يعاني المؤتمر الشعبي العام بعد خروجه من ادارة السلطة المطلقة في اليمن من ضعف وتشقق وانقسامات بين اعضائه وصلت اخيراً الى مستوى زعاماته بين الرئيس السابق صالح والرئيس الحالي هادي , المؤتمر الشعبي الذي تربع على الساحة السياسية اليمنية رسمياً حتى عام 2011.
وكان يفوز في جميع الانتخابات ويشكّل الحكومة في كل مرة اصبح الان دون اتجاه سياسي و يفتقر إلى إيديولوجيا وبرنامج سياسي واضح ويعيش حاله من التمزق ناتج عن صراع داخل البيت الحزبي وعدم قدرة الحزب على توحيد الصف وعجزه عن بناء الثقة بين اعضائه و خاصة بعد الهزه العنيفة التي تعرضت له قيادة الحزب في حادث جامع النهدين فقد على اثرها الحزب الثقة في نفسه واستفاد خصومه من حالات الاهتزاز الداخلي للمؤتمر وانسحاب بعض اعضائه منه وانضمامهم الى احزاب اخرى والبعض الاخر اختار ان يظل مستقل , حيث استغل الخصوم ضعف المؤتمر وصراع قيادته ومارسوا نوع من الانتقام السياسي واستخدموا بعض من اساليب المؤتمر القديمة مع منافسيه لزيادة الانقسامات الداخلية للمؤتمر مثل زرع الفتن بينهم وشراء الذمم واعطاء المناصب والهدايا واحياناَ ربط كل ذلك بخط ديني مؤثر وهو نوع من الاستعراض لعضلات المرحلة بأن الوقت قد تغير و التأثير الديني بداء وكأنه فعال بين اعضاء المؤتمر لجذبهم كون هناك تمثيل لعدد كبير من الفصائل الحضرية والقبلية في المؤتمر الشعبي العام سهل الرابط الديني عملية انتقالهم , وهم عادتا من الافراد الذين يقدمون الدين والقبيلة عن السياسة ويسعون لتحقيق مصالحهم الذاتية عوضا عن مصلحة الوطن وانتقالهم الى الوضع الجديد لا يغير شئي بل يجعلهم يشعرون وكأنهم لازالوا في اطار نفس البيت السياسي (حزب المؤتمر الشعبي) ولكن بغطاء ديني .
المخزي في الوقت الحاضر هي تلك الحملة الإعلامية المكثفة والمنظمة ضد الرئيس هادي من وسائل اعلام يمولها المؤتمر وهي الوسائل الإعلامية والصحفية التي كانت لا تتجري على مخالفة اوامر الرئيس السابق او نقد المرحلة التي كان يحكمها بل ان المؤتمر ومن بداية تكوينه لم يصدر حتى قرار داخلي يخالف رغبة صالح الأفراد عائلته , وظلت سياسة الانبطاح والتبعية والتعصب لصالح وعائلته اساس الترقي في سلم السلطة والحزب , الامر الذي ادخل المؤتمر الان في خلافات حقيقة داخل الحزب بسبب محاولة الرئيس المخلوع لعب دور رئيس الرئيس وانه لازال صاحب الكلمة الاولى في اليمن كما شجعه على ذلك ارتفاع اصوات المتبلين والعازفين حوله الذين يبعثون فيه روحاً ميته عاش فيها صالح فترة حكمة وانتهت ويصورون له وكأنها لازالت مستمرة , الحالة التي كان فيها صالح الزعيم ومالك الدولة والحزب وهو من وحد اليمن ورفع علم الوحدة بمفرده مثلما كان يعرضه التلفزيون الرسمي للدولة وكأنه توحد مع اشباح , وكما يبدوا ان هاجس السلطة مازال ينبض بداخله مسبب له جنون العظمة وبسببه يزرع التصدعات الداخلية على مستوى القيادة والقواعد وجر نخب الحزب للانشغال بصراعات شخصية بدل الانشغال بسؤال اليمن ومستقبله والاكثر غرابه هو ارتفاع قوة الخطاب التحريضي ضد الرئيس هادي من صالح و حزبه خاصه بعد تصريح الرئيس هادي الذي قال فيه أن اتفاق اليمن بالشراكة في الحرب ضد الارهاب كان مصدقا عليه من قبل مجلس الدفاع الاعلى عام 2001م.
وقال إن البعض اليوم يتباكى على السيادة بصورة مستغربة , في تلميح واضح عن مسؤولية النظام السابق عن الاتفاقية , ليضيف بعد ذلك الم تكن السيادة على كل شبر من أرض اليمن ام أن السيادة في مكان معين من أجواء اليمن؟، ولكن نقول للجميع أن السيادة من أول ذرة تراب يمني من حدوده في الجهات الاربع شرقا وغربا وشمالا وجنوبا , ليأتيه الرد من الموقع الرسمي لحزب المؤتمر الشعبي العام الذي يرأسه صالح ( المؤتمر نت ) أن الدولة اليمنية ظلت جزء من المجتمع الدولي الذي التزم بتنفيذ سياسية الحرب على الإرهاب وبما يحافظ على حقوقه السيادية الوطنية , ثم تلاه بفتره رفض الرئيس السابق صالح وحزبه المؤتمر الشعبي العام، التمديد للرئيس اليمني عبدربه منصور هادي في إدارة حكم اليمن , والذي يسعى جمال بن عمر إلى إقناع الأطراف السياسية في اليمن بفكرة التمديد للمرحلة الانتقالية وللرئيس هادي لمدة سنة من أجل الاتفاق على قضايا مؤتمر الحوار , وقد جاء قرار رفض التمديد بسبب توعد الرئيس هادي بكشف أسرار لا يعلمها أحد واصفاً أعمال التخريب للمنشآت الحيوية والمصالح الحكومية في البلاد في تلميح واضح وإشارة مبطنه منه إلى الرئيس السابق صالح والذي تشير إليه أصابع الاتهام بالوقوف خلف أعمال التخريب , واضاف الرئيس هادي قائلا لم أستطع إخراج محمد صالح من الجوية إلا عن طريق الأممالمتحدة واليوم تبقى قيادات وسطى سيتم هيكلتها قريبًا. وهو ما دفع بالرئيس السابق واللجنة العامة للمؤتمر الشعبي بتشديد الهجوم على هادي وحسب مصادر في المؤتمر قالت بأن هناك قرارات قويه ومفصلية ستتخذ خلال الأيام المقبلة ربما على ضوئها سيتم اتخاذ قرار إزاحة الرئيس هادي من قيادة الحزب وأمانته العامة الذي نسى اعضائه وقيادته انه رئيس توافقي وصل السلطة عبر صوت الإجماع الوطني و الدولي وتوقيع صالح نفسه على المبادرة الخليجية التي ازاحته عن السلطة, ولم ينسى الرئيس السابق فتح نار التصريحات حتى على حلفاء الامس حزب الاصلاح وهدد بفتح ملفات الاخوان وقال انه يعرف خفايا وملفات الاخوان وانه كان ينتظر اللحظة المناسبة لفتحها , وكشفها امام الشعب .
حرب التصريحات الدائرة بين الرئيس هادي وسلفه صالح وصلت الى حرب تنصت وترصد للمكالمات التليفونية بين الرجلين وحسب مصادر امنيه قالت , بات كل منهما يرصد بعض المكالمات المهمة ويقدمها للسفراء , هذا الصراع ليس في مصلحة اليمن وشعبها ولا يعتبر شكل من إشكال الديمقراطية الداخلية بل عبث داخلي تجاوز محاولات الإفشال والنجاح و نوع من التشرذم السياسي وصوره من صور العقليات التي لا تقبل التطور ولا التنافس الديمقراطي على السلطة , العائد إلى بنية الأحزاب اليمنية القائمة على الانتماءات السياسية التقليدية الهشة والمصلحية والانتماءات القبلية التقليدية والمناطقية والتي همها الأساسي البحث عن المصلحة الذاتية والمساومات والتوافقات السياسية الضيقة على حساب الديمقراطية والأساليب الحداثية , وهذا ما يفسر الأساليب القديمة التي يتم بها تدبير الأوضاع الداخلية لليمن لشعب السمة الحضارية له الغرق في القبيلة و التخلف واقرب الى القطيع شعب يعيش على حكم القبيلة وشيخها والطائفة والمتسلقين من الارصفة والأميه والعائلة الى مواقع القيادة , شعب لا يحارب بروز الظواهر الاجتماعية الضارة بل يشجعها ويتوارثها ابرزها الحروب والاختطاف و الثأر والفساد المالي والاداري والمحسوبية والارهاب وتشجيع بعض الزعامات الدينية الحاقدة ودعمها واعتبارها رموز سياسية وهي من ساهمت في تقسيم المجتمع عقائديا وساعدت في ارتفاع نسبة التخلف ونشوب الحروب الطائفية.
كانت خدمتي العسكرية الإجبارية في جيش اليمن الجنوبي بدايتها عام1985 في الشرطة العسكرية في منطقة التواهي(الفتح) وتم ارسالي ذات مره مع ثلاثة افراد من الشرطة العسكرية في مهمه لحراسة قاعة الاجتماع الذي ترأسه حينذاك وزير الدفاع الفقيد صالح مصلح من اجل مناقشة التحضير والتنفيذ لمناورة الجيش للعام 1986 وقد كنا في وضع استعداد قتالي عالي وبعد انتهاء الاجتماع وخروج الحاضرين اتجه نحوي احد القادة وسألنا هل ممكن ان اعطيه ماء من زمزميتي العسكرية (وعاء صغير يحمل الماء) فأعطيته اياها هزها بيده وتفحص ان كان بها ماء او لا ولم يشرب منها واعادها لي.
وقال انت في حالة استعداد قتالي عالي كُن حريص ويقظ ولا تعطي اغراضك الشخصية العسكرية حتى زمزمية الماء لأي شخص حتى لي انا , هذا الشخص الحريص كان عبدربه منصور هادي مسؤول دائرة الامداد والتموين في الجيش الجنوبي حينذاك والان هو رئيس الجمهورية اليمنية والذي اتمنى يكون على نفس اليقظة والحرص وهو رئيس دوله ويسير وسط منطقه مليئة بالدسائس والالغام السياسية و القبلية وحوله ذئاب بشريه البعض منهم لا يريد زمزمية ماء بل يريد كرسي السلطة .
صراحة وشجاعة الرئيس اليمني هادي تثير اعجاب مواطنيه الذين يعلمون بالعراقيل التي تضعها القوى القبلية المتنفذة في طريقه وتحاول جاهده اضعافه وتشويشه وتدعم صالح و قيادات مؤتمرية في استهداف الرئيس هادي الذي مازال يتحلى بالصبر والحكمة وبدعم خارجي وداخلي ويفهم ان تصرفات صالح الحالية ليس إلا تصرفات شيخ قبلي ينشر الفوضى السياسية والعنف ويعكس صوره رديئة عن شكل الديمقراطية اليمنية ما بعد الثورة وطريق محفوف بالمخاطر يدفع بالتدخل الاجنبي المتزايد في شؤون البلد و بأحقية المجتمعات المتحضرة في فرض الوصاية على اليمن