تحت عنوان: «سأشارك فى المباراة ولو برجل واحدة»، جاء فى جريدة الأخبار أن شريف إكرامى المصاب أعرب عن رغبته القوية فى خوض المواجهة المرتقبة مع أورلاندو يوم السبت فى ذهاب نهائي أبطال أفريقیا. ووصف المحرر شريف بأنه الحارس الشجاع، وقد أوضح حارس الأهلى أنه يشعر بتحسن فى مكان الإصابة.. •• هذا هو الجزء المهم فى التصريح.. وهذا أحد المفاهیم الخاطئة، التى تنثر وتنشر عبر الإعلام منذ نصف قرن. فلیست شجاعة إطلاقا أن يخوض إكرامى هذه المباراة وهو مصاب. ولا يمكن أن يسمح المدير الفنى للفريق بذلك، ولا يجب أن يشجع إنسان حارس الأهلى على ذلك.. كما يحدث كثیرا أن يخلط الإعلام بین الحماس وبین العنف، ويستخدم تعبیر «أداء رجولى»، ويكون ذلك مقترنا بتشتیت الكرة، بدلا من تمريرها. وكثیرا ما يشاع أن الوطنیة هى أن تكون متحیزا لمنتخب بلادك، وأن يشیع المعلقون العرب أن القومیة هى أن يكون المعلق مع الفريق العربى ضد الفريق الآخر.. فلا تلك وطنیة ولا تلك مهنية..
وأنصح شريف إكرامى بأنه لو كان مصابا فإن علیه أن يخلى مركزه لزمیله حتى لا يخسر الأهلى تغییرا بلا مبرر.. تلك هى الشجاعة؟!
•• لكن الشجاعة فى المباراة المهمة لا تعنى الهجوم الأهوج والمساحات المفتوحة، وأحذر الأهلى من ترك مساحات للاعبى أورولاندو، لأنهم فى غاية السرعة، ويعوضون بسرعته م الفائقة نقص بعض المهارات لاسیما التركیز أمام المرمى كما حدث فى مباراة الترجى باستاد رادس.. والواقع أن الشجاعة أن يحسن محمد يوسف تقدير الموقف، ويهاجم بحساب، ويدافع أيضا بحساب فلا يكون فريقه مثل الملاكم الذى يغطى وجهه بقبضتیه باحثا عن الحماية. الشجاعة فى تلك المباراة أن تعرف متى وكیف نهاجم وتدافع وتقتل إيقاع خصمك وتفرض علیه إيقاعك؟
•• الرياضة كنشاط إنسانى واسع الانتشار والشعبیة كان من أهم أسباب اقتحام السیاسة لها. حدث ذلك أيام هتلر، وموسولینى. والأول نظم دورة برلین الأولیمبیة عام 1936 للدعاية للنازية. والثانى أرسل برقیة تحذير لمنتخب بلاده إيطالیا بالفوز بكأس العالم أو الإعدام عام 1934.. وكلاهما كان مدمرا للإنسانیة والسلام العالمى، وكلاهما رأى نفسه زعیما ملهما.. كما أطلق بیرلسكونى رئیس وزراء إيطالیا اسم «فورزا» على حزبه السیاسى. وهذا أحد أهم صیحات التشجیع للمنتخب.. لكن العالم والمؤسسات الرياضیة رفضت تدخل السیاسة فى مع بدايات النصف الثانى من القرن العشرين وعلت أصوات الرفض حتى لا تفسد السیاسة أكبر وأعظم حركة سلام عرفتها البشرية، وهى الألعاب الأولیمبیة.. وحتى لا تفسد السیاسة مناسبات ومسابقات رياضیة تعلو فيها قیم النضال والكفاح، المحبة والإخاء والصداقة، وتنتشر فى أروقتها البهجة والمتعة..
•• هكذا أخطأ محمد يوسف لاعب الكونج فو خطأ جسیما حین أقحم السیاسة فى الرياضة، وبرأى قاطع أعلن فیه تأيیده للنظام السابق بصورة مباشرة. وهو خطأ يستوجب العقاب والحساب وفقا للقواعد والمواثیق الدولیة، وكل من تجاوز تلك المواثیق فى مختلف الدول والأنشطة الرياضية على تنوعها تعرض للعقاب، وعلى الجميع احترام تلك القواعد دون نقاش، ودون محاولات الإيحاء بأن الأمر بسيط أو غير مهم أو يمكن تداركه باختراع مبررات افتراضية قد تمرر الحساب، خاصة أن هذا اللاعب كان يمثل مصر، ولم يكن يمثل فصيلا فى مصر. ** نقلا عن جريدة الشروق المصرية