بينها الكريمي.. بنوك رئيسية ترفض نقل مقراتها من صنعاء إلى عدن وتوجه ردًا حاسمًا للبنك المركزي (الأسماء)    قيادي حوثي يذبح زوجته بعد رفضها السماح لأطفاله بالذهاب للمراكز الصيفية في الجوف    استشهاد وإصابة أكثر من 100 فلسطيني بمجازر جديدة للاحتلال وسط غزة    انهيار كارثي للريال اليمني.. والعملات الأجنبية تكسر كل الحواجز وتصل إلى مستوى قياسي    ماذا يجري في الجامعات الأمريكية؟    صحفي سعودي: الأوضاع في اليمن لن تكون كما كانت قبل هذا الحدث الأول من نوعه    هذا ما يحدث بصنعاء وتتكتم جماعة الحوثي الكشف عنه !    تعليق على مقال زميلي "سعيد القروة" عن أحلاف قبائل شبوة    البخيتي يتبرّع بعشرة ألف دولار لسداد أموال المساهمين في شركة الزناني (توثيق)    النخب اليمنية و"أشرف"... (قصة حقيقية)    لماذا نقرأ سورة الإخلاص والكافرون في الفجر؟.. أسرار عظيمة يغفل عنها كثيرون    فشل العليمي في الجنوب يجعل ذهابه إلى مأرب الأنسب لتواجده    اعتراف رسمي وتعويضات قد تصل للملايين.. وفيات و اصابة بالجلطات و أمراض خطيرة بعد لقاح كورونا !    مدرب بايرن ميونيخ: جاهزون لبيلينغهام ليلة الثلاثاء    كأن الحرب في يومها الأول.. مليشيات الحوثي تهاجم السعودية بعد قمة الرياض    لأول مرة.. مصر تتخذ قرارا غير مسبوق اقتصاديا    رسالة سعودية قوية للحوثيين ومليشيات إيران في المنطقة    وزارة الأوقاف بالعاصمة عدن تُحذر من تفويج حجاج بدون تأشيرة رسمية وتُؤكّد على أهمية التصاريح(وثيقة)    الكشف عن الفئة الأكثر سخطًا وغضبًا وشوقًا للخروج على جماعة الحوثي    ليفاندوفسكي يقود برشلونة للفوز برباعية امام فالنسيا    ثلاثة صواريخ هاجمتها.. الكشف عن تفاصيل هجوم حوثي على سفينة كانت في طريقها إلى السعودية    عودة تفشي وباء الكوليرا في إب    رئيس مجلس القيادة: مأرب صمام أمان الجمهورية وبوابة النصر    الجرادي: التكتل الوطني الواسع سيعمل على مساندة الحكومة لاستعادة مؤسسات الدولة    حاصل على شريعة وقانون .. شاهد .. لحظة ضبط شاب متلبسا أثناء قيامه بهذا الأمر الصادم    أصول القطاع المصرفي الاماراتي تتجاوز 4.2 تريليون درهم للمرة الأولى في تاريخها    القرءان املاء رباني لا عثماني... الفرق بين امرأة وامرأت    رئيس كاك بنك يشارك في اجتماعات الحكومة والبنك المركزي والبنوك اليمنية بصندوق النقد والبنك الدوليين    فيتنام تدخل قائمة اكبر ثلاثة مصدرين للبن في العالم    رباعي بايرن ميونخ جاهز لمواجهة ريال مدريد    عاجل محامون القاضية سوسن الحوثي اشجع قاضي    ليفربول يوقع عقود مدربه الجديد    قائمة برشلونة لمواجهة فالنسيا    المواصفات والمقاييس ترفض مستلزمات ووسائل تعليمية مخصصة للاطفال تروج للمثلية ومنتجات والعاب آخرى    يونيسيف: وفاة طفل يمني كل 13 دقيقة بأمراض يمكن الوقاية منها باللقاحات    وفاة امرأة وإنقاذ أخرى بعد أن جرفتهن سيول الأمطار في إب    الذهب يستقر مع تضاؤل توقعات خفض الفائدة الأميركية    اليمن تحقق لقب بطل العرب وتحصد 11 جائزة في البطولة العربية 15 للروبوت في الأردن    استهداف سفينة حاويات في البحر الأحمر ترفع علم مالطا بثلاث صواريخ    ''خيوط'' قصة النجاح المغدورة    رغم القمع والاعتقالات.. تواصل الاحتجاجات الطلابية المناصرة لفلسطين في الولايات المتحدة    افتتاح قاعة الشيخ محمد بن زايد.. الامارات تطور قطاع التعليم الأكاديمي بحضرموت    للمرة 12.. باريس بطلا للدوري الفرنسي    كانوا في طريقهم إلى عدن.. وفاة وإصابة ثلاثة مواطنين إثر انقلاب ''باص'' من منحدر بمحافظة لحج (الأسماء والصور)    ريمة سَّكاب اليمن !    نداء إلى محافظ شبوة.. وثقوا الأرضية المتنازع عليها لمستشفى عتق    في ذكرى رحيل الاسطورة نبراس الصحافة والقلم "عادل الأعسم"    السعودية تعيد مراجعة مشاريعها الاقتصادية "بعيدا عن الغرور"    كيف يزيد رزقك ويطول عمرك وتختفي كل مشاكلك؟.. ب8 أعمال وآية قرآنية    طلاب جامعة حضرموت يرفعون الرايات الحمراء: ثورة على الظلم أم مجرد صرخة احتجاج؟    أسئلة مثيرة في اختبارات جامعة صنعاء.. والطلاب يغادرون قاعات الامتحان    الدوري الانكليزي الممتاز: مانشستر سيتي يواصل ثباته نحو اللقب    من هنا تبدأ الحكاية: البحث عن الخلافة تحت عباءة الدين    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    قضية اليمن واحدة والوجع في الرأس    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثمن المغامرة: استراتيجية "الباب المفتوح" بين تركيا وتنظيمات القاعدة
نشر في عدن الغد يوم 28 - 10 - 2013


كتب/ محمد عبد القادر خليل

تحول تنظيم "القاعدة" إلى قضية مركزية في تركيا، ليس لوجوده المكثف بدول الجوار الجغرافي فحسب، وإنما لوجوده أيضًا داخل العديد من المحافظات التركية، خصوصًا الجنوبية منها، والتي تشكل خط تماس الحدود المشتركة مع سوريا، وذلك بعد أن اتخذت العديد من التنظيمات الجهادية من الأراضي التركية ممر الولوج الآمن إلى الأراضي السورية، وانتهجت أنقرة، على جانب آخر، استراتيجية "الباب المفتوح" مع التنظيمات المتطرفة، طوال العامين ونيف المنقضيين، والتي باتت تُلقي بتبعاتها السلبية على الوضع الأمني في محافظاتها المختلفة.
وقد تصاعدت نذر المواجهة مؤخرًا بين تنظيم "دولة الإسلام في العراق والشام" المعروف ب"داعش" من جانب، وتركيا من جانب آخر، على نحو أفضى إلى حدوث مواجهات عسكرية وتهديدات بشن عمليات إرهابية داخل المدن التركية، بما أعاد للأذهان التهديدات التي أطلقها محمد الظواهري عام 2010، حيث كان قد توعد أنقرة بعمليات ضخمة، بسبب توليها قيادة حلف شمال الأطلسي في أفغانستان.
نقطة التحول ..بزوغ القاعدة في تركيا:
ثمة من يربط في بعض الأدبيات بين تنامي مخاطر تنظيم القاعدة وبين تشكل تيار ينتمي للسلفية الجهادية أخذ ينتشر نسبيًّا في بعض المدن التركية خلال سنوات حكم حزب العدالة والتنمية الأخيرة، خصوصًا بعد أن ترجمت معظم أدبيات القاعدة للغة التركية. وكانت تركيا سابقًا نقطة عبور الجهاديين إلى أوروبا، هذا إلى أن تطور الوضع ليشهد مشاركة من قبل المواطنين الأتراك، وقد ارتبط ذلك بتنامي الاتصالات بين عناصر تركية وحركات جهادية في آسيا الوسطى. كما أن "خلية التوحيد" التي نشطت في بعض البلدان الأوروبية كان وجودها الأساسي بتركيا.
وعلى الرغم من أن أغلب العمليات الإرهابية الكبرى ارتبطت بحزب العمال الكردستاني، فإن أنقرة كانت قد شهدت تفجيرات إرهابية عام 2003، أعلن مسئوليته عنها تنظيم "القاعدة في بلاد العراق"، (داعش لاحقًا)، وأفضت إلى مقتل نحو 63 شخصًا وإصابة المئات، وشهدت مدينة الريحانية تفجيرات أخرى في مايو 2013، أسفرت عن مقتل نحو 51 شخصًا وإصابة العشرات. وثمة العديد من الحوادث التي ارتبطت بحزب التحرير الثوري اليساري، الذي أعلن مسئوليته عن الهجوم الذي استهدف السفارة الأمريكية، في فبراير الماضي، وأفضى إلى مقتل شخصين.
وقد مثل اندلاع الثورة السورية تحولا في مسار العلاقة بين تركيا والتنظيمات الجهادية المرتبطة بالقاعدة، حيث أضحت سلطات الأمن التركية تغض الطرف عن تحول حدودها الجنوبية إلى بوابات عبور رسمية لتنظيمات متطرفة إلى الأراضي السورية، بما كثف من تواجد عناصر تابعة لهذه التنظيمات ببعض المحافظات التركية، وهي تنظيمات تَستَغِل بعض الجمعيات الخيرية الموجودة في الجانبين للتغطية على نشاطها.
وقد وُضعت تركيا على "القائمة الرمادية" جنبًا إلى جنب مع كل من سوريا وإثيوبيا وكينيا وكوبا، وذلك من قبل الهيئة الدولية لمكافحة غسيل الأموال، وتمويل الإرهاب (FATF). وتشمل دول هذه القائمة تلك التي لم تتخذ التدابير اللازمة لمكافحة عمليات تمويل الإرهاب. وتوجه لتركيا اتهامات أخرى بعدم الامتثال لقرارات مجلس الأمن الخاصة بتجميد الأصول التي يمتلكها الأفراد المنتسبون لمنظمات إرهابية. وأفضى ذلك على جانب آخر إلى توترات شبه مكتومة مع عدد من الدول الغربية، على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية.
وقد انعكس ذلك في الحركة الأمريكية المكثفة لتعديل مسار السياسات التركية، حيث اجتمع كل من الرئيس الأمريكي باراك أوباما، ووزير خارجيته جون كيري، مع رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان، ومدير استخباراته هاكان فيدان، في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض في مايو الماضي.
هذا فيما التقى وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو، نظيره الأمريكي جون كيري، في سبتمبر 2013، وأعرب الأخير عن قلق واشنطن من دعم تركيا لمتطرفين على طول الحدود مع دمشق، وفي الشهر ذاته التقى مدير الاستخبارات التركية، مع كل من جون برينان مدير وكالة المخابرات المركزية، وجيمس كلابر مدير الاستخبارات القومية الأمريكية (دي إن آي) لبحث القضية ذاتها، التي أعيد إثارتها تعبيرًا عن المخاوف الغربية على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة بسبتمبر الماضي. وكان داود أوغلو قد عبر عن رفضه المخاوف الدولية من تنامي قوة المنظمات الإرهابية في سوريا، قائلا إن ما قد يبدو من تعبيرات إسلامية متطرفة في سوريا قد تعد طبيعية من وجهة نظر "علم نفس البشرية"، نظرًا لتأثير الدين على الأفراد في أجواء الحرب.
أهداف تركيا من دعم التنظيمات الجهادية:
كان لتنامي قوة "داعش" في المناطق المحاذية للحدود التركية، عامل مركزي في إعادة توجيه تكتيكات الاستراتيجية التركية الخاصة ب"استغلال" التنظيمات الجهادية في سوريا، وقد انعكس ذلك فيما أشار إليه بعد ذلك رئيس الجمهورية عبد الله جول، من أن "الجماعات المتطرفة في سوريا قد تشكل مصدرًا للقلق عندما يتعلق الأمر بأمن تركيا". وقد ارتبطت الرغبة التركية في دعم التنظيمات الجهادية بمحركين أساسيين:
- إسقاط نظام الأسد: فلقد مثلت الرغبة في إسقاط نظام بشار الأسد الهدف الرئيسي لكافة المجهودات التركية الخاصة بدعم المعارضة المسلحة، بصرف النظر عن توجهاتها الأيديولوجية، وقد كان للتنظيمات الجهادية نصيب الأسد، باعتبارها الأكثر تمرسًا على "حرب العصابات" في ساحات إقليمية سابقة.
- منع "كردستان الغربية": تستهدف تركيا بالأساس إجهاض محاولات أكراد سوريا تشكيل إقليم مستقل، استغلالا للفراغ الأمني الذي باتت تعاني منه مناطق شمال وشرق سوريا (الغنية بالنفط)، بسبب سماح النظام البعثي للتيارات والأحزاب الكردية بملء هذا الفراغ عبر الهياكل الأمنية والسياسية الكردية.
وقد دعمت تركيا التنظيمات الجهادية في سوريا للسيطرة على مناطق تمركز الأكراد، وذلك في مواجهة حزب الاتحاد والديمقراطية (PYD)، وما يعرف باسم "وحدات حماية الشعب الكردي"، ولعل هذا ما قد يفسر إعلان رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، ارتياحه لكون حزب "الاتحاد" لم يعد قادرًا على التحرك بحرية في شمال سوريا.
تهديدات إرهابية للداخل التركي:
تنوعت التهديدات التي أنتجتها الاستراتيجية التركية الخاصة بدعم التنظيمات السورية المسلحة، وعلى رأسها الجهادية، ومنها:
* المواجهة المباشرة: اعتقدت تركيا أن من شأن دعمها للقاعدة والقوى المعارضة المسلحة، أن يساهم في إسقاط نظام الأسد سريعًا، غير أن ذلك أفضى إلى نتيجة عكسية، حيث تضاعفت قوة التنظيمات الجهادية، لتتعرض البلدات التركية الحدودية إلى بعض قذائف الهاون الطائشة من المناطق التي تسيطر عليها "داعش"، بما دفع القوات العسكرية التركية إلى الرد عبر قصف مواقعها، وهو ما جعل استراتيجية "الباب المفتوح" تفضي إلى تحقيق توازن مختلف في القوى على الحدود، على نحو بات يثير هواجس أمنية لتركيا أكثر مما يحقق مصالحها.
* إضفاء الشرعية: وصفت المواقف التركية الداعمة للقاعدة باعتبارها تساهم في إضفاء الشرعية على الإجراءات التي يتخذها بشار الأسد، حيث بات يصور سياساته على أنها تستهدف مكافحة الإرهاب، لرغبته في الإيحاء بتغير طبيعة الصراع، ليوحي بأنه لم يعد بين الشعب السوري والنظام البعثي، وإنما بين الأخير وتنظيم القاعدة، لذلك كانت رسالة الأسد واضحة حينما أجرى مقابلة مع التلفزيون التركي، وأشار خلالها إلى أن أنقرة ستدفع ثمنًا غاليًا لدعمها وإيوائها للإرهابيين.
* تجنيد الأتراك: شهدت العديد من المدن التركية عمليات تجنيد لمواطنين حسب الطائفة للقتال في سوريا. وكانت صحيفة راديكال اليسارية أشارت إلى تنامي فاعلية تنظيم القاعدة في تركيا، مؤكدة على أنه بات يتحرك بكامل حريته في المحافظات الجنوبية، ويعمل على تجنيد الأتراك للقتال إلى جانبه بسوريا، متهمة أجهزة الأمن بغض الطرف عن نشاط التنظيمات الجهادية في تركيا. ووفق الصحيفة فإن نشاط القاعدة يمتد لعدة محافظات في جنوب تركيا منها: أورفا، وديار بكر، وبينغول، وتبلسي. هذا فيما يقوم حزب الله الكردي بتجنيد شباب كردي لقتال التنظيمات التابعة للقاعدة. وكان نواب أكراد في البرلمان التركي قد تقدموا بطلب استجواب رسمي للحكومة بناء على اتهامات ومعلومات عن دعم الحكومة للتنظيمات الإسلامية المتطرفة، وتوجيهها إلى مقاتلة الأكراد لمنعهم من إقامة كيان كردي مستقل.
* المرور الرسمي: تحولت بعض البلدات التركية المحاذية للحدود مع سوريا إلى معقل لمتشددين إسلاميين. وغدا من الطبيعي أن يشهد مواطنو هذه المناطق سيارات تنقل مقاتلين وجهاديين. وقد دفع ذلك زعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كليجدار أوغلو، إلى القول إن "تركيا تحولت إلى دولة تستورد الإرهاب"، واعتبر أن تهديد القاعدة لتركيا بين فترة وأخرى لفتح الحدود أمام مقاتليها باتجاه سوريا، يمثل "نتيجة طبيعية لاستقدام القاعدة وتدريبها وإمدادها بالسلاح والأموال". وقد أشار صالح مسلم، رئيس حزب الاتحاد الكردي السوري، إلى أن سيارات الإسعاف تذهب لالتقاط المصابين من التنظيمات الجهادية لتقوم بإعادتهم بعد أن تكون قد عالجتهم ومدتهم بالسلاح. هذا فيما أكد أوزترك ترك دوغان، رئيس جمعية حقوق الإنسان التركية، أن إرسال الشباب الأتراك من مدن منطقة جنوب شرق تركيا "للجهاد" في سوريا يتم بعلم الاستخبارات التركية، وقال: "لدينا معلومات حول عمل المنظمات الإرهابية المتطرفة، ونستغرب تجاهل جهاز المخابرات ومديرية الأمن عمل التنظيمات الإرهابية المتطرفة على تجنيد الشباب التركي بشكل علني".
* العائدون من سوريا: وفقًا لتقارير تركية فإن هناك أكثر من 1200 من المواطنين الأتراك يقاتلون على الأرض السورية، والكثير منهم مرتبط بتنظيم القاعدة، في حين يعمل عدد آخر كمرتزقة بدخل شهري يقدر بنحو 1500 دولار. والإشكالية الأكبر في ذلك أن ثمة من يذهب لدعم الجانب الذي يتفق معه أيديولوجيًّا وطائفيًّا وعرقيًّا. وكان الكاتب سيدات أرغين قد كتب مقالا بصحيفة حرييت انتقد فيه النشاط الواضح لتنظيم القاعدة بتركيا، وإغفال السلطات التركية لهذه التحركات، التي وصفها بالخطيرة. واعتبر أرغين، أن كل هؤلاء المقاتلين سيعودون إلى تركيا ليتحول كل واحد منهم إلى "قنبلة موقوتة" من الممكن أن تنفجر داخل تركيا في أي لحظة.
* الخلايا النائمة: أضحت بعض المدن التركية آمنة لتحرك بعض التنظيمات التي باتت تجد قدرة على التسلل والإقامة على أراضيها، بما قد يجعل هذه المدن هدفًا مستقبليًّا لهذه التنظيمات، كونها أضحت أكثر دراية بتفاصيلها المختلفة، ويمكن بسهولة اختراقها بواسطة "خلايا نائمة".ووفقًا للعديد من التقارير الغربية فإن "داعش" قد أرسلت مئات من المقاتلين شمالا نحو تركيا، وهو ما بات يثير هواجس تركيا، خصوصًا بعد البيان الذي أعلنته وطالبت فيه أنقرة بفتح معبر باب الهوى وباب السلامة التي أغلقتها بعد سيطرتها على بلدة أعزاز (6.2 ميلا من الحدود التركية) السورية. وقد أشار البيان إلى أن "أقدام أسود التنظيم قد اقتربت من أن تطأ بلاد الترك لتنشر الرسالة الحسنة، وتطهر أرضها من الكفار البغاة"، ووجه حديثًا إلى أردوغان "عليك وأزلامك التحسس لرءوسكم بعد الاستبداد بالبلاد والعباد، فاستوجب عليكم حكم الله على البغاة"، وأخيرًا أشار البيان إلى مسئولية التنظيم عن تفجيرات الريحانية وباب الهوى، محذرًا من أن العمليات الانتحارية ستصل إلى أنقرة وإسطنبول.
* تجارة الظلام: انتشرت في بعض المدن التركية ما يطلق عليه البعض "تجارة الظلام" الخاصة باختطاف بعض الزائرين، خصوصًا العراقيين منهم، ثم طلب فدية كبرى من عائلاتهم لتحريرهم. ويعاني من ذلك المواطنون الأتراك أنفسهم، حيث يشكو العديد من العوائل التركية من جماعات جهادية تقوم بجمع مجموعات شبابية لمشاهدة أفلام مسجلة عن "الوعظ الجهادي" والحلقات التدريبية الأولية للقتال، وهي عملية تركز على فئات من الشباب تتراوح أعمارهم بين 18 و30 عامًا، وينقلون إلى دمشق في مجموعات مكونة من 15 شخصًا. وقد تم نقل نحو 200 شخص من مدينة أديمان وحدها، وذلك إلى مدينة هطاي ومنها إلى سوريا، ويمنع هؤلاء الشباب من العودة مرة أخرى إلى تركيا إلا بعد دفع عائلاتهم لفدية ضخمة. وهذا الأمر لا يقتصر في العديد من الحالات على المواطنين الأتراك، وإنما هناك مواطنون من ليبيا وتونس والشيشان. وتتكفل بمهمة إيصال هؤلاء لسوريا جمعيات خيرية، منها جمعية تحمل اسم "رحماء آمنين"، وهناك مجموعة أخرى تدعى "كتيبة الإيمان".
الإجراءات التركية تجاه التنظيمات الجهادية:
على الرغم من أن تركيا حافظت على استراتيجية "المغامرة النشطة" أو "الباب المفتوح" التي اتبعتها حيال التنظيمات الجهادية في سوريا، وذلك من خلال توفير شريان الحياة للمناطق التي يسيطر عليها الجهاديون من خلال المساعدات الإنسانية، باعتبارها تشكل "الممر الآمن" للعبور والحصول على الأموال والأسلحة وتلقي العلاج؛ إلا أنه مع تعاظم قوة هذه التنظيمات والرغبة في إعلان دويلة إسلامية في المناطق التي تسيطر عليها، بالقرب من الحدود التركية، فإن التهديدات الموجهة لسوريا أضحت موجهة بصورة مماثلة نسبيًّا للداخل التركي ذاته، بما دفع أنقرة لاتباع استراتيجية تقوم على عدد من العناصر:
* درء الشبهات: على الرغم من تورط التنظيمات الجهادية في العديد من المشكلات الأمنية في بعض المحافظات الجنوبية، غير أن الحكومة التركية تنكر ذلك، وثمة أمثلة عديدة أبرزها، ما أشار إليه وزير الداخلية التركي معمر جولر حين أكد على أنه لا علاقة بين القاعدة وتفجيرات الريحانية، وذلك على العكس مما حملته عريضة الاتهام التي أعدتها النيابة العامة في مدينة أضنة.
* جدار عازل: أقدمت الحكومة التركية في ظل تنامي المخاوف من حدوث موجة من العمليات الإرهابية في داخل المحافظات التركية، على بناء جدار عازل (بارتفاع مترين) بالقرب من مناطق التوتر والاضطراب على الحدود مع سوريا، للحيلولة دون أية تداعيات أمنية سلبية قد تطال الأراضي التركية.
* إجراءات وقائية: اتخذت السلطات الأمنية التركية العديد من الإجراءات الوقائية، حيث باتت تتابع العناصر التي تتشكك في إمكانية قيامها بهجمات إرهابية داخل المدن التركية، وقد أدى ذلك إلى توقيف العشرات، وإحباط محاولات استهداف السفارة الأمريكية بأنقرة، حيث قامت بالقبض على بعض عناصر القاعدة التي كانت تخطط لاستهداف السفارة، وبحوزتهم كميات كبيرة من المتفجرات وغاز السارين. كما قامت بإحباط مخططات مماثلة في مدينة أضنة بجنوب تركيا، وأخرى كانت تستهدف مقر البرلمان وعددًا من الكنائس.
* استراتيجية الردع: قامت القوات العسكرية التركية الموجودة على الحدود مع سوريا بعمليات عسكرية ضد تنظيم "دولة الإسلام في العراق والشام"، بهدف الردع المسبق لأية محاولة تستهدف أمن تركيا، لا سيما بعد التهديدات الأخيرة التي وجهتها "داعش" للسلطات التركية.
* الاستنفار الأمني: تبنت السلطات التركية عددًا من الإجراءات الأمنية، جاء على رأسها تأسيس قاعدة عسكرية على جبل "أولداغ" أو ما يعرف بجبل الأقرع في محافظة هطاي، ويشرف الجبل على مدينة كسب السورية وخليج رأس البسيط، وعلى بعد 40 كلم من مدينة اللاذقية السورية. وزاد نشاط القوات العسكرية في ساحل "صمان داغ" التركي، على حدود المياه الإقليمية السورية.
ويمكن القول، إن الحكومة التركية التي لم تكن تعترف حتى وقت قريب بوجود تنظيمات إرهابية على الأراضي السورية، وكانت تكتفي بوصفها بالراديكالية، قد باتت تواجه تحديات مزدوجة تتعلق باستمرار "توظيف" هذه التنظيمات لكونها تخوض معركة ب"الوكالة" ضد نظام الأسد من ناحية، والأحزاب الكردية من ناحية أخرى، هذا في وقت تسعى فيه هذه التنظيمات للسيطرة على مساحة كافية من الأرض لإعلان تأسيس "الدولة الإسلامية"، وهو ما يزيد من مشكلات تركيا الأمنية، ليس بسبب نظام الأسد وأكراد سوريا فحسب، وإنما أيضًا بسبب تزايد قوة ونفوذ هذه التنظيمات، لتزداد احتمالات تورط تركيا في "المستنقع السوري".
عن/ المركز الاقليمي للدراسات الاستراتيجية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.