أخفق العصيان المدني ليوم الأربعاء في المحافظات الجنوبية عن تحقيق هدفه الرئيسي الذي ولد من أجله, فعلى الرغم من نجاح العصيان في إغلاق المحلات التجارية الخاصة لجميع المواطنين فأن الضرر قد أصاب وبصورة مباشرة المواطن والمستهلك الجنوبي, ولقد افقد العصيان الأسبوعي تعاطف المواطن الجنوبي مع الحراك السلمي وبات ينظر كثير من المواطنين الجنوبيين على أن العصيان يهدد مصدر قوت عيشهم اليومي مما قلل عند الكثيرين الرغبة في تأييد الحراك وأصبح المواطن ينظر للحراك وشباب الحراك بأنهم أشبه بالأعداء أو بلاطة الحراك على قول أحد المواطنين! وهم من ذلك أبرياء ولكن الشر يعم كما يقول المثل الشعبي. إن أهم ما يحتاجه الحراك الجنوبي السلمي في هذه الأوقات الحاسمة من نضاله السلمي هو تأييد وتشجيع المواطن الجنوبي على الإسهام ولانخراط في صفوف الثورة ودعوة المواطن للمشاركة والإسهام في فعاليات الحراك من مسيرات ومظاهرات مليونية لكن العصيان الأسبوعي الممل قد سد تلك الحاجة والرغبة لدى المواطن الجنوبي, وهنا اجزم بما لا يدع للشك من أن العصيان قد أضاع من شعبية الحراك الشيء الكثير وأفقده التأييد الشعبي الذي هو في أمس الحاجة إليه.
أصبح المواطن في الجنوب ينظر إلى يوم الأربعاء بأنه (ربوع البيضاء) في نظرة تشاؤمية بحته فنراه أي (الموطن الجنوبي) يلعن يوم الربوع وخصوصا إذا ما كان هذا المواطن من الذين تقطعت بهم السبل في ذلك اليوم هو مريض أو مرافق لمريض أو مسافر على عجل من أمره أو طالب علم حرم من دخول الامتحان بسبب تأخره لعدم توفر مواصلات النقل في ذلك اليوم, أما غيرهم فقد اعتبروه أي يوم (الأربعاء) إجازة أسبوعيه ولزموا فيه زوايا البيوت أو انشغلوا بأعمالهم الخاصة في القرى النائية حيث لا يشملهم العصيان وحمدوا الله الذي أسكنهم القرى ونجاهم من شر عصيان المدن!
إذا كان الهدف من العصيان هو الإضرار وتعطيل مصالح المحتل فأن ذلك لم يتحقق أطلاقا وإنما الضحية والخاسر هو المواطن الجنوبي أولا وأخيرا. لم نر أجهزة الدولة الحاكمة تحرك ساكن تجاه الحد من العصيان على عكس المسيرات والمظاهرات التي يتم التصدي لها بيد من حديد وهذا دليل على أن تلك الأجهزة لم ولن تتأثر من هكذا عصيان مدني.
لست ضد العصيان المدني في صورته المدنية الراقية, ذلك العصيان الذي يحقق الهدف المرجو منه والذي يكون في المدن الرئيسية الكبرى وفي مناسبات خاصة فقط, فمثلا قد يحدد عصيان بتوقيت معين بشرط ألا يكون في صورة دورية مستمرة كما هي حالة العصيان الأسبوعي المجحف في حق المواطن الجنوبي , أن العصيان المثمر يمكن الدعوة إليه في حالة وجود زيارة منظمات أو وفود دولية لتكون على دراية بواقع الحال وليتم نقل الصورة للعالم الخارجي ويمكن أن يحصل ذلك في بعض المناسبات الوطنية الجنوبية كما حصل في 21مايو يوم إعلان فك الارتباط أو كما يجب أن يكون في 22مايو للدلالة الكامنة على رفض الشعب الجنوبي لذكرى الوحدة المغدورة وعدم الاحتفال بها.
ندعو في هذا المقال إلى تبنى فكرة يوم المقاطعة لجميع المحلات التجارية للتجار الشماليين على الأراضي الجنوبية قاطبة مع أن تشمل هذه المقاطعة أيضا جميع البضائع الشمالية وتشمل أيضا مقاطعة القات في ذلك اليوم باعتباره أحد العادات السلبية الدخيلة على مجتمعنا الجنوبي كما أن مقاطعته أي (القات) ستكيد موردي القات من المناطق الشمالية خسائر فادحة.
نقترح على الإخوة في مجالس الحراك المسئولة سرعة رفع عصيان الأربعاء واستبداله بيوم مقاطعة من كل أسبوع يتبعه مقاطعة عامة لجميع المحلات التجارية الشمالية ولعل هذه المقاطعة تحقق الهدف الذي عجز عن تحقيقه عصيان الأربعاء الأسبوعي.