الإستحمار هو كل ما يسلب نباهتك ووعيك وذكاءك ،وهو السعي لاستبائك واستغفلاك واستعبادك وشحنك بأفكار خاطئة ليسهل اقتيادك وتوجيهك من ذاك الذي يمارس عليك الاستحمَار لتسير كما يشاء ويشتهي هو لا كما تشاء أنت ، وبقبول هذا الاستحمار الذي يمارس عليك تفقد قدرتك على تشخيص الأمور وفي اختيار الوجهة الصحيحة . وفي أحايين ربما يعمل المستحمِر المحلي لصالح المستعمر وبتوافق مُقتضاه مصالح .. وهذه المصالح يصعُب عليك تصوُّرها أو التصديق بها طالما وأنت ترى في هذا المُستحمِر لك الذي هو من بني وطنك مُلهماً ومُوجهاً وقائداً لك ، ثم أن درجة العداء التي تبدو كلامياً (حامية الوطيس ) بين الذي يستحمِرك والذي يستعمرك ستُثنيك كثيرًاً عن التفكير بهذا الاْمر حتى ترى البينات بمرأى العين ولن يأتي هذا اليقين إلا متأخراً
لستُ في هذا الذي أقوله أتقصَّد الإسقاط على أشخاص أو جهات بعينها ، أبداً ليس هذا مقصدي ، وموجز الغاية انني أبحث عن إجابات على أسئلة تؤرقني كثيراً كلما رأيت مشاهد استعدائية بين بعض الأخوة القادة من الحراك الجنوبي وبخاصة في أثناء إقامة بعض الفعاليات . فإحساسنا الثابت والمُتجذّر هو ان كل نضال مكونات الحراك غايته واحدة هي استعادة دولتنا الجنوبية المستقلة ، وهذا يعني وبكامل الوضوح ان نجاح أي فعالية لمكون حراكي هو نجاح للحراك الجنوبي بأكمله وفشل فعالية واحدة لمكون حراكي آخر يُعد انتكاسة للحراك بأجمعه .
وأنّي أسأل هنا من هو المستفيد من إفشال أي فعالية لمكون حراكي ما ؟! بكل تأكيد أتصور الإجابة جاهزة : (نظام الاحتلال هو المستفيد )طيّب ولما كُلّنا نعرف بأن المستفيد هو نظام الاحتلال لماذا نستجيب لهؤلاء الذين يسعون لتشتيتنا وبعثَرتنا على أثر خلافاتهم الشخصية .. فمتى بقوا في الميدان بقينا ومتى تشاجروا وتفرقوا تفرقنا ومتى كالوا علينا كذباً ضد الآخر صدّقناهم واستعدينا هذا الآخر ومن غير تقصي أو تمحيص!.
أما تعبّر استجابتنا لهم بهذه الصورة عن غباء مُستفحل فينا وأن هذا الغباء حفّز هؤلاء المختلفين على المزيد من الاستحمار لنا ، ولا أقصد بهذا انهم يتعاملون معنا كقطعان من الحمير وإنما أقصُد أن الذي يكذب عليك هو في واقع الأمر يستحمِرك أو يستنقص عقلك ولا علاقة للحمير في هذا المضمار ،.
وفقط الذي وددته هو أن أستثير الإنتباه لجميعنا بأهمية تشغيل عقولنا إزاء مايحدُث فلا نكون تابعين لأحد ، فلا نعطي ولاء إلاّ لوطننا ولا نُضحّي إلا من اجله ولا نُذعن إلا لما تُمليه علينا ضمائرنا . علينا ان نتجاوز خلافات هؤلاء بتوحدنا في كل فعالية أو مناسبة فلا نتقيّد بأمزجتهم .. فهذا هو السبيل لبقائنا متماسكين ازاء الهدف الذي ننشُده وأجزم اننا بتماسكنا هذا سوف نقدم درساً لهؤلاء المختلفين كيف يتحدوا أو ينزووا في دهاليز النسيان .
وختاماً أرجو المعذرة على عدم إستكمال الشق الثاني من موضوعي هذا والمتعلق بالاستعمار اذ لا أرى فائدة في التعريف بالذي نعرفه جيداً ونتجرَع غُصص القهر منه في كل يوم، لذا كان الحري بنا أن نعرّف بماهية الاستحمار حتى لانبتلي به ونُضيّع المسار .