب أو اليمن فحسب ، بل في المنطقة بعامة .
4_أن الجنوب كشعب لم يتأثر بالاتجاهات والصراعات المذهبية على مر التاريخ وهناك شواهد تؤكد صحة ذلك ، تنفي ما تروج له بعض الدوائر بالمد الشيعي في الجنوب ، وسوف نشير هنا إلى بعض من تلك الشواهد كمثال لا للحصر " ان كل المساجد والمدارس الدينية تاريخيا في الجنوب قد أتصفت بنهجها الذي يعتمد على البعد الاخلاقي والاجتماعي الواقعي بعيدا عن التطرف المذهبي ، وللدلالة على ذلك نوضح أنه يوجد مسجد واحد على الاقل للطائفة الاثنى عشريه في عدن ، إلا انه لم يستطيع أن يؤثر أو يستقطب شخص واحد طوال المراحل الماضية إلى هذه الطائفة ، هذا من ناحية ؛ ومن ناحية أخرى أن كل الطوائف والمذاهب التي قدمت إلى الجنوب في فترة الاحتلال البريطاني في القرن التاسع عشر قد تعايشت معا ، ولم يذكر أي صراع قد حدث بينها أو مع السكان المحليين ، ونشير هنا إلى مكوث البريطانيين في اليمن الجنوبي الذي استمر 129سنة لم يحدث أي تنصير إذ لم تستطيع النصرانية أن تستقطب شخص واحد لها.
5_ اما بالنسبة لعلاقة الجنوب مع إيران ان وجدت فهي علاقة سياسية تكتيكية وليست علاقة دينية أو علاقة إستراتيجية كما يشاع ذلك ، فمن الناحية الدينية يمثل الجنوب بالكامل طائفة سنيه ، وأن الزيدية في اليمن الشمالي القريبة للشيعية في إيران هي التي حاولت عبر العصور الماضية احتلال الجنوب ، وأن رموز النظام السياسي والقوى العسكرية والدينية في الشمال هي التي عبثت في الجنوب ونهب ثرواته ومعظمها تنتمي للمذهب الزيدي ، والاخوان.
6_ أما علاقة الجنوب بدول الخليج هي علاقة ذات بعدا استراتيجياً وسياسياً ودينياً معا ، فالجنوب يدين المذهب السني ومجاور لثلاث دول خليجية تداخل القبائل الجنوبية تاريخياً مع هذه الدول ، وتربط الجنوب مصالح مشتركة مع دول الخليج .
إذ يذكر ان اغلب رؤؤس الاموال الجنوبية لم تحصل على الاستقرار وفرص الاستثمار الاّ في دول الخليج ، وهناك اعداد كبيرة من شباب الجنوب يعملون في بلدان الخليج نزحوا من جراء ما لحق بهم من ظلم وتعسف في الدخل وتضاؤل فرص العمل امامهم .
7_ حتى إذا ما لاحظنا أن بعض المحاولات التي تدفع بها بعض القوى للتدخل الايراني السياسي أو الشيعي ، فذلك لم يتم إلا من خلال وسطاء شماليين ، وهنا يذكر أحدى الشباب الذين زاروا إيران قبل عامين وطلبوا من إيران دعمهم ، ولم تستجيب لطلبهم هذا ، إذ تم توجيههم وإحالتهم إلى الحوثيين ، ولم يقبل الشباب بذلك الأمر وهذا يشير إلى عدم ثقة إيران بالجنوب لمعرفتهم بالخصائص الاجتماعية والثقافية والدينية ، التي لا تقبل ذلك التدخل وعدم نجاح أي مشاريع من هذا القبيل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.