■■ لا أفهم رعب الغانيين من المنتخب المصري وحالة الهلع التي لا تفارقهم رغم تقدمهم الإكتساحي الذي لم يحلموا به نهائيا بستة أهداف في مباراة الذهاب التي حرصوا على إقامتها في كوماسي وليس العاصمة أكرا مبالغة في تعذيب المنتخب الضيف ، ورغم هذا الفوز الإسطوري الذي يعتبر الأول من نوعه في تاريخ لقاءات المنتخبين والذي حسم بدرجة تزيد عن 98% مصير التأهل لصالح الغانيين قبل مباراة الإياب بالقاهرة، فإنهم لا يزالون من أعلى رأس في دولتهم وحتى أصغر موظف في اتحاد الكرة يحاولون إثارة المزيد من المتاعب للمنتخب المصري وإتحاد الكرة المصري ودولة مصر. ■■ وربما نلتمس لهم العذر قبل مباراة الذهاب، حيث لم يتوقفوا عن الجري والإلحاح والسخافة في مطاردة الفيفا لنقل مباراة الإياب خارج مصر، وبعد فوزهم الذي لم يتوقعوه نهائياً ، قلنا أن نفوسهم هدأت وإطمئنت بعد أن أصبحت مباراة الإياب مجرد تحصيل حاصل ، ولكن يبدو أن الأمر أشبه بالحمى السخيفة التي تتعمد الإساءة لدولة كبيرة ورائدة في القارة السمراء بحجم مصر، والأسخف من كل ذلك والذي لا أجد له تفسيراً ولا تبريراً، هو سلوك جون دراماني ماهاما رئيس الجمهورية الغاني، الذي يبدو أنه غير منشغل بأي أمر من شؤون بلاده سوى بمنتخب كرة القدم وتخطي منتخب الفراعنة. ■■ ويبدو أن ماهاما الذي شغل منصب رئيس جمهورية غانا بالوكالة في يوليو 2012 بعد وفاة الرئيس المنتخب جون أتا ميلز، ثم فاز في ديسمبر الماضي بفترة رئاسية جديدة بنسبة 7'50% ،يعتبر المباراة فرصة ذهبية لرفع وزيادة شعبيته التي لم تظهر بشكل ملحوظ في الإنتخابات الرئاسية، ولذلك تفرغ لإدارة معركة المنتخب الغاني ضد نظيره المصري وبشكل بعيد كل البعد عن الروح الرياضية ، سواء من خلال حملات إعلامية او دبلوماسية او إتصالات من هنا وهناك للفوز بأي وسيلة، محاولاً تشويه سمعة دولة كبيرة بحجم مصر والإيحاء للفيفا بعدم مقدرتها على تأمين مباراة الإياب. ■■ ورغم الفوز الدرامي لمنتخبه بالستة في كوماسي، إستمرت حملة الإساءات التي قادها الرئيس الغاني بنفسه، فقد كلف عبيدي بيليه النجم الغاني الاسبق وكوفي عنان سكرتير عام الأممالمتحدة السابق، بالإتصال ببلاتر رئيس الفيفا وإقناعه بنقل مباراة الإياب خارج مصر ، ولما لم تفلح هذه المحاولة إتصل هو نفسه ببلاتر هاتفياً للضغط على الفيفا ، وفشلت هذه المحاولة أيضا ، ولكن مجمل هذه المحاولات أسفرت عن ضغوط شديدة من الفيفا على الحكومة المصرية ، التي وفرت كافة الضمانات الأمنية التي طلبها الفيفا ، وجاءت بعثة أمنية من الفيفا وبها بعض المسؤولين الغانيين للاطمئنان على الترتيبات الأمنية . ■■ ولم يكتف الرئيس الغاني "الفاضي" بكل ذلك ، فقد طلب من فريق من مسؤوليه الذين وصلوا مبكراً إلى القاهرة تقريراً أمنياً آخر ، ولم يأبه الرئيس المحترم لمرور مباراة نهائي دوري الأبطال بالقاهرة على خير بدون أي ضحايا ، وإستمر الرئيس الغاني في مسرحية الملل التي يديرها يومياً من قصر الرئاسة، فأصدر بالأمس بيانا إعلامياً يعرب فيه عن إستمرار شعوره بالقلق علي منتخب بلاده قبل وصوله إلي القاهرة ، ويعلن تحميل المسؤولية للفيفا وللحكومة المصرية إذا حدث أي سوء أو مكروه لمنتخب بلاده أو الجماهير التي سترافق المنتخب إلى القاهرة .. واسوأ ما في البيان المبالغة بمطالبته كبار مشايخ الدين الإسلامي ورأس الكنيسة في غانا بإقامة صلوات من أجل نجاة المنتخب الغاني من المصير المجهول الذي ينتظره بالقاهرة ! ■■ وللأسف لم تصدر أي تصريحات أو متابعات دبلوماسية من القاهرة تواجه خفة الرئيس الغاني و"لزوجة" تصريحاته وتخليه عن كافة الأعراف الدبلوماسية في التعامل مع دولة مصر.. وأيا ما كان فإنني أصبحت أستثقل ظل هذا الرئيس وكذلك صديقي السابق عبيدي بيليه الذي لن يعود صديقي بعد إسهامه في هذه الحملة الشرسة ثقيلة الظل ضد بلدي مصر.. وبصرف النظر عن التأهل للمونديال الذي فات عملياً منتخب بلادي ، فإنني أتمنى أن يفيق منتخب الفراعنة من غفوته ويلقن منتخب غانا درساً كروياً بليغاً لرد بعض الإعتبار لهزيمة الستة المهينة في كوماسي ولإسكات هذا الرئيس الذي صدعنا بثرثرته وتصريحاته وبياناته التي أرجو ألا تنفعه في معركة الإنتخابات المقبلة في غانا .