كان عنوان المقال الجنوبيون يتعلمون ولكن بدروس مؤلمة , ثم غيرته التاريخ يعيد نفسه , ثم غيرته إلى عدة عناوين ،، فبحثت عن سبب التخبط الذي أنا فيه فعرفت أنه نية الكذب لمجارات الذائقة الشعبية ،، فتجرَّدت منها واعدت كتابة المقال ليظهر بالشكل الذي ترونه بالعنوان الذي ترونه مستحضراً قول رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا يمنعن رجلا هيبة الناس أن يقول بحق إذا علمه) ومتمثلاً بقول الشاعر (لا يقطع الرأس إلَّا من يركبها ،،،،، ولا تطيل المنايا كثرة المالي) وفي البداية يجب على الجميع القناعة أن الشهيد محمد صالح "صلحي" من أفضل شباب الحراك .. وأنا لم أتشرف بمقابلته حياً ولكني لا أنسى الشرفاء المؤسسيين وقد كان منهم .. فأسأل الله أن يغسلك بالماء والثلج والبرد وأن يجعل قبرك فسحة من فسح الجنة فلا أملك لك إلَّا الدعاء يا أخي .. واتقدم بخالص العزاء والمواساة لعائلة الشهيد واصحاب الشهيد وعلى رأسهم الأخ ردفان سعيد صالح ، وأسال الله الشفاء العاجل للمصابين من إخوته وإخوتنا الذين اصيبوا في تفجير العسكرية وفي أحداث المنصة .
وبعد كل الألم الذي اصابنا بسبب الحادثتين علينا أن نسأل انفسنا ؛ هل أحسنَّا التعامل مع هذين الحدثين - تفجير العسكرية واطلاق الرصاص - ؟؟ وهل تعلمنَّا الدرس؟؟ أم أنَّ فينا من لم يعرف الدرس من أصله!!! في رأيي لم يُحسن العقل الجمعي الجنوبي التعامل مع الحادثتين وكان التدليس سيد المشهدين ..
ففي تفجير العسكرية انبرى البعض للدفاع عن الفتى صاحب العملية .. فقالوا : إنَّه من أبرز شباب الحراك كان ينتظر الموكب للذهاب معهم إلى عدن للمشاركة في المهرجان ، وقال أحد أقاربه : ليست حزام ناسف بل قنبلة!! وقال آخر : بل قنبلتين!! وقالوا : انفجر الفتى عند البقالة!! وقال آخر : أمام مطعم!! أيُّها الناس ؛ احترموا عقولنا فهذا الكلام غير مهم , فنوعية التفجير وقوته واتجاهه ستحدد هل كان قنبلة أو قنبلتين أو حزام ناسف وهذا متروك للخبراء .
فالأهم من المهم - ومربط الفرس - وبيت القصيد - وعلى افتراض أنَّه بطل من ابطال الحراك فما حاجته للقنابل في مهرجان سلمي مزدحم جداً جداً جداً بخيرة ما انجبت نساء الجنوب؟؟ لا يوجد له مبرر واحد وكان تصرفه خاطئ ومرفوض .. فلماذا انبرى البعض للدفاع عنه باستماتة وتبرئته خلال لحظات من الحادث ؟؟ هذا درس للاختيار بين الوطن أو المناطقة ومن يختار الوطن لا يكذب ..
أما حادث المنصة ؛ فقل ما تشاء عن التدليس والكذب ولا حرج ، فالاتهامات بالخيانة والعمالة كانت سيدة الالفاظ وبالجملة ، استخفاف بأرواح الناس واستخفاف بعقولنا ، عشوائية وعصبية !!! اقسم بالله أنَّه من المخزي أن ينبري للكذب قيادات وإعلاميون كنا نعدهم من الاخيار ،، اقسم بالله ؛ أن من عوامل فشل الحراك أن تجرنا التبعية للرئيس زعطان أو الرئيس معطان لقتل انفسنا والكذب ،، اقسم بالله العظيم لا يوفق الله قوماً قتلوا وسفكوا الدم ورقصوا على أهات الثكالى وكذبوا ..
أيُّها الناس ؛ تذكروا مقولة عمر بن الخطاب للقبطي ؛ مرر العصا على صلعة عمرو بن العاص فما كان ابنه ليضربك إلا بسلطان أبيه ،، والقاتل كلنا نعرفه إنَّه القيادة المتصارعة ، هم الذين قتلوا محمد صالح سالم ، وهم الذين قتلونا بجرنا إلى صراعات مناطقية وصراعات تبعية ، وهم الذين سيقتلون الاجيال القادمة عندما يحولون ثورة الجنوب الحقيقية إلى ثورة افتراضية في عالم الصراع على سلطة افتراضية وكراسي وهمية ومنصة مازالت ملك المستعمر .
إنَّ قتل محمد صالح وإصابة العشرات تحت منصة الاحتفال بالذكرى الخمسين لثورة 14 اكتوبر أكبر دليل على كذبة ثورة 14 اكتوبر نفسها .. ومن يقرأ التاريخ سيعلم أن الشعب الجنوبي قدم تضحيات لا حصر لها في الثورة على بريطانيا , استمرت منذ احتلال الجنوب في 1839 حتى 1962 عندما تعهدت بريطانيا للأمم المتحدة بمغادرة الجنوب وبناء أجهزة الدولة وبناء الجيش والاقتصاد .
وأما ثورة اكتوبر فكانت ضد اعلان دولة اتحاد الجنوب العربي ، وكان هدفها تدمير ما تبنيه بريطانيا ، وتدمير تركيبة المجتمع الجنوبي ، ومسح ما تركه اجدادنا من تاريخ عظيم وتزويره .. واتحدى ضابط أو جندي يقول أنه سمع معلماً في الاكاديمية العسكرية يتحدث لطلابه عن معركة واحدة بين أجدادنا وغزاة اليمن؟؟ لقد دمروكم من أجل قيادتكم إلى صنعاء قود العبيد ،، وقد نجحوا في ذلك .. وقبل أيام صرح الدكتور ياسين سعيد نعمان بهذا الكلام .
إن هذه الذكرى ذكرى اليمة "تذكرنا بالقتال بين جبهة التحرير والجبهة القومية" وبهذه المناسبة أقول ؛ يا شعب الجنوب هؤلاء سفهاكم الذين تصارعوا على السلطة قبل خمسين عاماً يتصارعون عليها اليوم .. ولقد وقف المستعمر البريطاني إلى جانب الجبهة القومية في الحرب ضد جبهة التحرير ،، فمع من سيقف المستعمر الجديد هل مع مجلس الثورة "البيض" أو مجلس الحراك "باعوم" .
وفي الختام هذا رأيي فإذا كانت هذه القيادة عكس ما أقول فأتحداهم ، اتحداهم ، اتحداهم الاتفاق على توحيد قوى الاستقلال , والخروج بقيادة قوية متماسكة قادرة على حسم الصراع .. فإذا لم يفعلوا ولن يفعلوا فعلى الشعب أن يتجاهلهم كما قال الأستاذ فتحي بن لزرق , ويتجاوزهم ويختار قيادته من بين صفوفه , ويبدأ بتحرير نفسه منهم ومن تاريخهم الفاسد .. حينها يمكن تحرير الأرض فالحرية صنعت خصيصاَ للشعوب الحرَّة .