قد ينفرط عقد مجلس التعاون الخليجي ويتفرغ من مضمونه خلال أيام ، حيث أنه في الوقت الذي تضغط السعودية باتجاه تحويل المجلس إلى اتحاد متكامل يتستر بعباءتها ، عبر وزير خارجية سلطنة عمان يوسف بن علوي عن موقف بلاده الرافض لمشروع الملك عبدالله الهادف إلى تحويل المجلس إلى اتحاد متكامل بين الدول الست ، والتهديد بانسحاب عمان من المجلس في حال نجحت المحادثات في الوصول إلى اتفاق على مشروع الاتحاد . وقد جاء هذا الموقف العماني قبل أقل من يومين فقط على انعقاد المجلس في الكويت مدوياً .. ومن المتوقع أن يمثل "ضربة قاضية" لمشروع الملك السعودي . ومن دون شك أن لمواقف السعودية من قضايا معينة في المحيط الإقليمي تأثيراً سلبياً عليها كدولة كان يفترض أن تقوم بدور حيوي لحفظ التوازن في المنطقة بالتعاون مع مصر وبقية الدول العربية لمصلحة الأمة العربية عامة والخليج العربي خاصة . ومن تلك المواقف ، على سبيل المثال ، تحفظها من التخلص من السلاح الكيماوي السوري ، وموقفها من المعارضة في البحرين ، وكذلك دعمها لنظام القاعدة في صنعاء ضد الثورة التحررية في الجنوب العربي ومطالبة الشعب الجنوبي باستعادة استقلال دولته المحتلة . ولربما أن السعودية قد جرّت معها مواقف بقية الدول الأعضاء في مجلس التعاون على الرغم من اختلافها مع الموقف السعودي .
لقد نجحت السعودية في إقامة مجلس التعاون لدول الخليج العربية ليكون تحت هيمنتها بالتوازي مع مجلس جامعة الدول العربية الذي كانت تهيمن عليه مصر منذ تأسيسه ، لكنها لم تنجح في تحقيق أي مكاسب للدول أو الشعوب العربية في الخليج العربي عبر المجلس ولم تستطع على القيام بأي نوع من المواجهة مع التدخل الإيراني في الخليج ، أو تحرير الأرض أو المياه العربية التي تسيطر عليها إيران . ليس ذلك فحسب ، بل أن انعزال دول المجلس بالقرار والمال والموقف قد أثّر على فاعلية الدور والقرار العربي الذي كان على مجلس جامعة الدول العربية أن يلعبه خلال العقود الثلاثة الماضية .
لكنه لا يزال أمام السعودية الفرصة لمراجعة حساباتها ومواقفها السابقة لتصحيح الأخطاء في الأهداف الإستراتيجية ، والاستفادة من دروس النموذج الإيراني الذي نجح في أسلوب المقارعة للغرب وإسرائيل لتحقيق أهدافه وفرض وجوده في المنطقة بالثبات على الموقف واستخدام الإمكانات المادية والبشرية والدبلوماسية في المواجهة على الرغم من أن إيران لا تمتلك في كل ذلك ما تمتلكه دول مجلس التعاون .