المجلس الانتقالي وتكرار الفرص الضائعة    الكهرباء أول اختبار لرئيس الوزراء الجديد وصيف عدن يصب الزيت على النار    سحب سوداء تغطي سماء صنعاء وغارات تستهدف محطات الكهرباء    وزارة الكهرباء تُدين استهداف العدوان الصهيوني لمحطتي كهرباء ذهبان وحزيز    ارتفاع حصيلة العدوان الاسرائيلي على غزة إلى 52,615 شهيدا و 118,752 مصابا    البدر: استضافة الكويت لاجتماعات اللجان الخليجية وعمومية الآسيوي حدث رياضي مميز    الوزير الزعوري: الحرب تسببت في انهيار العملة وتدهور الخدمات.. والحل يبدأ بفك الارتباط الاقتصادي بين صنعاء وعدن    النفط يرتفع أكثر من 1 بالمائة رغم المخاوف بشأن فائض المعروض    الصحة: استشهاد وإصابة 38 مواطنًا جراء العدوان على الأمانة ومحافظتي صنعاء وعمران    رئيس مؤسسة الإسمنت يتفقد جرحى جريمة استهداف مصنع باجل بالحديدة    توسّع في تعليق الرحلات الجوية إلى مدينة "يافا" بعد قصف مطار "بن غوريون"    إنتر ميلان يحشد جماهيره ونجومه السابقين بمواجهة برشلونة    العليمي يشيد بجهود واشنطن في حظر الأسلحة الإيرانية ويتطلع الى مضاعفة الدعم الاقتصادي    إسرائيل تشن غارات على مطار صنعاء وتعلن "تعطيله بالكامل"    سلسلة غارات على صنعاء وعمران    اسعار الذهب في صنعاء وعدن الثلاثاء 6 مايو/آيار2025    صحيفة إسرائيلية: "أنصار الله" استخدمت صاروخ متطور لاستهداف مطار بن غوريون يتفادى الرادار ويتجاوز سرعة الصوت    اسعار المشتقات النفطية في اليمن الثلاثاء – 06 مايو/آيار 2025    حكومة مودرن    توقعات باستمرار الهطول المطري على اغلب المحافظات وتحذيرات من البرد والرياح الهابطة والصواعق    ريال مدريد يقدم عرضا رمزيا لضم نجم ليفربول    معالجات الخلل!!    أكاديميي جامعات جنوب يطالبون التحالف بالضغط لصرف رواتبهم وتحسين معيشتهم    تحديد موعد نهاية مدرب الريال    أكسيوس: ترامب غير مهتم بغزة خلال زيارته الخليجية    ماسك يعد المكفوفين باستعادة بصرهم خلال عام واحد!    ودافة يا بن بريك    انقطاع الكهرباء يتسبب بوفاة زوجين في عدن    لوحة بيتا اليمن للفنان الأمريكي براين كارلسون… محاولة زرع وخزة ضمير في صدر العالم    لوحة بيتا اليمن للفنان الأمريكي براين كارلسون… محاولة زرع وخزة ضمير في صدر العالم    برشلونة يواجه إنتر وسان جيرمان مع أرسنال والهدف نهائي أبطال أوروبا    قرار رقم 1 للعولقي بإيقاف فروع مصلحة الأراضي (وثيقة)    بعد فشل إطلاقه.. صاروخ حوثي يسقط بالقرب من مناطق سكنية في إب    "مسام" ينتزع أكثر من 1800 لغم حوثي خلال أسبوع    شركة النفط توضح حول تفعيل خطة الطوارئ وطريقة توزيع البنزين    برعاية من الشيخ راجح باكريت .. مهرجان حات السنوي للمحالبة ينطلق في نسخته السادسة    رسالة من الظلام إلى رئيس الوزراء الجديد    الثقافة توقع اتفاقية تنفيذ مشروع ترميم مباني أثرية ومعالم تاريخية بصنعاء    من أسبرطة إلى صنعاء: درس لم نتعلمه بعد    وزير الصحة يدشن حملات الرش والتوعية لمكافحة حمى الضنك في عدن    الخليفي والمنتصر يباركان للفريق الكروي الأول تحقيق كأس 4 مايو    وزارة الشباب والرياضة تكرم موظفي الديوان العام ومكتب عدن بمناسبة عيد العمال    مليون لكل لاعب.. مكافأة "خيالية" للأهلي السعودي بعد الفوز بأبطال آسيا    بيع شهادات في جامعة عدن: الفاسد يُكافأ بمنصب رفيع (وثيقة)    يادوب مرت علي 24 ساعة"... لكن بلا كهرباء!    قدسية نصوص الشريعة    صرخةُ البراءة.. المسار والمسير    متى نعثر على وطن لا نحلم بمغادرته؟    الاجتماع ال 19 للجمعية العامة يستعرض انجازات العام 2024م ومسيرة العطاء والتطور النوعي للشركة: «يمن موبايل» تحافظ على مركزها المالي وتوزع أعلى الارباح على المساهمين بنسبة 40 بالمائة    أول النصر صرخة    أمريكا بين صناعة الأساطير في هوليود وواقع الهشاشة    المصلحة الحقيقية    مرض الفشل الكلوي (3)    إلى متى سيظل العبر طريق الموت ؟!!    قيادي حوثي يفتتح صيدلية خاصة داخل حرم مستشفى العدين بإب    أطباء تعز يسرقون "كُعال" مرضاهم (وثيقة)    مقاومة الحوثي انتصار للحق و الحرية    مقاومة الحوثي انتصار للحق و الحرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المشهد السياسي الراهن في (الجمهورية اليمنية)) 1
نشر في عدن الغد يوم 06 - 03 - 2012


د/ سعودي علي عبيد

المقدمة
لم يكن واقع المجتمعات العربية – حتى نهاية العام 2010م – في حالة صحية جيدة. وبالعكس من ذلك تماماً، فإن المجتمعات العربية – وبدون استثناء – كانت حتى اندلاع المشهد السياسي في تونس - الذي أعقب حادثت محمد بو عزيزي - يعيش حالة من البؤس والجمود في مختلف مناحي الحياة: السياسية والاقتصادية والاجتماعية والفكرية، وغيرها.
وباليقين القاطع، لم يكن الشاب محمد بوعزيزي يدرك أن عمله اليائس – الذي أقدم عليه، وفقد فيه حياته – سيخلق مشهداً سياسياً جباراً، لطالما تمناه المجتمع التونسي المقهور. وقد نتج عن ذلك المشهد تغيرات هائلة، ليس أقلها سقوط سلطة زين العابدين بن علي، والقضاء على مشكلة توريث الحكم في تونس. وليس أكثرها أيضاً تأسيس مؤسسات سياسية(تنفيذية، تشريعية، وقضائية) منتخبة من الشعب. إلا أن هذا المشهد لم يكتمل. ذلك لأن أهداف هذا المشهد – أو "الثورة " - لم يكن مقصورا على ما ذكرناه من تغييرات. بل يتعدى ذلك إلى تأسيس دولة مدنية حديثة، منبثقة من إرادة الجميع، ومن أجل الجميع، ويتشارك فيها الجميع.

وبعد تونس لحقت كلٌّ من مصر وليبيا والبحرين والجمهورية اليمنية وسوريا. إلا أن لكلِّ دولةٍ من هذه مشهدها السياسي الخاص بها. كما أن لكلِّ مشهدٍ، سماته وظروفه وأهدافه الخاصة به. إلا ما يعنينا في هذه الدراسة، هو المشهد السياسي في الجمهورية اليمنية، الذي بدأ في مطلع فبراير عام 2011م، وانتهى في نوفمبر من العام نفسه. أما بقية المشاهد المذكورة، فقد عالجناها في دراستنا الموسومة ب " المشهد السياسي الراهن في البلدان العربية ".

ممهدات الانتقال من المشهد الأول إلى المشهد الثاني

قبل الخوض في تفاصيل هذا المشهد – الذي بدأ في مطلع فبراير 2011م – يمكن التذكير ببعض المحطات، التي سبقتْ هذا الحدث، وأهمها:
أولاً: إنه ومنذ العام 2006م، بدأ التصدُّع في كيان الأوليجاركية(الأقلية) الحاكمة. وكان أهم أسباب هذا التصدع، يرجع إلى إعلان علي عبد الله صالح عن عدم حاجته، عن أهم طرف في هذا التحالف الحاكم، وهم أسرة الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر. والمقصود بذلك أولاد الشيخ المرحوم الأحمر.

وقد بنى علي عبد الله صالح سياسته - بالتخلي عن تحالفه مع(آل الأحمر) - على بعض الاعتبارات غير الواقعية:
الأول: على اعتبارات سياسية، أهمها أنه قد صار ممسكاً – بما فيه الكفاية – بمقاليد السلطة السياسية بتكويناتها الثلاث: التنفيذية، والتشريعية، والقضائية. وأنه بتربعه على كرسي الرئاسة لأكثر من ثلاثين عاما، قد صار محصناً من أية تهديدات حقيقية على الحكم. وأنه باستيلائه على مؤسسات الدولة؛ المدنية والعسكرية والاستخباراتية، قد صار بمأمن من أي خطر، إلى آخر القائمة. ولهذه الاعتبارات، فإنه لم يعد بحاجة ماسة إلى حلفائه من (آل الأحمر). برغم أن التاريخ السياسي للجمهورية العربية اليمنية، يقول بأن وجود علي عبد الله صالح على رأس السلطة، لم يكن ممكناً إلا بفضل هؤلاء الحلفاء. وأن عدم وجود شخصية مؤهلة من بين أولاد الشيخ الأحمر – لصغر سنهم – هو ما دفع(الشيخ الأحمر) بتمكين الرائد علي عبد الله صالح، من الوصول إلى رئاسة الجمهورية العربية اليمنية إثر مقتل الرئيس أحمد الغشمي.

إلا أن المفجع، إن علي عبد الله صالح قد تناسى العديد من الحقائق، التي تقوِّي من المكانة السياسية للجانب الآخر(آل الأحمر)، ومنها مثلا:
1. إن أسرة (آل الأحمر) قد خبرتْ الصراعات السياسية، أكان في فترة حكم آل حميد الدين، أو في الفترة اللاحقة لها. أي خلال المراحل المتعاقبة للحكم الجمهوري.
2. إن عميد آل الأحمر – المرحوم الشيخ عبد الله بن حسين، قد تولى مهمة إقالة وتكوين الحكومات في الجمهورية العربية اليمنية، منذ قيام الحكم الجمهوري في 26 سبتمبر 1962م. وهذا يعني، أن الرجل كان لديه من القدرة والتأثير السياسي، ما جعله قادرا على القيام بهذه المهمة الصعبة، والتي هي سياسية في المقام الأول.
3. إن الحظ الذي أوصل علي عبد الله صالح إلى رئاسة الجمهورية العربية اليمنية - في عام 1978م - يعود أساسا إلى رغبة الشيخ عبد الله بن حسين في ذلك.
4. كما أن مكان أسرة(آل الأحمر) السياسية، قد تعززت أكثر بعد تأسيس حزب التجمع اليمني للإصلاح (حزب إسلامي)، والذي صار بمثابة مؤسسة سياسية تملكها أسرة آل الأحمر. ومن المؤكد أن علي عبد الله صالح، قد خلق أحد وسائل حتفه، منذ اللحظة التي أومأ بها إلى الشيخ عبد الله بتأسيس هذا الحزب. وهو بذلك يكون قد وفَّر له الإمكانات المطلوبة لذلك. علماً بأن هدف علي عبد الله صالح من هذه الخطوة، كان مختلفاً. وذلك بحسب ما ذكره المرحوم الشيخ في مذكراته.
5. وأخيرا، لا يمكننا أن ننسى ذلك الحضور المؤثر للشيخ في البرلمان. أكان من خلال ترأسه للبرلمان حتى وفاته، أو من خلال الكتلة البرلمانية التي تتبعه قبلياً وحزبياً.

الثاني: على اعتبارات اقتصاديه، يمكننا تلخيصها من خلال اعتقاد علي عبد الله صالح، بأنه - ومن خلال الثروة الهائلة التي كونها بطرق غير مشروعة – قد صار قادرا على إزاحة الكل عن طريقه، بما فيهم حلفاءه آل الأحمر. وهو – كما فعل في الجانب السياسي - قد تناسى أن أسرة آل الأحمر، ليست من الأسر الفقيرة. ولكنها تملك من الثروة الكثير. وإذا كانت كلُّ ثروة علي عبد الله صالح، قد تكونت بعد صعوده سدة الحكم - وخاصة بعد وحدة الجمهورية العربية اليمنية مع الجنوب في مايو 1990م - أي أن المصدر الحقيقي لهذه الثروة، هو سلب ونهب ثروات الجنوب. فإن مصادر أسرة آل الأحمر متعددة، وهي خليطٌ من هذه وتلك.

فباعتبار أن الشيخ عبد الله بن حسين، كان يقف على رأس قبيلة حاشد، فيعني ذلك أن الرجل لم يكن فقيراً. كما أن الشيخ عبد الله - ومنذ اتفاقية جده عام1970م - قد صار الشخصية الرئيسية التي أعتمد عليها النظام السعودي، في تمرير سياساته في الجمهورية العربية اليمنية أولاً، ثم الجمهورية اليمنية بعد الوحدة الاندماجية. ومن المؤكد بأن هذا الدور كانت له تكلفته الباهظة، التي تولَّت المملكة السعودية دفعها بسخاء.
ويعني هذا، بأن الرجل قد تكونت لدى ثروة طائلة من تلك الأموال السائلة، التي حصل عليها مقابل هذا الدور. والمصدر الثاني، هو ما تحصلتْ عليها هذه الأسرة من ثروة الجنوب، مقابل اشتراكها ودعمها لعلي عبد الله صالح في حربه واحتلاله للجنوب، وفي نهب ثروات الجنوب. وقد حصلتْ على ذلك من خلال الدخل الريعي، والجعالات، وعقود المقاولات المزورة، والأموال السائلة الكبيرة من عائدات المساحات الشاسعة من الأراضي، التي منحها علي عبد الله صالح لهذه الأسرة.
أما المصدر الأخير لثروة آل الأحمر، فهو تشغيل ما تكوَّن لديهم من ثروة في الأعمال التجارية والاستثمارية. مع أن المصادر الأساسية الذي قامت عليه هذه الأعمال – وهي الثروة - تعتبر غير شرعية.
الثالث: على اعتبارات اجتماعيه، أهمها أن القبيلة لم تعد تمتلك ذلك الزخم والعنفوان، بحيث تجعلها قادرة على التأثير في الأحداث السياسية كيف ما أرادت. ومن المؤكد بأن على عبد الله صالح، كان يشير بذلك إلى الدور الذي كانت تقوم به قبيلة حاشد، برئاسة الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر. وبما يعني أساسا، أن أسرة الشيخ عبد الله، لم تعد قادرة على لعب ما كانت تقوم به من أدوار، بدءاً من اللحظة التي وصل فيها (صالح) إلى الحكم.
وإذا تساءلنا عن منطلق هذا الحكم - الذي توصل إليه علي عبد الله صالح - فإننا نرجِع ذلك إلى الآتي:
1. اعتقاده بأن شكل الحياة المدنية - التي حدثت في مناطق الجمهورية العربية اليمنية – منذ قيام الحكم الجمهوري حتى عام 1990م، ومنذ الوحدة الاندماجية حتى الآن - قد غيَّرتْ من وعي وسلوك القبيلة في هذه المناطق. إلا أن الواقع يقول بأن ما حدث، ليس سوى قشور الحياة المدنية.
2. اعتقاده بأن الأحزاب السياسية، قد عملت على إضعاف القبيلة. ولكنه تناسى أن هذه الأحزاب، قد وقعت – هي الأخرى - أسيرة في قبضة القبيلة، أكان في تكوينها القاعدي أو القيادي. وأوضح دليل على ذلك، ما نراه في حزب التجمع اليمني للإصلاح، وذلك من حيث ارتهانه بيد قبيلة حاشد.
3. اعتقاده بان ظروف ما بعد الوحدة الاندماجية في مايو 1990م، قد حدَّتْ من اندفاع وقوة القبيلة في مناطق الجمهورية العربية اليمنية. ومن ثم أدتْ إلى ضعف تماسكها. إلا أن العكس هو ما حدث، حيث جرى تصدير الأمراض المتعددة للقبيلة هناك، إلى أراضي الجنوب.
4. اعتقاده بأن انشغال القبيلة ورموزها، بالأعمال التجارية والمقاولات وامتلاك الشركات وغيرها، كلُّ ذلك قد أدَّى إلى إضعاف الروابط الاجتماعية في القبيلة من جهة، أو بين المكونات القبلية من جهة ثانية. إلا أن الواقع يؤكد، بأن هذه المستجدات - ذات الطابع الاقتصادي – قد عملتْ على تقوية القبيلة بشكل أكثر. ومرد ذلك يعود إلى أن رؤساء القبائل، هم المستفيدون الوحيدون من هذه المستجدات.
ثانياً: تكوين تكتل أحزاب اللقاء المشترك

نتيجة لتصدع تحالف الأوليجاركية (الأقلية) الحاكمة، وعندما شعرت أسرة آل الأحمر بالأخطار، التي يحيكها لها علي عبد الله صالح، فكرت جيداً بالأمر. ومن أجل ذلك، عملت لتوفير الوسائل الممكنة لدرء هذه الأخطار، أو على أقل تقدير تفاديها أولاً.
ولتحقيق هذه المهمة، فقد قادها تفكيرها إلى إشراك آخرين معها. ولتحقيق هذه الشراكة، كان من الضروري من تكوين تحالف سياسي ضد علي عبد الله صالح. وقد تجلَّى ذلك في تأسيس " تكتل أحزاب اللقاء المشترك "، الذي جمع بداخله عدداً من الأحزاب السياسية، التي تعارض سياسة علي عبد الله صالح، وحزبه المتمثل في المؤتمر الشعبي العام.
وكان تأسيس هذا التكتل من السهولة بمكان، حيث تولى حزب التجمع اليمني للإصلاح هذه المهمة، وذلك بسبب إمساك أسرة آل الأحمر بمفاصل هذا الحزب من نواحي متعددة، وأهمها أن مؤسس تجمع الإصلاح، هو الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر. وكان أيضا رئيسه حتى وفاته في عام .....م. ناهيك أن عدداً من أولاد الشيخ، هم من قيادة هذا الحزب. وإن كان بعضهم قد انتمى إلى حزب الرئيس صالح – حزب المؤتمر الشعبي العام – وذلك لزوم الحاجة والضرورة.
ثالثاّ: الانتخابات الرئاسية في عام 2006م.
قبل هذه الانتخابات، كانت تبرز على الدوام جملة من المشكلات السياسية الهامة إلى السطح. وغالباً ما كان يتم تجاوزها أو تناسيها. وذلك عندما كان الحلف المقدس بين أسرة آل الأحمر متماسكاً، وعلى وفاق. ولكن عندما بدأ الهون والتفتت في هذا الحلف، شرع الجانب الخاسر بالمطالبة بتطبيق مبدأ التداول السلمي للحكم. ولذلك فقد كانت انتخابات عام 2006م، هي أول انتخابات تنافسية يجري فيها التنافس بين علي عبد الله صالح، مرشحا عن حزب المؤتمر الشعبي العام، والمهندس فيصل بن شملان مرشحا عن أحزاب تكتل اللقاء المشترك، الذي يحتل حزب التجمع اليمني للإصلاح، مركز الثقل والصدارة فيه. وقد فاز فيها الأول، وذلك بحسب النتائج التي أعلنتها اللجنة العليا للانتخابات حينئذ.


وبرغم تلك النتيجة، إلا أن ما يلفت الانتباه هو الآتي:
1. إن الصدام بين الأوليجاركية الحاكمة – علي عبد الله صالح، وأسرة آل الأحمر – قد وصل إلى نقطة اللاعودة.
2. إن علي عبد الله صالح، لم يعد يمتلك الإجماع الشعبي، أو حتى الأغلبية المطلقة. وهذا ما أكدته الحملة الانتخابية المضادة لصالح في انتخابات 2006م.
3. إن سلطة علي عبد الله صالح، صارت على المحك.

رابعاً: حروب صعده.
بدأت سلطة علي عبد الله صالح حربها على مواطني صعده، التي استمرت لست جولات حتى نهاية عام 2010م.
خامساً: الثورة الشعبية السلمية في الجنوب:

وهي التي بدأت في عام 2007م. وقد حدد شعب الجنوب هدفه باستعادة دولته، التي أتحدت مع دولة الجمهورية العربية اليمنية في 22 مايو 1990م. وتكونت نتيجة ذلك دولة جديدة، هي الجمهورية اليمنية. إلا أن مشروع الوحدة هذا، قد فشل. وذلك عندما شن علي عبد الله صالح، الحرب على الجنوب في صيف 1994م. وكان من نتائجها المباشرة احتلال الجنوب وضمه، والاستيلاء على ثرواته.
سادساً: الحرب على الإرهاب.
بعد أن هُزم تنظيم القاعدة – أو حتى ضعف – في أفغانستان، ذهب هذا التنظيم يبحث عن بيئة مناسبة أخرى له. فكانت هذه البيئة، في كلٍّ من العراق، والجمهورية اليمنية.
وبغض النظر عن عدم انسجام القوى، التي ظهرت في مواجهة سلطة علي عبد الله صالح – أسرة آل الأحمر، أحزاب المعارضة، الحوثيون في صعده، وشعب الجنوب – إلا أنهم خلقوا مشكلة حقيقية لسلطة(صالح)، يتطلب إيجاد المعالجات لها. علماً بأنها مشكلات متعددة ومختلفة من حيث المضامين والأهداف. إلا أن مأساة علي عبد الله صالح، أنه لا يريد أن يقتنع بان هناك مشكلات معقدة، قد برزت أمام حكمه، وأنها تتطلب حلولاً مناسبة. ولذلك فقد اختار الحلول العسكرية والأمنية، بهدف تصفية خصومه. ويبدو أن الرجل، قد اعتمد على كلٍّ من الدعم الإقليمي والدولي.

أما الدعم الإقليمي فتتزعمه السعودية – ومن وراءها أغلبية الدول الخليجية – وذلك مقابل؛ أولاً أن (صالح)، لا يشكل أية خطورة على محيطها الإقليمي، باعتبار أن نظامه السياسي لا يختلف من حيث جوهره عن الأنظمة الخليجية. بمعنى أنه نظام استبدادي، وأنه يعمل على توريث الحكم. أما الشيء الآخر، فهو أن (صالح) قد قدَّم خدمات كبيرة لبعض دول الجوار - وخاصة السعودية وعمان - وأهمها ترسيم الحدود، وبما أتاحته عملية الترسيم من استقطاع مساحات كبيرة لصالح هاتين الدولتين.
أما الدعم الدولي ، فتتزعمه الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك مقابل شيئين: الأول، هو تعاون نظام علي عبد الله صالح فيما يخص محاربة الإرهاب، والذي نجح(صالح) في حصر هذه المهمة به شخصياً، وبأفراد من أسرته. وبما يعني أيضاً، استحواذ(صالح) وأسرته على الدعم المالي، الذي تدفعه الحكومة الأمريكية لتغطية هذا النشاط. كما استطاع(صالح) أن يلعب بهذه الورقة، من خلال الاحتفاظ شخصياً، بكل المعلومات الخاصة بهذه المسألة.

أما الشيء الآخر، فهو مقابل التسهيلات السخية، التي قدمها(صالح) للشركات الأمريكية، في مجال التنقيب على النفط والغاز. ولذلك لا نستغرب إذا ما عرفنا، أن المرشح الجمهوري للانتخابات الرئاسية القادمة في أمريكا، قد عبَّر عن اعتراضه للضغوط، التي تمارسها الإدارة الديمقراطية الحالية على (الصديق) علي عبد الله صالح.
ويمكننا القول، بأن الأزمة السياسية ظلت مراوحة في مكانها، وذلك بفضل الدعم السياسي والاقتصادي، الذي تقدمها – لصالح – مجموعة من الجهات ذات المصلحة المتبادلة معه.

ولزيادة الضغط على(صالح)، عملت أسرة آل الأحمر على تكوين جماعات ضغط، كان أهمها " مجلس الحوار الوطني"، الذي يرأسه الشيخ حميد الأحمر. و" مجلس التضامن الوطني" الذي يرأسه الشيخ حسين بن عبد الله بن حسين الأحمر. ناهيك عن مجلس اتحاد القبائل، الذي يرأسه الشيخ صادق بن عبد الله بن حسين الأحمر، شيخ مشايخ حاشد.

وإذا استثنينا الأهداف التي يرفعها الجنوبيون والحوثيون، فإن أهداف التكتلات الأخرى: تكتل اللقاء المشترك ومجلس الحوار الوطني، ومجلس التضامن الوطني، واتحاد القبائل - والتي تقع جميعها تحت قيادة وتأثير أسرة آل الأحمر - فإن الأهداف هنا، تتمثل في:
1. زيادة عملية التحشيد ضد علي عبد الله صالح، باتجاه تقليل قاعدته الجماهيرية.
2. صياغة قانون انتخاب جديد.
3. تصحيح السجل الانتخابي.
4. خلق أرضية صحية للانتخابات.
5. إجراء انتخابات برلمانية، ورئاسية صحيحة.
6. عدم توريث الحكم.
7. تحقيق مبدأ التداول السلمي للسلطة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.