عند وصولي الى مطار صنعاء في احدى زياراتي لليمن عام 2006 لاحظت سهوله دخول وخروج المواطنين العاديين والمرافقين الى صالات المطار الداخلية الخاصة بالمسافرين القادمين والمغادرين وهو ما لاحظته حتى اثناء مغادرتي لليمن من نفس المطار من قبل, ولكن الشيء الذي اثار استغرابي هو سلوك رجال امن المطار المتخفيين بالزي المدني المثير للسخرية وهم يمارسون عملهم بشكل واضح ويتابعون المسافر القادم او المغادر عيني عينك وكأنهم حراسه الشخصيين ويعرضون خدماتهم بتسهيل معاملات الخروج والدخول دون الانتباه بأن ليس كل مسافر او قادم هو من الناس المسالمين , وان هناك بعض المسافرين خطر على رحلات الطيران وربما ينقلون مواد متفجرة واعضاء في شبكات ارهابيه دوليه وكذلك خطر تهريب المخدرات وتجار البشر , ولكن اكثر ما لفت انتباهي هو اقتراب احد رجال الامن المتخفي بزي مدني مني بعد ملاحقه واضحه لي زادت عن ال 10 دقائق وكدت سائله ما الأمر ؟ , .
وكُنت في تلك اللحظة انتظر دوري في التفتيش اليدوي للحقائب خلف احد القادمين معي على نفس الطائرة , وسألنا رجل الامن ان كنت مستعجل وارغب في مساعدته فهو حاضر وسيقوم بختم جوازي ومرافقتي للخروج دون تفتيش حقائبي مقابل 20 دولار فقط ووافقت لأننا كُنت متعب من الرحلة واريد التخلص من الاجراءات البدائية للتفتيش والذهاب الى اقرب فندق للراحة والنوم , وفعلاً دفعت المبلغ وقام رجل الامن بمساعدتي حتى باب التاكسي , وفي طريقي الى الفندق تذكرت المطارات التي مررت بها وخاصه الأوربية وكيف يشعر المسافر في المطارات هناك بالأمان دون ان تشاهد او تلاحظ رجال الامن المتخفيين بالزي المدني و الذي عادتاً ما يكونون في كل زوايا المطار متنكرين بأزياء حمالين وعمال نظافة وباعه وحتى مسافرين ولاتشعر بهم مهما كانت براعتك في علم كشف السلوك , وقرأت ذات مره مقالة عن امن المطارات في احد الصحف الرومانية عن الإجراءات المتبعة من قبل إدارة أمن النقل (TSA ) الأمريكية في مطارات الولاياتالمتحدة وعن تجهيزها لضباط امن المطارات , الذين تدربوا خصيصا علم قراءة وتفسير لغة الجسد و تعابير الوجه عند الركاب لغرض اكتشاف أولئك المسافرين ذوي النوايا السيئة قبل طلوعهم الطائرات , فالضباط العاملين في المطار ينصهرون في عملهم بشكل طبيعي متخفيين تحت غطاء ,الصرافين ، حمالين ، عمال النظافة بائعين تذاكر سفر ، الخ , ويطلق عليهم اسم " ضباط كشف السلوك " ، وهم يعتبرون أداة رائعة قادرة على تحديد وإدارة المخاطر في المطارات قبل أن يصبح من الصعب إزالتها.
الآن وفي عشرات المطارات للدول المتحضرة تجد حضور هذا الكادر المتخصص من الضباط وهو جزء رئيسي من عمال المطارات , وقد اثبتوا نتائج ناجحة للغاية اثناء عملهم وتم القبض على بعض المشتبه بهم من تجار المخدرات الذين كانوا حذرين اثناء سفراتهم ، وكذلك تم الكشف عن المهاجرين غير الشرعيين، وحتى القبض عن بعض الإرهابيين المحتملين , وكان الكشف عن العناصر الإجرامية من قبل هؤلاء الضباط ممكنا من خلال تعلمهم الكشف عن محاولة المسافرين الخطرين السيطرة على عواطفهم واخفاء حالات القلق والخوف والذعر والارتباك اثناء تواجدهم في صالات المطارات , إذ يعرف رجال الامن مما تعلموه , ان عندما تكون هناك نية للاحتيال او ارتكاب عمل اجرامي من قبل اي شخص مهما بلغ ذكائه فهو قادر على السيطرة على مشاعره ولكن لا يستطيع اخفاء ما يسمى "micro expressions" وهي عباره عن تعابير في الوجه صغيره ومرئية إلى أي شخص ومقروءة وهو ما يركز عليه رجال امن المطار المتخفيين بالزي المدني والذين يرونه سبب من أسباب السلوك الغير المقنع والذي يستدعي الانتباه على هذه اللغة الإيمائية وهي علامه من علامات النوايا السيئة وهناك ايضا من الضباط من يعمل بشكل رسمي ويرتدي الزي الامني وعادتاً ما يعملون بشكل زوجي احدهم يتعامل بشكل مباشر مع المسافر ويطرح عليه بعض الأسئلة بينما الضابط الاخر يتظاهر بالاستمرار في أداء نشاط عادي ولكنه في الاساس , هو من يتابع التعبيرات الدقيقة أو لغة جسد المسافر والذي ان ظهرت عليه علامات النوايا السيئة يخضع لإشراف أكثر دقة دون ان يعرف و دون المس بحقوقه او كرامته او حرية حركته.
في نظام المراقبة الجديد للركاب هناك نظرية تقول أن الناس، عندما يحاولون إخفاء مشاعرهم، فانهم يكشفون عنها بطرق اخرى وعلى شكل إيماءات مختلفة تسمى "micro expressions " وعادتاً الخوف والاشمئزاز هي المشاعر الرئيسية التي يتعقبها ضباط كشف السلوك في المطارات الدولية المتطورة عند الركاب والتي تعتبر من العلامات المرتبطة بمحاولات الاحتيال والخداع والتي احيانا لا تستطيع كاميرات المراقبة في المطار كشفها.
الأمن يجب أن يقارن مع مفاهيم مرتبطة به: السلامة والاستمرارية والاعتمادية أو الموثوقية. إن الفارق الرئيسي بين الأمن والموثوقية هو أن الأمن يجب أن يأخذ في الاعتبار أفعال الناس الذين يحاولون إحداث دمار, ولقد تم تعريف الامن كمطلب قومي في دراسة للأمم المتحدة في عام 1986، وذلك ليكون لديهم القدرة للنمو والتطور بحرية ,وأمن الطيران من احد الواجهات المهمة للدولة وهو مزيج من التدابير والموارد المادية والبشرية تهدف إلى مواجهة التدخل غير المشروع في أمن الطيران .
السنه الماضية وصلت الى مطار عدن قادماً من بريطانيا وسافرت منه بعد فتره الى صنعاء وشد انتباهي ان الحالة هناك لم تتغير وان التسيب والاهمال مازال قائم وان رجال الامن المتخفيين بزي مدني لازالوا على نفس الاسلوب والهيئة والتعامل ولاحظت الفارق بين المطارين فرغم الامكانيات المتواضعة لمطار عدن إلا انه يظل المطار الوحيد المنظم والنظيف والجميل في اليمن والمكان الذي يشعر فيه الراكب ان رحلته ستكون بأمان دون الشعور بأن احدا ما يراقبك او يتبعك وهو دليل على احترافية امن مطار عدن واستقامة ادارته.