الإعلامية مايا العبسي تعلن اعتزال تقديم برنامج "طائر السعيدة"    الصحفي والمناضل السياسي الراحل عبدالرحمن سيف إسماعيل    استثمار سعودي - أوروبي لتطوير حلول طويلة الأمد لتخزين الطاقة    ميسي يتربّع على قمة رياضيي القرن ال21    الرياض: تحركات مليشيا الانتقالي تصعيد غير مبرر وتمت دون التنسيق معنا    الأميّة المرورية.. خطر صامت يفتك بالطرق وأرواح الناس    ويتكوف يكشف موعد بدء المرحلة الثانية وحماس تحذر من خروقات إسرائيل    باكستان تبرم صفقة أسلحة ب 4.6 مليار دولار مع قوات حفتر في ليبيا    أرسنال يهزم كريستال بالاس بعد 16 ركلة ترجيح ويتأهل إلى نصف نهائي كأس الرابطة    قتلى وجرحى باشتباكات بين فصائل المرتزقة بحضرموت    شرعية "الروم سيرفس": بيع الوطن بنظام التعهيد    تركيا تدق ناقوس الخطر.. 15 مليون مدمن    الجنوب العربي: دولة تتشكل من رحم الواقع    بيان بن دغر وأحزابه يلوّح بالتصعيد ضد الجنوب ويستحضر تاريخ السحل والقتل    ذا كريدل": اليمن ساحة "حرب باردة" بين الرياض وأبو ظبي    حضرموت.. قتلى وجرحى جراء اشتباكات بين قوات عسكرية ومسلحين    نيجيريا.. قتلى وجرحى بانفجار "عبوة ناسفة" استهدفت جامع    سلامة قلبك يا حاشد    الأحزاب والمكوّنات السياسية تدعو المجلس الرئاسي إلى حماية مؤسسات الدولة وتحمل مسؤولياته الوطنية    المدير التنفيذي للجمعية اليمنية للإعلام الرياضي بشير سنان يكرم الزملاء المصوّرين الصحفيين الذين شاركوا في تغطية بطولات كبرى أُقيمت في دولة قطر عام 2025    الصحفي المتخصص بالإعلام الاقتصادي نجيب إسماعيل نجيب العدوفي ..    ذمار.. مقتل مواطن برصاص راجع إثر اشتباك عائلي مع نجله    النائب العام يأمر بالتحقيق في اكتشاف محطات تكرير مخالفة بالخشعة    الجزائر تفتتح مشوارها بأمم إفريقيا بفوز ساحق على السودان"    تعود لاكثر من 300 عام : اكتشاف قبور اثرية وتحديد هويتها في ذمار    ضبط محطات غير قانونية لتكرير المشتقات النفطية في الخشعة بحضرموت    شباب عبس يتجاوز حسيني لحج في تجمع الحديدة وشباب البيضاء يتجاوز وحدة حضرموت في تجمع لودر    مؤسسة الاتصالات تكرم أصحاب قصص النجاح من المعاقين ذوي الهمم    الرئيس الزُبيدي يطّلع على سير العمل في مشروع سد حسان بمحافظة أبين    لملس يتفقد سير أعمال تأهيل مكتب التعليم الفني بالعاصمة عدن    أبناء العمري وأسرة شهيد الواجب عبدالحكيم فاضل أحمد فريد العمري يشكرون رئيس انتقالي لحج على مواساته    الدولار يتجه نحو أسوأ أداء سنوي له منذ أكثر من 20 عاما    الرئيس الزُبيدي: نثمن دور الإمارات التنموي والإنساني    مصلحة الجمارك تؤيد خطوات الرئيس الزُبيدي لإعلان دولة الجنوب    سوريا.. قوة إسرائيلية تتوغل بريف درعا وتعتقل شابين    الحديدة تدشن فعاليات جمعة رجب بلقاء موسع يجمع العلماء والقيادات    هيئة الزكاة تدشن برامج صحية واجتماعية جديدة في صعدة    "أهازيج البراعم".. إصدار شعري جديد للأطفال يصدر في صنعاء    هدوء في البورصات الأوروبية بمناسبة العطلات بعد سلسلة مستويات قياسية    رئيس مجلس الشورى يعزي في وفاة الدكتور "بامشموس"    دور الهيئة النسائية في ترسيخ قيم "جمعة رجب" وحماية المجتمع من طمس الهوية    تحذير طبي برودة القدمين المستمرة تنذر بأمراض خطيرة    تضامن حضرموت يواجه مساء اليوم النهضة العماني في كأس الخليج للأندية    تونس تضرب أوغندا بثلاثية    اختتام دورة تدريبية لفرسان التنمية في مديريتي الملاجم وردمان في محافظة البيضاء    وفاة رئيس الأركان الليبي ومرافقيه في تحطم طائرة في أنقرة    إغلاق مطار سقطرى وإلغاء رحلة قادمة من أبوظبي    البنك المركزي يوقف تراخيص فروع شركات صرافة بعدن ومأرب    الفواكه المجففة تمنح الطاقة والدفء في الشتاء    هيئة الآثار: نقوش سبأ القديمة تتعرض للاقتلاع والتهريب    تكريم الفائزات ببطولة الرماية المفتوحة في صنعاء    هيئة المواصفات والمقاييس تحذر من منتج حليب أطفال ملوث ببكتيريا خطرة    تحذيرات طبية من خطورة تجمعات مياه المجاري في عدد من الأحياء بمدينة إب    مرض الفشل الكلوي (33)    بنات الحاج أحمد عبدالله الشيباني يستصرخن القبائل والمشايخ وسلطات الدولة ووجاهات اليمن لرفع الظلم وإنصافهن من أخيهن عبدالكريم    بنات الحاج أحمد عبدالله الشيباني يستصرخن القبائل والمشايخ وسلطات الدولة ووجاهات اليمن لرفع الظلم وإنصافهن من أخيهن عبدالكريم    لملس والعاقل يدشنان مهرجان عدن الدولي للشعوب والتراث    تحرير حضرموت: اللطمة التي أفقدت قوى الاحتلال صوابها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تقرير : مستقبل الصراع " المذهبي والطائفي "والتخوف من التمدد الشيعي في الجنوب ؟؟
نشر في عدن الغد يوم 03 - 09 - 2013

اصدر مركز دراسات محلي بمدينة عدن تقريرا قصيرا حول الصراع المذهبي في اليمن ومخاوف التمدد من التمدد الشيعي في جنوب اليمن .
ولاهمية التقرير تنشر "عدن الغد" نص التقرير الصادر عن مركز مدار للدراسات :
قبل عشرين عام تقريباً نشر صامويل هنتنجتون نظريته في كتابه الشهير " صدام الحضارات .. إعادة صنع النظام العالمي" الذي نشره في نهاية تسعينات القرن الماضي بعد انتهى الحرب الباردة بين المعسكرين بسقوط احدهما وسيادة الاخر على العالم ، ويشير صامويل هنتنجتون في نظريته ان الصراع القادم هو صراعات بين الحضارات(صراع ثقافي ، ديني) بدلا من الصراع الايدلوجي الذي سار في زمن الحرب الباردة فالشعوب التي تفصل بينها الايدولوجيا تجمع بينها الثقافة وتقرب بينها .
كانت مسوقات هذه النظرية قد ارتكزت علي علم النبوآت بعد انتهى الحرب البادرة ومستقبل العالم وقد اثار جدلاً واسعاٍ واستجابة لما تثيره الاحداث الراهنة بالعالم من مشكلات وأسئلة لا تجد لها اجابات واضحة .
لقد كان الصراع في الحرب البادرة يستند إلي الايدلوجيات ، بينما تري نظرية صراع الحضارات بأن الصراع القادم هو صراع ثقافي بين الاديان والطوائف ، وما جرى في البوسنة والهرسك وفي افغانستان والعراق وحالياً في سوريا وغداً في اليمن إلاّ تأكيدا على صحة هذه الفرضية.

ان إثارة الصراعات الطائفية والمذهبية تأتي ضمن رؤية صراع الحضارات والتوجه السياسي للقوى المهينة على العالم ، ففي اليمن الذي يجمع بين الطائفتين المسلمة ( الزيدية ، والشافعية )،تمثلان غالبية السكان في اليمن ، ونسبة ضئيلة جدا ينتمون الى الديانة اليهودية تتواجد في اليمن الشمالي أي ما عُرف بالجمهورية العربية اليمنية ، اما اليمن الجنوبي الذي عُرف بجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية ، لا توجد فيه طوائف سوى طائفة واحدة مسلمة هي الطائفة (السنية).
الصراع الطائفي والمذهبي في اليمن :
لقد ظهرت اولي تجليات ذلك الصراع في العام 2003م المتمثلة في التصادم بين جماعة الحوثيين ونظام صنعاء في محافظة صعدة معقل الحوثيين . وكان قد ظهر هذا الصراع بصورة واضحة بينهم في ستة حروب جرت بين الاعوام 2003م – 2009م ، انتهت بتسوية سياسية بوقف اطلاق النار بين الطرفين بعد تدخل الخارج كوسيط ومنها دولة قطر.
يذكر ان اللواء علي محسن الاحمر قائد الفرقة الاولى مدرع قد تولى قيادة الحرب من جانب النظام علي الحوثيين، وهو الرجل الذي شكل الثنائي مع الرئيس صالح خلال المراحل السابقة وعُرف بانه صاحب نفوذ قوي في المجتمع والقريب جدا من تنظيم الاخوان المسلمين .
في اثنا الحرب تبادل الطرفان التهم وحاول كل طرف ان يكشف علاقة الطرف الاخر بقوى خارجية فالنظام كان يصرح ويتحدث عن ادلة تورط إيران بالحرب لصالح الحوثيين الذين ينتمون للمذهب الزيدي وهو احد مذاهب الشيعة ، بينما كان الحوثيين يتحدثون عن تدخل الطرف السعودي في القتال إلي جانب القوات المسلحة ( النظام) ، وتبعاً لذلك سوا صحة تلك الادعاءات أم لم تصح فأن الأمر هنا يحمل في طياته مضمون الصراع المذهبي بإبعاده السياسية .
وبرغم وقف القتال بينهم منذ العام 2009م ، إلا أن الحرب السياسية والإعلامية قد تصاعدت وتيرتها وأخذت اشكالاً عدة حيث انتظم الحوثيون في نشاطهم السياسي وصاروا منظويين في حزبين سياسيين علي الأقل هما " حزب انصار الله ، وحزب الحق " يمتلكان وسائل اعلام كالصحف والقنوات الفضائية مثل (قناة المسيرة ). في حين يستغل السنة نفوذهم السياسي في السلطة من خلال حزب الاصلاح الذي يمتلك وسائل اعلامية عديدة مثل قناة (سهيل ) وصحيفة الناس وأخبار اليوم ومراكز ابحاث مثل مركز الجزيرة ومركز أبعاد، فضلا عن امتلاكه عدد من المؤسسات الاقتصادية.
يبدوا إن الصراع المذهبي يسير علي غرار ما هو واضح من صراع في بلدان أخرى ، يحمل في طياته جذور الصراعات التاريخية المذهبية والقبلية والجهويه ، التي تتخذ من السياسة واجهة علنية لها . وقد ظهر الحوثيين بصورة حركة سياسية ذو بُعد ديني ، ولم تظهر باسم الطائفة الزيدية ، بدأت نشاطها في العام 2001م ، تحت ما سمي بحركة الشباب المؤمن بحلقات تعليمية للشباب ، اتخذت من العداء لإسرائيل وأمريكا خطاباً مرجعياً لها لكسب التأييد في الوسط الاجتماعي العربي والمسلم في الوقت الذي لم تتجرأ أي قوى أخر الوقوف في وجه أمريكا بعد احداث 11سبتمبر في الولايات المتحدة الامريكية وهجوم الولايات المتحدة الامريكية عل العرب والمسلمين ؛ بينما نرى ان حزب الاصلاح الذي تدخل في إطاره حركتي " الاخوان والجهاديين " يتخذون من المذهب السني خلفية تدعم نشاطهم السياسي .
ووفقا لهذه الاتجاهات نرى انهما يسيران في فلك الصراع الدائر في المنطقة الذي تتجاذبه عدة اطراف ، تتجلي صوره بوضوح في الحرب الدائرة حالياً في سوريا وقبلها في لبنان. الاّ ان الصراع في اليمن له خصوصيته لاسيما في ظل الاوضاع السياسية الداخلية المعقدة التي يمر بها اليمن وحضور تنظيم القاعدة فيه ، ذلك قد يجل الصراعات في اليمن تسير بمنحى اخر تتداخل فيها الاطراف السياسية والمذهبية والقبلية ، ويسهل اختراقها وتجاذبها من قبل اطراف عدة .
صراع الحوثيين والإصلاح :
يتصف الصراع الدائر اليوم بين الحوثيين والإصلاح في منطقة دماج محافظة صعده شمال اليمن ، بأنه صراع طائفي مذهبي / سياسي يكتنفه الغموض والتداخل ، وقد بدا في المواجهة المسلحة بينهم منذ سنتين تقريباً دون حسم ، يتضح بأنه يسير بنفس الطريقة التي سارت عليها السته الحروب السابقة بين الحوثيين والنظام ، عندما كانت تدار تلك الحروب عبر الهاتف ، إذ عملت اطرافها على ابتزاز المجتمع الاقليمي في كسب الدعم .
يمكن القول بأن الصراع الحالي بين الحوثيين وحزب الاصلاح هو مقدمات لحروب طائفية ، مذهبية قادمة تعمل لصالح اجندة داخلية وخارجية ، تقف ضد استقرار اليمن من ناحية ، وضد خيارات الشعب في الجنوب من ناحية أخرى . ففي السنتين الاخيرة لوحظ تزايد نفوذ حزب الاصلاح في الجنوب بعد أن فسح له نظام صنعاء المجال بهدف مواجهة الحراك الجنوبي المطالب بالتحرير والاستقلال واستعادة بناء دولته الوطنية المستقلة ، وتشير نتائج ما بعد ثورة التغيير بأنها قد ساعدت على توسيع مجال حركة الإخوان المسلمين وتقاسمهم الحكم مع المؤتمر الشعبي كعملية إصلاح للنظام القديم / الجديد ، الذي يتعامل مع الجنوب كغنيمة حرب.
فموقف حزب الاصلاح"الاخوان المسلمين" من الوحدة ينطلق من البعد الاسلامي للتنظيم العالمي للإخوان الذي يقر بوجود دولة اسلامية موحدة ، حيث لا يرون حقيقة وواقع ما يسمى بالوحدة اليمنية ، وما جرى من ظلم للجنوب باسم الوحدة . يذكر بان هذا الموقف لحزب الاصلاح " الاخوان " في اليمن قد تداخل مع مصالح بعض القوى التقليدية وقوى الفساد في حزب المؤتمر التي ترى بان الوحدة مغنمة لها ليس إلا.

مخاوف نقل الصراع إلى الجنوب:
يتحدث الناس عن مخاوف نقل الصراع المذهبي والسياسي الدائر بين الاصلاح والحوثيين في الشمال ونقله إلى الجنوب بواسطة الاصلاح " الاخوان " حيث يشاع ويروج في وسائل الاعلام منذ فترة عن التمدد الشيعي والتواجد الايراني في الجنوب ، والهدف منه توجيه بعض التيارات المذهبية والإصلاحية لمواجهة الحراك الجنوبي السلمي وجره إلى العنف ، وقد ظهرت بوادر هذا الصراع منذ سنتين تقريباً بين شباب ثورة التغيير في صنعاء وحزب الاصلاح " الاخواني" من جهة ، وبين الاصلاح والحوثيين من جهة اخرى ، ثم انتقلت بعدها إلى مدينتي عدن والمكلاء ظهرت عبر الاحتكاك المباشر بين شباب الاصلاح وشباب الحراك في عدد من الفعاليات التي تشهدها الساحات الجنوبية .
يبدوا أن تلك الاطراف التي تروج وتبث الاخبار والشائعات عن تواجد للنشاط الشيعي الايراني في الجنوب قد تهدف إلى تحريض بعض المذاهب السنية والاصلاحية ضد من تُشار لهم اصابع الاتهام بإيران وهي " قوى الحراك الجنوبي السلمي " . وهذا يعود بذاكرتنا إلى زمن الحرب البادرة عند ما تم تصدير الافكار الماركسية إلى الجنوب الذي يمثل بيئة ثقافية واجتماعية تتعارض مع هذه الافكار ، الامر الذي دفع بعض القوى الاسلامية المتطرفة أن تقف ضد هذا التوجه ، ليس ذلك فحسب ؛ بل اتخذت الدول المجاورة للجنوب موقفاً من النظام فيه الذي عاش في قطيعة تامة مع محيطه العربي والإسلامي ، الامر الذي آثر سلبا على الجنوب ، الذي مازال الى يومنا هذا يعاني من تبعات ذلك الماضي ، بينما كان نظام الجمهورية العربية اليمنية في الشمال علي علاقة مع دول الجوار والإقليم وبعض الدول العالمية التي تتحكم اليوم في مجريات الصراعات السياسيات العالمية والوصية على اليمن حالياً .

قضية الجنوب والصراع المذهبي !
تختلف البيئة الثقافية والاجتماعية في الجنوب الذي لا توجد فيه تعدد للطوائف أو المذاهب الدينية كما هي في بعض بلدان المنطقة ، وكانت الدولة السابقة في الجنوب قد انتهجت نظاما سياسيا مغايرا للأنظمة السياسية في الاقليم ، إذ كان نظاما حليفا للاتحاد السوفيتي السابق آبان الحرب الباردة .
يذكر أن الاخوان والمجاهدين قد تحالفوا مع نظام صنعاء " المؤتمر والاصلاح " في حربهم على الجنوب عام 94 19م، بعد دخول دولة الجنوب في وحدة مع دولة الشمال في العام1990م، انقض عليها نظام صنعاء وتم اجتياح الجنوب في تلك الحرب ، مما نتج عنها آثار وخيمة أضرت بالجنوب والجنوبيين ، احسستهم بالظيم والتهميش والإقصاء التام ، ومنذ ذلك التاريخ دخل الجنوب مرحلة جديدة من عهده سادتها انتهاكات واسعة لحقوق الانسان ونهب الممتلكات والثروات لصالح امراء الحرب في صنعاء ، وخروج الجنوب من الشراكة السياسية والاقتصادية، الامر الذي نتج عنها قيام حركة مقاومة سلمية في الجنوب "الحراك الجنوبي السلمي " الرافض لنظام صنعاء ينادي بالتحرير والاستقلال واستعادة بناء دولته الحديثة في الجنوب ، وقد كسبت هذه الحركة تأييدا واسعا في الشارع الجنوبي عبرة عنها ثمان مليونيات - في فترة اقل من عشرة أشهر خرج فيها شعب الجنوب الذي لا يتجاوز عدد سكانه الاربعة المليون نسمة ينادي بفك الارتباط مع صنعاء واستعادة بناء دولته الوطنية . إلا انها لم تلقى أي تأييد خارجي يذكر حتى الان ، برغم تلك الجرائم التي يرتكبها نظام صنعاء بحق الجنوبيين المتظاهرين سلمياً والتي سقط فيها الالاف من الجنوبيين .
لقد استقل نظام صنعاء تواجد الرئيس علي سالم البيض في لبنان الذي يقود حركة التحرير في الجنوب ، وصار يبث الاخبار والشائعات بأن البيض الرئيس يتلقى الدعم من إيران ، الأمر الذي خلق توجس كبير لدى دول الخليج من ذلك ، ترى انه يقف في الطرف النقيض لها .
يذكران البيض قد نزح بعد انتها الحرب 1994م إلى سلطنة عمان المجاورة ومكث فيها ما يقرب من 14 عام ، لم يمارس أي نشاط سياسي ، وهو غير مدعوم من قبل دول الخليج .
إلا ان خروجه منها الذي جاء تحت الحاح الدخل الجنوبي وقد ساعده ذلك الخروج علي الحركة والنشاط بصورة أكبر . وهذا لا يعني بالضرورة ارتباطه بإيران .
ان تخوف دول الخليج من التواجد الايراني في الجنوب لا يستند على حقائق موضوعية ، بل على ما يقدمه ويروج له نظام صنعاء . وقد اثبتت الشواهد سقوط كثيرا من تلك الشائعات التي يبثها نظام صنعاء على الجنوب وحراكه السلمي خلال السنوات القليلة الماضية .
وعليه فالنظر إلى قضية الجنوب يستدعي الالمام بإبعادها المختلفة عند ذلك تبرز أهمية وقوف دول الخليج إلى جانب شعب الجنوب المظلوم الذي يمثل في مجموعه الطائفة السنية فضلاً عن مشروعية قضيته وعدالتها وترابطه التاريخي والحضاري مع دول الخليج .
لقد تميز الجنوب بأنة مجتمعاً منفتحاً علي التجديد من ناحية ، ومحافظاً علي قواعد الاصالة العربية الاسلامية من ناحية أخرى ، في هذه الحالة نجده مجتمعا يرفض التطرف .
إذا ما الذي يدفع نظام صنعاء وإعلامه في تسويقه بان ايران تدعم الحراك الجنوبي ؟
للإجابة علي ذلك يمكن القول بأن مقاصد نظام صنعاء من وراء ذلك يستند إلى بعدين أساسيين هما :
اولا : كسب تعاطف المملكة العربية السعودية ودول الخليج ومدهم بالدعم اللازم بحجة مواجهة المد الشيعي في اليمن بعامة ، والجنوب بخاصة.
ثانيا: استثارة الاخوان والتيارات الاسلامية المتشددة ضد الجنوب وحراكه السلمي .
ربما قد نشاهد بعض المواقف ضمن الحراك الشعبي والسياسي العام في اليمن كالموازره بين القوى السياسية المختلفة ، فمثلا أن نلاحظ مناصرة الحوثيين للحراك في موقف سياسي ما ، أو العكس . إذ لا يمكن أن يبنى على مثل ذلك مواقف تتعلق بالتأثير الطائفي أو المذهبي كما يروج له.
وحتى نزيل ذلك التوجس عند الأخوة في دول الخليج من خطر المد الشيعي والتدخل الايراني في الجنوب سوف نوضح الأتي:
1_هناك فرصة ثمينة للملكة العربية السعودية بخاصة ودول الخليج بعامة أن يعيدوا قرأتهم للجنوب بإبعاده الحضارية والتاريخية والاجتماعية والسياسية ، وان يتفهموا لواقعة ومستقبلة ومشروعية حقه في استحقاقه باستعادة بناء دولته المستقلة والمستقرة ومساندتهم لشعب الجنوب في تقرير مصيره ، فذلك يعطي هذه الدول مصداقية وقوة أكبر تثق بها الشعوب المقهورة في المنطقة خصوصا في ظل عدم أنصافها من قبل الدول الغربية وأمريكا ، وحتى تقطع الخط على أي تدخل خارجي .
2_ الاستفادة من تجربة الجنوب السابقة عندما تركته الدول العربية والإقليمية المجاورة بعد خروجه من الاحتلال البريطاني في ستينات القرن الماضي، اذ لم يجد من يقف معه ومساندته في بناء دولته المستقلة ، إلا المعسكر الاشتراكي حينها ، والذي سار وفقاً للتوجه العالمي الذي عمل على وجود نظامان مختلفان في اليمن لضمان استمرار السيطرة والتحكم العالمي بالمنطقة ، فحاجة الجنوب اليوم أكبر بكثير من الوضع السابق لمساعدة والوقوف مع ارادة الشعب.
3_ أن استعادة بناء الدولة الوطنية المستقلة في الجنوب في هذا الموقع الحيوي الهام سوف تشكل توجها نحو الاستقرار العام ليس في الجنوب أو اليمن فحسب ، بل في المنطقة بعامة .
4_أن الجنوب كشعب لم يتأثر بالاتجاهات والصراعات المذهبية على مر التاريخ وهناك شواهد تؤكد صحة ذلك ، تنفي ما تروج له بعض الدوائر بالمد الشيعي في الجنوب ، وسوف نشير هنا إلى بعض من تلك الشواهد كمثال لا للحصر " ان كل المساجد والمدارس الدينية تاريخيا في الجنوب قد أتصفت بنهجها الذي يعتمد على البعد الاخلاقي والاجتماعي الواقعي بعيدا عن التطرف المذهبي ، وللدلالة على ذلك نوضح أنه يوجد مسجد واحد على الاقل للطائفة الاثنى عشريه في عدن ، إلا انه لم يستطيع أن يؤثر أو يستقطب شخص واحد طوال المراحل الماضية إلى هذه الطائفة ، هذا من ناحية ؛ ومن ناحية أخرى أن كل الطوائف والمذاهب التي قدمت إلى الجنوب في فترة الاحتلال البريطاني في القرن التاسع عشر قد تعايشت معا ، ولم يذكر أي صراع قد حدث بينها أو مع السكان المحليين ، ونشير هنا إلى مكوث البريطانيين في اليمن الجنوبي الذي استمر 129سنة لم يحدث أي تنصير إذ لم تستطيع النصرانية أن تستقطب شخص واحد لها.
5_ اما بالنسبة لعلاقة الجنوب مع إيران ان وجدت فهي علاقة سياسية تكتيكية وليست علاقة دينية أو علاقة إستراتيجية كما يشاع ذلك ، فمن الناحية الدينية يمثل الجنوب بالكامل طائفة سنيه ، وأن الزيدية في اليمن الشمالي القريبة للشيعية في إيران هي التي حاولت عبر العصور الماضية احتلال الجنوب ، وأن رموز النظام السياسي والقوى العسكرية والدينية في الشمال هي التي عبثت في الجنوب ونهب ثرواته ومعظمها تنتمي للمذهب الزيدي ، والاخوان.
6_ أما علاقة الجنوب بدول الخليج هي علاقة ذات بعدا استراتيجياً وسياسياً ودينياً معا ، فالجنوب يدين المذهب السني ومجاور لثلاث دول خليجية تداخل القبائل الجنوبية تاريخياً مع هذه الدول ، وتربط الجنوب مصالح مشتركة مع دول الخليج .
إذ يذكر ان اغلب رؤؤس الاموال الجنوبية لم تحصل على الاستقرار وفرص الاستثمار الاّ في دول الخليج ، وهناك اعداد كبيرة من شباب الجنوب يعملون في بلدان الخليج نزحوا من جراء ما لحق بهم من ظلم وتعسف في الدخل وتضاؤل فرص العمل امامهم .
7_ حتى إذا ما لاحظنا أن بعض المحاولات التي تدفع بها بعض القوى للتدخل الايراني السياسي أو الشيعي ، فذلك لم يتم إلا من خلال وسطاء شماليين ، وهنا يذكر أحدى الشباب الذين زاروا إيران قبل عامين وطلبوا من إيران دعمهم ، ولم تستجيب لطلبهم هذا ، إذ تم توجيههم وإحالتهم إلى الحوثيين ، ولم يقبل الشباب بذلك الأمر وهذا يشير إلى عدم ثقة إيران بالجنوب لمعرفتهم بالخصائص الاجتماعية والثقافية والدينية ، التي لا تقبل ذلك التدخل وعدم نجاح أي مشاريع من هذا القبيل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.