" إن لدينا ميراثا آل إلينا من الدولة العثمانية إنهم يقولون هم العثمانيون الجدد نعم نحن العثمانيون الجدد ". هكذا اختتم كلامة ( احمد داود اوغلو ) مع نواب حزب العدالة و التنمية في لقاء دار بينهم في 23 نوفمبر 2009م و اعاد هذا التصريح الكثير من الذكريات الجميلة و حنين الماضي خاصة للإسلاميين سواء في ارض العثمانيين او ارض العرب .
وتعالت الخطب مدحا في حزب العدالة و التنمية و شعرا فى خليفة المسلمين فى القرن الواحد و العشرين رجب طيب اوردغان و حكومتة . الى ان حدثت مجزرة سفينة مرمرة و التى قتل على اثرها تسعة اتراك برصاص اسرائيلى و انتفضت اسطنبول بمظاهرات التنديد بالكيان الصهيونى و انتظر الجميع من عشاق الخليفة اردوغان رد فعلة ليخرج علينا يطلب بكل خجل بان " الاعتذار من الجانب الاسرائيلى يكفى " فى موقف تعجبة الكثيرين عن اوردغان التى اصبحت حلقات امجادة على قناة الجزيرة اطول من حلقات مسلسل نور و مهند الى ان جاء اعتذار اسرائيلى عبر الهاتف منذ اسابيع قليلة عبر ذلك الاعتذار عن شكر و تقدير اسرائيل لتركيا لدورها فيما يحدث فى سوريا الان اكثر من الاهتمام و التركيز على قضية سفينة مرمرة ذات نفسها . فدعونا نقرأ ونتأمل حقيقة الخليفة اردوغان فبعد تولى حزب العدالة و التنمية الحكم في 2003م حدث تقارب نوعا ما بين تركيا و سوريا ( الممانعة ) املت امريكا من خلاله في حليفتها بالناتو ان تستكمل مشوار الضغط على بشار الاسد بعد ان فشل وزير الخارجية الأمريكي كولن بأول في تحجيم بشار الاسد ضد ربيبتها اسرائيل بالتوقيع على كافة بنود مذكرة " شروط الابقاء " في 2003م .
وبالفعل لم يكذب نظيرة حفيد العثمانيين وزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو خبرا فقام باستكمال المشوار بداية من عام 2006م حتى 2010م و لكن كلها بائت بالفشل الى ان قامت الاحداث الاخيرة في سوريا فكان لتركيا من اليوم الاول استكمال لمشوار اوغلو ولكن ليس بنفس الطريقة السياسية القديمة و لكن بطريقة حلف الناتو فأصبحت عناصر المخابرات التركية منتشرة في المناطق المشتعلة لتوجيه العناصر الجهادية الوافدة من الخارج التي تمر الى سوريا عن طريق الحدود التركية ويتم تسلحيهم و تدريبهم ثم توالت الاستفزازات التركية في يونيو 2012م باختراق مقاتلة جوية للحدود السورية كانت تطير على مستوى منخفض مما يسهل من رادارات الدفاع الجوي السوري من التقاطها واسقاطها بسهولة .
وهذا ما فسرة كثير من المحللين بان تركيا كانت تريد معرفة مدى يقظة الدفاعات الجوية السورية وهنا يجب ان نفكر لماذا تفعل تركيا هذا ولصالح من ؟ فاذا تعمقنا بالنظر اكثر داخل الخريطة التركية سنجد الحل فسنجد اكبر قوات لحلف الناتو بمنطقة الشرق الاوسط تجد داخل تركيا عن طريق قواعد عسكرية للناتو مترامية الاطراف في جميع انحاء تركيا بداية من قاعدة الاسكندرون مرورا بقواعد سيلفلي وانقرة الجوية وبلياري وانجرليك و قاعدة سيونوب وبيرنكيك وكارنمابردن وصولا الى قاعدة أزمير الجوية هذا بجانب حق الولاياتالمتحدةالامريكية في استخدام كل المطارات والموانئ وانشاء اجهزة الانذار المبكر والرصد والرادارات .
وعند ذكر كلمة رادارات يجب ان نتذكر منظومة الرادارات التي وضعتها امريكابتركيا لكي تغطى جميع دول الاقليم ليس بهدف حماية الأراضي التركية و انما لحماية اسرائيل كما صرح قائد اسطول القوات البحرية الامريكية في البحر المتوسط عندما قال " ان هذه الرادارات مهمتها ارسال اشارات الاستشعارات المبكرة للبواخر الامريكية التي تقف في عرض البحر لحماية اسرائيل لان الرادارات التي توجد على البواخر الامريكية مداها لا يتجاوز 250 كم لكن رادارات على مستوى جبال طوروس او جبال تركيا فهي تسطيع رصد أي صاروخ يخرج من سوريا او ايران و ارسال استشعارات للبواخر التي تحمل منظومة صاروخية للدفاع عن اسرائيل ".
واذا نظرنا لسياسة اردوغان مع منافسيه بداخل تركيا خاصة مع رئيس حزب الشعب الجمهوري " كمال كيليتشدار اوغلو " فسنجد سياسة الاقصاء و الدكتاتورية الواضحة لكل مخالف في الرأي فقد رفع كيليتشدار العديد من الدعاوى في قضايا فساد ضد حزب العدالة والتنمية وخاض مناظرات تلفزيونية عديدة علنية مع قادة من حزب العدالة والتنمية السابقين ابرزهم ( دينغير مير ) في 2008م فحققت لكيليتشدار شهرة واسعة لدى الجماهير التركية و اعجاب كبير عند الخبراء و المحللين السياسيين فكانت خطوات كيليتشدار في عالم السياسة تقلق بشدة اردوغان و لم يجد حلا للتخلص من غاندي تركيا كما يلقب كيليتشدار ألا بلعب على وتر العاطفة و الدين و هو يتكلم في المؤتمرات الجماهيرية الانتخابية و يشير على كيليتشدار بانه من اتباع المذهب العلوى لكسب جماهير اكثر من الشعب ذات الاغلبية السنية .
ثم ذادت سخونة الحرب بينهم في الفترة الحالية على خلفية ما يحدث في سوريا فكان الانتقاد العنيف من كيليتشدار مصرحا في الاعلام التركي : " ان تركيا تدار بصورة سيئة لأنه تدار بتعليمات من الخارج و ان امريكا قد احتلت العراق وسقط عشرات آلاف القتلى ومع ذلك لم تخرج أية إدانة من حكومة اوردغان أما اليوم فتوجد صدامات في سوريا وتحولنا الى طرف فيها إن أوردغان ركب حصان الغرب ضد سوريا ومن يركب هذا الحصان يسقط عنه لا محالة.
فكان رد احمد داود اوغلو باتهام كيليتشدار بالعمالة وأنه ينحاز لبشار لكونه علوى مثلة مع العلم ان كيليتشدار شخص شديد العلمانية لا ينظر للسياسة بالمذاهب الدينية و انما بمصالح الدولة و شعبها و ألا لما اصبح رئيس الحزب الذى أسسه مصطفى كمال اتاتورك فتلك التصريحات العنصرية التي اعتاد علية قادة الحكومة التركية ذات الطابع المذهبي هو شيء غير مسبوق و ليس بطبيعي في دولة اتاتورك العلمانية .
وكل هذا لم يكتب بعد الفصل الاخير من تصرفات الحكومة الاردوغانية تجاه معارضيها ففي اواخر شهر اغسطس 2012م تم منع النائبان عن حزب الشعب الجمهوري " خورشيد غونيش " و " سليمان شلبي " من دخول معسكر آبايدين للاجئين السوريين في منطقة الاسكندرون بعد تلقى شكاوى من الأهالي و خوفهم من تنفيذ العناصر الجهادية الوافدة من الخارج أي هجمات عليهم خاصة ان سكان تلك القرى التركية من العلويين وما كان من النائبين إلا أن قررا أن يذهبا إلى المعسكر لكن المسؤولين عنه رفضوا دخول النائبين بناء على تعليمات وزارة الخارجية والاستخبارات التركية و اصبحت مستشفيات تلك القرى التركية في خدمة اللاجئين من سوريا و مخصصة لتدريب عناصر القاعدة و مسموحة لقيادات العدالة و التنمية فقط .
والان يجد اردوغان نفسة في حيرة فبعد كل خطوة عنترية يتراجع من اول سفينة مرمرة مرورا بإسقاط الطائرة التركية وصولا الى التلميح عن حرب ضد سوريا والتي خرج بعدها اوغلو بتصريح على غرار المواقف السابقة بان " موافقة البرلمان التركي على العمليات العسكرية خارج الحدود ليس اعلانا للحرب "
فكما صدر اردوغان بسياسة الوهم لرؤساء الدول المجاورة في الاقليم بان تركيا عادت للعالم العربي والإسلامي عند بداية تولية للحكم كذلك صدر لشعوبنا الوهم ايضا عن طريق اعلام مضلل خدعنا كثيرا و مازال يخدعنا فالخليفة العثماني الجديد ما هو الا ان ركب جواد امريكا وهو نفس الجواد الذى ركبة بيرفيز مشرف رئيس باكستان و مانويل نورييجا رئيس بنما و محمد رضا بهلوي شاه إيران و فرديناند ماركوس الرئيس الفلبيني و غيرهم من الكثير و نهايتهم كانت واحدة فعلينا ان نفيق من الغيبوبة و الاوهام التي صنعها لنا الاعلام المضلل رغبة منه في ترسيخ فكرة زعماء ما بعد التغيير في العالم العربي سيسيرو مثل اردوغان خاصة و انهم جميعا من احزاب تنتمى للتنظيم الدولي للإخوان فتعجل كل حاكم جديد في وطننا العربي في تقليد اردوغان بداية من اطلاق مشاريع النهضة الوهمية الى الدعوة لتحرير القدس بصلاة فجر مليونية .
و كل ما سبق قد ذكرته منذ عامين و لذلك لا اتعجب مطلقا مما يحدث الان بميدان " تقسيم " و كل ميادين و شوارع تركية فكل العوامل الخارجية و السياسات الداخلية بالدولة التركية كانت تنبئ بذلك البركان القادم فكاس الربيع ستدور و قد جاء الدور على اردوغان ان يذوقة كما اذاق غيرة و لن يتوقف الكاس حتى يشرب منة الجميع و قريبا سنعرف من علية الدور بعد اردوغان و لن يشفع لك يا عزيزي نفطا او قواعد امريكية و الايام تدور .