قال العريض "نجدد اليوم تعهدنا بمبدأ التخلي او تخلي الحكومة في اطار تلازم وتكامل مختلف المراحل التي حددتها خارطة الطريق". وقتل سبعة من عناصر الحرس الوطني التونسي الاربعاء في مواجهات مع مجموعة مسلحة، في الوقت الذي تنتظر فيه البلاد وعدًا بالاستقالة من رئيس الوزراء الإسلامي لبدء مفاوضات ترمي الى حل الازمة السياسية العميقة التي تعيشها تونس.
وقتل سبعة من عناصر الحرس، واصيب اربعة اخرين في المعارك التي كانت ما زالت مستمرة حتى عصر اليوم في منطقة سيدي بوزيد، بحسب تلفزيون "وطنية-1" الرسمي، الذي اشار ايضا الى مقتل اثنين من المسلحين. وقال مصدر امني في المكان ان هذه المعارك جرت بسبب توجه عناصر الحرس الوطني لمداهمة منزل في سيدي علي بن عون، حيث تتحصن مجموعة من الجهاديين.
على الصعيد السياسي، لم يدل حتى الان رئيس الوزراء علي العريض بالتصريح، الذي الذي كان من مقررًا بعد ظهر اليوم، والذي كان من المقرر ان يؤكد فيه التزامه بالاستقالة من منصبه. ومن ثم فان "الحوار الوطني"، الذي يفترض ان يضم المعارضة وحركة النهضة الاسلامية الحاكمة، لم يبدأ ايضًا، حيث يطالب المعارضون بتعهد رسمي من رئيس الحكومة بالاستقالة قبل بدء المفاوضات.
وقال حمة الهمامي القيادي في الجبهة الشعبية (معارضة يسارية) "نامل ان يكون لدى العريض الشجاعة الكافية لاعلان استقالة حكومته خلال ثلاثة اسابيع من اجل انقاذ البلاد". كما تظاهر الالاف من انصار المعارضة بعد ظهر اليوم في وسط العاصمة التونسية للمطالبة برحيل الحكومة الائتلافية بقيادة النهضة.
وهتف المتظاهرون الذين تجمعوا في ساحة القصبة، حيث يوجد مقر الحكومة، "الشعب يريد اسقاط النظام" و"ارحل" وايضًا "تسقط حكومة الخونة". الا ان الحشد كان اقل بكثير من التظاهرة التي شارك فيها عشرات الالاف احتجاجا على الحكومة في اب/اغسطس الماضي. ويرتكز "الحوار الوطني" لحل الازمة السياسية على خارطة طريق طموحة، ما زال مضمونها موضع خلاف بين الاسلاميين والمعارضة.
الا ان وعد الحكومة الائتلافية بقيادة النهضة بالاستقالة، يعد المرحلة الاولى في خريطة الطريق هذه التي قام بصياغتها اربعة وسطاء، بينهم الاتحاد العام التونسي للشغل (المركزية النقابية)، والتي تنص على اجراء مفاوضات خلال شهر لتشكيل حكومة مستقلين وقيادة البلاد نحو انتخابات لاخراجها من "المرحلة الانتقالية" التي بدأت مع ثورة كانون الثاني/يناير 2011. الا ان المعارك الجديدة اليوم يمكن ان تزيد من تعقد موقف اسلاميي النهضة وحلفائهم، الذين تتهمهم المعارضة بالتراخي حيال التيار الجهادي.
من جهتها لم تخف الصحافة تشككها في فرص نجاح المفاوضات، التي تتزامن مع الذكرى الثانية لانتخاب المجلس التأسيسي، في اول انتخابات حرة في تاريخ تونس، وفاز فيها اسلاميو حركة النهضة. وكتبت صحيفة لوتان في افتتاحيتها "حوارا وطنيا ينطلق في يوم ذكرى رمزية، لكنه ينطلق مرهونًا بهيمنة الشك، وازدواجية اللغة والمواقف الغامضة".
وكشفت "لوكوتيديان" من جهتها ان "ساعة الحقيقة اقتربت بخطوات كبرى" لتونس، التي تواجه مخاطر الانزلاق نحو "مستقبل غير اكيد واكثر فوضوية". وتاخذ المعارضة على الائتلاف الثلاثي الحاكم برئاسة النهضة بانه سمح بانبثاق مجموعات جهادية مسلحة مسؤولة خصوصًا عن اغتيال معارضين اثنين بارزين هذه السنة وهجمات على قوات الامن.
ويرفض الاسلاميون هذه الاتهامات، مؤكدين انهم "في حرب ضد الارهاب". وهكذا انتهت عملية مسلحة اطلقت في الاسبوع الماضي بعد مقتل عنصرين من الحرس الوطني بمقتل تسعة مقاتلين. لكن الحكومة تواجه ايضًا نقمة من قوات الامن احتجاجًا على قلة التجهيزات ووسائل مكافحة المجموعات الاسلامية المسلحة، التي ازداد نشاطها بشكل مثير للقلق خلال الفترة الاخيرة.
فقد منع ممثلون عن نقابة الشرطة التونسية الجمعة قادة البلاد الثلاثة من المشاركة في حفل تأبيني لعنصري الحرس الوطني اللذين قتلا الخميس برصاص مجموعة مسلحة. ووجّه الرئيس التونسي المنصف المرزوقي ورئيس الوزراء علي العريض ورئيس المجلس التاسيسي مصطفى بن جعفر، بصيحات استهجان من قبل متظاهرين، بعضهم بالزي العسكري، وبعضهم الاخر بالزي المدني، لدى وصولهم الى مكان تأبين اثنين من عناصر الحرس الوطني في ثكنة العوينة في ضواحي تونس.