تستهلُ علينا المحن بلا إنذار يُذكر حتى باتت كنسمة هواء لا يستطع المرء أن يرحب بها ولكنه مجبورٌ على استنشاقها لأنها حاصل تحصيل ولربما نسمةٌ مخصصةٌ له لا ترتاح إلا بوصولها إلى أعماقه، وتبقى النفس البشرية ومدى استقبالها لتلك النسمات المتفرقة في حياتنا على سبيل الرضا تارة وعلى سبيل الرفض تارة أخرى. وما أكثر الرفض لدينا وعندنا في فلسطين بشكل عام وفي غزة الحبيبة بالأخص واللذيذ في الموضوع أن الرفض يُولِد ضيقاً يتخلله عبثاً مصطنعاً لتنتهي معادلة الرفض ب "تربُيع" الضيق وتجسيده على أرض الواقع واشتداد الاختبارات وارتفاع نسبة الرسوب في تلك الاختبارات في جميع الصفوف فمن الطلاب مَنْ يعشق الرسوب بلا أدني سبب ويبدأ الإبداع لديه في تهويل وتجسيد معاناة تفوق الرسوب هماً وألماً ودمعاً وكأن الأمر عقيم الحل! والدنيا لا يملأها إلا حزن الرسوب.
والغريب أنه ينسى أن للدنيا رب كريم يفوق بكرمه أعظم مما يتخيله العقل البشري من جوهر الكرم ذاته ومن الطلاب مَنْ لا ينكر الرسوب والنجاح ولا ينكر أيضا أنه يحدد لنفسه أحد الطريقين والمؤلم لدى هذا النوع عدم الاستقرار فينتظر الاستقرار وهنا يظهر مدى صبره وقوته ورجاحة عقله وعِظَم إنسانيته في هذه الفترة الغير عادية وحيث أن لا عذراً يمكن أن يلتمسه لنفسه إن استسلم للرسوب لاحتمال الفور بخيار آخر ألا وهو النجاح وأي نجاح نجاح مغمس بقهر آهات كانت لا ترى إلا موتها ومن الطلاب مَنْ يستدرك نفسه ويتفنن في اجتياز الاختبار ويكون حليفه النجاح بالفعل وأظنه محبوباً من الله لأنه اكتسب الصبر والعلم معاً ,
وبعد ذلك مهما واجه من المحن لن يرسب بإذن الله جل في علاه فهذا النوع هو القوة المطلقة الذي يخرج منها القادة التي لا تعرف إلا التحرير مهما كلف الأمر ولا يشعر إلا بالفخر حتى وإن كان الواقع عجزاً.