رئيس مؤسسة الإسمنت يتفقد جرحى جريمة استهداف مصنع باجل بالحديدة    المؤتمر الشعبي وحلفاؤه يدينون العدوان الصهيوني الأمريكي ويؤكدون حق اليمن في الرد    إسرائيل تقصف مصنع أسمنت عمران وكهرباء حزيز    توسّع في تعليق الرحلات الجوية إلى مدينة "يافا" بعد قصف مطار "بن غوريون"    إنتر ميلان يحشد جماهيره ونجومه السابقين بمواجهة برشلونة    الذهب والنفط يرتفعان مدفوعين بالمخاوف التجارية واقتناص الفرص    سلسلة غارات على صنعاء وعمران    إسرائيل تشن غارات على مطار صنعاء وتعلن "تعطيله بالكامل"    حصيلة الغارات الامريكية على اليمن خلال الساعات الماضية    العليمي يشيد بجهود واشنطن في حظر الأسلحة الإيرانية ويتطلع الى مضاعفة الدعم الاقتصادي    قاذفتان استراتيجيتان أمريكيتان B-52H تتجهان إلى المحيط الهندي    اسعار الذهب في صنعاء وعدن الثلاثاء 6 مايو/آيار2025    اسعار المشتقات النفطية في اليمن الثلاثاء – 06 مايو/آيار 2025    توقعات باستمرار الهطول المطري على اغلب المحافظات وتحذيرات من البرد والرياح الهابطة والصواعق    تسجيل اربع هزات ارضية خلال يومين من خليج عدن    حكومة مودرن    بعد 8 أشهر ستدخل المحطة الشمسية الإماراتية الخدمة    ريال مدريد يقدم عرضا رمزيا لضم نجم ليفربول    معالجات الخلل!!    أكاديميي جامعات جنوب يطالبون التحالف بالضغط لصرف رواتبهم وتحسين معيشتهم    أكسيوس: ترامب غير مهتم بغزة خلال زيارته الخليجية    تحديد موعد نهاية مدرب الريال    ماسك يعد المكفوفين باستعادة بصرهم خلال عام واحد!    تغيير رئيس الحكومة دون تغيير الوزراء: هل هو حل أم استمرارية للفشل؟    ودافة يا بن بريك    انقطاع الكهرباء يتسبب بوفاة زوجين في عدن    لوحة بيتا اليمن للفنان الأمريكي براين كارلسون… محاولة زرع وخزة ضمير في صدر العالم    لوحة بيتا اليمن للفنان الأمريكي براين كارلسون… محاولة زرع وخزة ضمير في صدر العالم    برشلونة يواجه إنتر وسان جيرمان مع أرسنال والهدف نهائي أبطال أوروبا    قرار رقم 1 للعولقي بإيقاف فروع مصلحة الأراضي (وثيقة)    بعد فشل إطلاقه.. صاروخ حوثي يسقط بالقرب من مناطق سكنية في إب    "مسام" ينتزع أكثر من 1800 لغم حوثي خلال أسبوع    شركة النفط توضح حول تفعيل خطة الطوارئ وطريقة توزيع البنزين    برعاية من الشيخ راجح باكريت .. مهرجان حات السنوي للمحالبة ينطلق في نسخته السادسة    رسالة من الظلام إلى رئيس الوزراء الجديد    الثقافة توقع اتفاقية تنفيذ مشروع ترميم مباني أثرية ومعالم تاريخية بصنعاء    من أسبرطة إلى صنعاء: درس لم نتعلمه بعد    وزير الصحة يدشن حملات الرش والتوعية لمكافحة حمى الضنك في عدن    الخليفي والمنتصر يباركان للفريق الكروي الأول تحقيق كأس 4 مايو    وزارة الشباب والرياضة تكرم موظفي الديوان العام ومكتب عدن بمناسبة عيد العمال    أرواحهم في رقبة رشاد العليمي.. وفاة رجل وزوجته في سيارتهما اختناقا هربا من الحر    مليون لكل لاعب.. مكافأة "خيالية" للأهلي السعودي بعد الفوز بأبطال آسيا    بيع شهادات في جامعة عدن: الفاسد يُكافأ بمنصب رفيع (وثيقة)    يادوب مرت علي 24 ساعة"... لكن بلا كهرباء!    قدسية نصوص الشريعة    صرخةُ البراءة.. المسار والمسير    متى نعثر على وطن لا نحلم بمغادرته؟    الاجتماع ال 19 للجمعية العامة يستعرض انجازات العام 2024م ومسيرة العطاء والتطور النوعي للشركة: «يمن موبايل» تحافظ على مركزها المالي وتوزع أعلى الارباح على المساهمين بنسبة 40 بالمائة    أول النصر صرخة    أمريكا بين صناعة الأساطير في هوليود وواقع الهشاشة    المصلحة الحقيقية    مرض الفشل الكلوي (3)    إلى متى سيظل العبر طريق الموت ؟!!    قيادي حوثي يفتتح صيدلية خاصة داخل حرم مستشفى العدين بإب    ريال مدريد يحقق فوزًا ثمينًا على سيلتا فيغو    أطباء تعز يسرقون "كُعال" مرضاهم (وثيقة)    مقاومة الحوثي انتصار للحق و الحرية    مقاومة الحوثي انتصار للحق و الحرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حدود دراسة المجتمعات العربية من منظور طبقي
نشر في عدن الغد يوم 23 - 11 - 2013


كرم الحلو *

كثيرة هي الدراسات التي تناولت البنية الطبقية للمجتمعات العربية، في محاولات مستمرة لرصد النشأة المبكرة للطبقتين العاملة والوسطى. ويزخر التراث العلمي العربي بدراسات متميزة في هذا المجال، لعل أبرزها تلك الصادرة عن مركز دراسات الوحدة العربية لحليم بركات وخلدون حسن النقيب ومحمود عبد الفضل ومحمد عبد الباقي الهرماسي وسواهم في ثمانينات وتسعينات القرن الماضي ومطلع هذا القرن. من نتائج تلك الدراسات أن البنية الطبقية العربية لم تبلغ حتى الآن حالة المجتمعات الطبقية الحديثة، وهي مفعمة بالتغير الدائم والدرامي في بعض الأحيان، إذ أن العالم العربي لا يمر بمراحل تطور واحدة أو متماثلة، ولا تزال بعض العلاقات التقليدية قبل الطبقية تصارع من أجل البقاء في معظم البلدان العربية. ما يجعل الحاجة إلى البحث العلمي الطبقي ضرورة دورية ملحة، ليس من أجل الرصد فقط، بل لكشف التحول أيضاً، ووضع السيناريوات والبدائل أمام صناع قرار التنمية في العالم العربي.

تأسيساً على هذه المقدمة تصدى أحمد موسى بدوي في كتابه «تحولات الطبقة الوسطى في الوطن العربي» (مركز دراسات الوحدة العربية- 2013) لمراجعة دور الطبقة الوسطى العربية في ماضيها القريب وحاضرها الاستثنائي ومستقبلها الذي لا يزال قيد التشكل، في محاولة للإجابة على الإشكالات المركزية التي تطرحها الدراسة التاريخية لهذه الطبقة. فما هي التحولات الحضارية، الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية، التي مرت بها منذ الاستقلال؟ كيف قارب التراث العربي مسألة الطبقة الوسطى؟ ما هي ظروف نشأتها وما هو موقعها داخل التركيب الطبقي العربي في الوقت الراهن؟ وهل من علامة بين هذه الطبقة واللحظة التاريخية التي يمر بها العالم العربي عقب انطلاق ثورات الربيع العربي؟

في رأي المؤلف أن التركيب الطبقي العربي يتضمن ست طبقات أساسية هي: الطبقة المركزية المتحكمة، والطبقة الوسطى المتنفذة، وتضم كل الذين يمارسون مهناً ذهنية معقدة ويتولون وظائف قيادية في الدولة، والطبقة الوسطى المستقرة وتضم أصحاب المشاريع الوسطى ولديهم عوائد لتجاوز المستوى المتوسط للمعيشة، والطبقة الوسطى الفقيرة وتضم كل الذين يمارسون مهناً فنية غير معقدة، والفئات اللا طبقية الكادحة. وفي استنتاجاته أن التركيب الطبقي العربي شهد حراكاً طبقياً جماعياً صاعداً في الستينات والسبعينات من القرن الماضي، ثم تغير بعد ذلك إلى الهبوط، وهو يشهد في اللحظة الراهنة إرهاصات مرحلة أخرى لم تتضح معالمها بعد، إذ لم تؤد التشكيلات الطبقية العربية إلى مأسسة الصراع الطبقي. ما حول الكفاح الطبقي إلى كفاح مشتت وفئوي يفتقد الاستراتيجية. وعلى رغم التناقضات الطبقية العميقة، فان البلدان العربية لم تشهد صراعاً طبقياً بالمعنى الدقيق حيث عجزت الطبقات كافة عن مواجهة الطبقة المركزية المتحكمة المتحالفة مع الطبقة الوسطى المتنفذة.

اعتمدت الدراسة ثلاثة مصادر رئيسة: تقارير التنمية البشرية الصادرة عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، التقرير الاقتصادي العربي الموحد، تقارير أجهزة الإحصاء والتخطيط الوطنية. وتوصلت إلى أن عدد الذين ينتمون إلى الطبقة الوسطى العربية يبلغ 146 مليون نسمة يمثلون 44,5 في المئة من العرب، يعيش منهم 80 مليوناً في البلدان غير النفطية و66 مليوناً في البلدان النفطية. ويتركز مئة مليون نسمة ممن ينتمون إلى الطبقة الوسطى في مصر والمغرب والسودان والسعودية والجزائر والعراق.

وقد ظهرت الطبقة الوسطى في المشرق العربي بدءاً من حقبة الإصلاحات السياسية والاقتصادية التي طبقتها الدولة العثمانية في القرن التاسع عشر، أما في منطقة الخليج فلم تنشأ إلا عقب تحول النشاط الاقتصادي إلى اقتصاد ريعي يقوم على استخراج النفط واستثمار عوائده، وهي خرجت إلى الوجود برعاية الأسر الحاكمة وبلا خلفيات صراعية جوهرية معها. أما في المغرب العربي فقد ظهرت الطبقة الوسطى بعد الاستقلال مباشرة من خلال تبني الدولة خططاً تنموية أحدثت حراكاً طبقياً جماعياً، وتشكلت الطبقتان الوسطى والعاملة في مصر بحلول القرن العشرين كنتيجة طبيعية لتوسع النشاط الصناعي والتجاري.

وإذا كانت الطبقة الوسطى قد تضخمت تضخماً مرضياً في بداية السبعينات، عقب الطفرة النفطية واستثمار الموارد في قطاعات الاقتصاد الخدمي والاجتماعي، فإنها بدأت تترنح في عصر العولمة حيث عملت اتفاقية الغات وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي على القضاء على النظم الإنتاجية في العالم النامي، حيث تحولت غالبية البلدان العربية نحو الاندماج في الاقتصاد العالمي، بنسخته الليبرالية المتوحشة، من دون تمثل شروطه المثلى، أي حرية السوق، والديموقراطية، والاستثمار الإنتاجي.

وإذ تطرق إلى موقع الطبقة الوسطى في ثورات الربيع العربي، رأى المؤلف أن الطبقة الوسطى كانت حاضرة بامتياز في الثورة المصرية، وقد امتلكت القدرة على توجيه الحركة الثورية. ويشير المشهد الصراعي الراهن في بلدان الربيع العربي الديموقراطي، إلى وجود استقطاب طبقي واسع النطاق، حيث الطبقة المركزية بتحالفها مع الطبقة الوسطى المتنفذة في طرف، والطبقات الوسطى المستقرة والفقيرة والعاملة والكادحين في الطرف النقيض.

في محطة نهائية توصل المؤلف إلى خلاصات أساسية:

أ – على عكس نشأة الطبقة الغربية، تعد القوة السياسية في العالم العربي، القائمة على العلاقات العرقية والطائفية والقبلية، أساساً لتوليد الثروة، ومنها تبلور التركيب الطبقي العربي الحديث، خلال فترة الحكم العثماني في بعض أقطار العالم العربي، وخلال الاستعمار الأوروبي في البعض الآخر.

ب – اتسم الربع الأول من القرن العشرين بازدهار الطبقة الوسطى في بلاد الشام وشمال أفريقيا، وبزوغ هذه الطبقة في بقية البلدان العربية.

ج – إذا كان السبب في الثورات العربية يتركز على الظلم الاجتماعي، فإن جميع المتغيرات الديموغرافية والاقتصادية، تشير إلى أن نقطة الانطلاق الافتراضية للربيع العربي، كان لا بد أن تكون اليمن أو مصر وليس تونس أو ليبيا.

د – بعد الفساد والظلم الاجتماعي في توزيع الثروة، وقمع الحريات، عوامل مشتركة حاضرة في كل ثورات الربيع العربي.

ه – تمتلك الطبقة الوسطى حضوراً في مستقبل بلدان الربيع العربي، يظهر بقوة في ليبيا وتونس ومصر، بينما يقل في اليمن لضآلة حجم الطبقة الوسطى اليمنية.

لا بد، ختاماً، من التنويه بالجهد البحثي الكبير للمؤلف، ومقاربته المدعمة بالإحصاءات والمقابلات الميدانية، للتحولات الاجتماعية في العالم العربي، وعلى الأخص تحولات الطبقة الوسطى العربية بوصفها صاحبة الدور المركزي داخل البناء الاجتماعي، الأمر الذي يسهم في استخلاص تصور نظري متماسك حول الظواهر الطبقية في العالم العربي، يمكن أن يؤدي إلى فهمها وتفسيرها على نحو مختلف، وهذا في حد ذاته يشكل إضافة على قدر من الأهمية في علم الاجتماع العربي.

* كاتب لبناني


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.